تونس-الصباح: ينظر مجلس النواب خلال الأيام القليلة المقبلة في مشروع قانون توجيهي يتعلق بالتعليم العالي. "الصباح" تحصلت على نسخة من مشروع القانون ننشر في ما يلي أهم تفاصيله خصوصا في ما يتعلق بأبرز أهدافه ومضامينه على غرار إرساء منظومة للتقييم وضمان الجودة والاعتماد ومراجعة هيكلة الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي ودعم جودة التكوين ونجاعة التصرف مواكبة للمعايير الدولية في هذا المجال. علما وأن جزئيات وتفاصيل الإصلاحات الواردة بمشروع القانون سيتم تدقيقها وضبطها في إطار أوامر ترتيبية. يتيح مشروع قانون التعليم العالي حسب ما جاء بوثيقة شرح الأسباب مواكبة المعايير الدولية في مجال التكوين من حيث هيكلته العامة وأهداف كل مرحلة من مراحله وذلك بالتحول إلى نظام "إمد"(إجازة-ماجستير-دكتوراه). دعم جودة التكوين وإرساء الآليات اللازمة لضمان الجودة تأمينا لاكتساب الطالب خلال مسلكه الدراسي للكفاءات العلمية والمهارات التكنولوجية، إحكام توزيع الصلاحيات بين الجامعات ومؤسسات التعليم العالي التابعة لها ودعم اللامركزية مع الإبقاء على الطابع الوطني للشهادات وتأكيد دور الإدارة المركزية في التنسيق والمتابعة. ويهدف مشروع القانون التوجيهي للتعليم العالي إلى دعم نجاعة التصرف في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي حسب متطلبات الجودة، بما يخول أقصى قدر من الترشيد لاستعمال الإمكانيات والتوظيف الأجدى للقدرات المتاحة من موارد بشرية وتجهيزات علمية وهو ما يتطلب إرساء الآليات المناسبة لإضفاء مزيد من المرونة والشفافية في التصرف مع دعم المساءلة اللاحقة وإرساء نظم التصرف حسب الأهداف. ويتيح مشروع القانون إقرار مبدا التعاقد بين الوزارة والجامعات أسلوبا لتعزيز مساهماتها في التنمية الاقتصادية وذلك بتحديد الأهداف وضبط التزامات الطرفين في مجال التمويل وتعبئة الموارد الذاتية وتوفير الأسس الموضوعية للتقييم والمساءلة اللاحقة، فضلا عن توفير السبل الملائمة لشراكة شاملة بين الجامعات والمؤسسات الاقتصادية التونسية ومع الجامعات الأجنبية خاصة في إطار الشهادات المشتركة والإشراف المزدوج على رسائل الدكتوراه. إقرار التحول إلى نظام «إمد» ويهدف القانون التوجيهي المقترح إلى بيان الأهداف الأساسية للتعليم العالي وإقرار التحول إلى نظام "إمد" مع الإبقاء على خصوصيات التكوين في بعض الاختصاصات، وذلك تماشيا مع التوجهات الدولية الكبرى وخاصة بالاتحاد الأوروبي من خلال إبراز محتوى التكوين الذي تخوله الشهادة وذلك من خلال إقرار نظام الأرصدة وملحق الشهادة الذي يتضمن البيانات التفصيلية المتعلقة بالتكوين والتدريب. وضمان شفافية التكوين وتسهيل التعرف على كفاءات الخريج على المستوى الدولي والحصول على المعادلة استنادا إلى جودة التكوين وخصائص المؤسسات التي تخرج منها من حيث ضمان الجودة والاعتماد لدى الهيئات الدولية المختصة. ويتضمن مشروع القانون أحكاما تهدف إلى مراجعة هيكلة الجامعات لتمكينها من مزيد التنسيق بين المؤسسات التابعة لها وذلك في مجالات التكوين والتصرف المالي والإداري والبيداغوجي وتطوير الخدمات المشتركة والتعاون الدولي وتركيز هياكل تعنى بتطوير الجودة بالجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي. فضلا عن مراجعة هيكلة مؤسسات التعليم العالي والبحث لمزيد توضيح صلاحياتها وتمكينها من مرونة التصرف خاصة في مستوى هياكل البحث العلمي تحقيقا لمزيد التفتح على المحيط الاقتصادي والاجتماعي وتعبئة مزيد من الموارد المالية. إرساء منظومة للتقييم وضمان الجودة والاعتماد ويتضمن مشروع القانون إرساء منظومة متكاملة للتقييم وضمان الجودة والاعتماد تتمثل في إحداث هيئة وطنية تسمى "الهيئة الوطنية للتقييم وضمان الجودة والاعتماد" تتولى السهر على التقييم وضمان الجودة والاعتماد بالتعليم العالي، وتتولى إنجاز عمليات التقييم لجان من الخبراء يتم تكوينهم طبقا للتراتيب التي تحددها الهيئة. علما وأن التقييم يشمل حسب الفصول 43 و44 و45 الجامعات والمؤسسات ومسالك التكوين وبرامجه، ويتم التقييم على أساس معايير وأساليب وإجراءات موضوعية تتضمن الشفافية والإنصاف. ويشمل التقييم خاصة مسالك التكوين والبرامج والأداء العلمي والبيداغوجي للمدرسين وإنتاجهم العلمي وتثمينه والنتائج المسجلة على مستوى التعلم والتشغيلية والقدرات الإبداعية للمتخرجين وبرامج التكوين بواسطة البحث العلمي والشراكة مع الجامعات ومؤسسات التعليم العالي الوطنية والأجنبية ومع المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتصرف البيداغوجي والإداري والمالي. ويكون التقييم حسب الفصل 46 داخليا وتقوم به مؤسسات التعليم العالي والبحث، وخارجيا تقوم به فرق من الخبراء تحت إشراف الهيئة الوطنية للتقييم وضمان الجودة والاعتماد التي توجه تقريرا سنويا (الفصل 48) حول انشطة التقييم المنجزة إلى الوزير المكلف بالتعليم العالي الذي يتولى بدوره إعداد تقرير سنوي حول تقييم مؤسسات التعليم العالي والبحث يرفعه إلى رئيس الجمهورية. ويبين الفصل 49 أن جودة التعليم العالي والبحث العلمي تتمثل في المطابقة للمواصفات المحددة على مستوى الاتقان في إكساب العلوم والمهارات، كفاءة الأداء المهني للخريجين فاعلية البحث العلمي والتجديد التكنولوجي ومدى تلاؤم التكوين مع متطلبات سوق الشغل. في مفهوم الاعتماد ويتمثل الاعتماد حسب الفصل 51 من مشروع القانون في الإقرار من قبل الهيئة بطلب من مؤسسة التعليم العالي والبحث الراغبة في ذلك بأن المؤسسة قد استوفت المعايير المستوجبة لضمان الجودة المعتمدة من قبل الهيئة، ويشمل اعتماد المؤسسة البرامج والطرق البيداغوجية والبحثية المطبقة بها ومدى تناسبها مع مستوى الشهادات الممنوحة والكفاءة والمهارات المنتظرة من الخريجين. ويسند الاعتماد لمدة أقصاها أربع سنوات إما للمؤسسة أو للبرامج أو للمسالك. ويخول الفصل 54 الحصول على الاعتماد للمؤسسة المعنية بالأمر الانتفاع باعتمادات إضافية تمكنها من مجابهة الالتزامات الناتجة عن تطبيق معايير الاعتماد. تسيير الجامعات ينص الفصل 14 من مشروع القانون على أن كل جامعة يديرها رئيس جامعة يعين بأمر من بين أساتذة التعليم العالي المشهود لهم بالكفاءة لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. وتسهر الجامعة حسب الفصل 21 من مشروع القانون على الارتقاء المستمر بجودة التكوين والبحث العلمي والتصرف البيداغوجي والإداري والمالي بالمؤسسات التابعة لها وتعمل على حصول المؤسسات التابعة لها على الاعتماد. وتحدث لدى كل جامعة لجنة للجودة تضبط تركيبتها وقواعد تسييرها بأمر. كما ينص الفصل 28 على أن لكل مؤسسة تعليم عال وبحث لجنة للجودة تضبط تركيبتها وقواعد تسييرها بمقرر من رئيس الجامعة بعد أخذ رأي المجلس العلمي للمؤسسة. تنظيم مؤسسات التعليم العالي ينص الفصل 23 من مشروع قانون التعليم العالي على أن مؤسسات التعليم العالي والبحث مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية تتمتع بالشخصية المدنية وبالاستقلال المالي وتلحق ميزانيتها ترتيبيا بميزانية الدولة. يمكن أن تكون مؤسسات التعليم العالي والبحث مؤسسات عمومية ذات صبغة علمية وتكنولوجية إذا توفرت فيها شروط تضبط بأمر. وتخضع إلى التشريع التجاري ما لم تتعارض أحكامه مع هذا القانون. ويخضع أعوانها إلى النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجمعيات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية، وتخضع صفقاتها إلى النصوص التشريعية والترتيبية المنطبقة على المؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية. ينص الفصل 24 على أن يدير الكليات عمداء ويدير المدارس والمعاهد العليا مديرون، وينتخب العمداء حسب شروط تضبط بأمر من قبل المدرسين القارين، وعند تعذر انتخابهم يتم تعيينهم حسب شروط تضبط بأمر. ويعين المديرون حسب شروط تضبط بأمر. ويسمى العميد أو المدير لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. وتتكون مداخيل الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث حسب الفصل 34 من المداخيل المتأتية من مساهمة الطلبة في الحياة الجامعية، المداخيل المتأتية من عقود التكوين والبحث والدراسات والاختبار وأية خدمات أخرى، المداخيل الناتجة عن استغلال الممتلكات أو التفويت فيها، المنح التي تسندها الدولة للتصرف والتكوين والبحث، المنح التي توفرها الذوات المعنوية الأخرى أو غيرها من الهيئات إضافة إلى الهبات والوصايا. يذكر ان الفصل 7 من مشروع القانون يؤكد على مجانية التعليم العالي. ويرخص لمؤسسات التعليم العالي والبحث أن توظف على الطلبة رسوم تسجيل حسب شروط تضبط بأمر. كما يرخص للجامعات ومؤسسات التعليم والعالي والبحث تنظيم تكوين خصوصي للراغبين في متابعة دروس تكوين مستمر في إطار اتفاقيات تبرم للغرض. كما يتيح لها تقديم خدمات بمقابل في إطار عقود شراكة مع محيط الإنتاج تتعلق بنقل الخبرة العلمية والتكنولوجية حسب شروط تضبط بأمر.