تعالت الأصوات وابتعاد عن المشكل الاساسي الذي يهم التونسي ،حديث عن توافق اعدم في مهده بعد تبادل للتهم بين ضيوف البرامج الحوارية ليحيد النقاش عن مساره ، تلك هي الصورة التي بات يشاهدها التونسي في بعض حلقات عدد من البرامح الحوارية السياسية التي يعجز المشاهدون احيانا عن تحديد منشطيها لتقاسم الحضور للكلمة في ما بينهم دون الاستئناس بالمنشط المنوط بعهدته توزيع الكلمة عليهم بشكل عادل. ولمزيد الحديث عن هذا الموضوع اتصلت «الاسبوعي» بمختصين في الاعلام فكانت اراؤهم متباينة. يؤكد كمال العبيدي رئيس الهيئة العليا لاصلاح الاعلام والاتصال المنتهية مهامها وجود نقص على مستوى إدارة البرامج الحوارية في الإعلام السمعي البصري وقد بدت جلية إبان انتفاء كل الخطوط الحمراء بعد الثورة. ويقول في هذا الصدد:» لدينا مشاكل كبيرة في البرامج الحوارية المرتبطة أساسا بكيفية إدارة المؤسسات الإعلامية لكن في المقابل هناك جهود مبذولة من الإعلاميين حرصا منهم على إدارة الحوار بشكل جيد إلا أن هذه المسالة تتطلب وقتا كافيا يقوم على بذل جهد مضاعف.» هيئات مجمدة ويتابع كمال العبيدي حديثه قائلا: «لا بد من التأكيد على أن مؤسساتنا الإعلامية خاصة العمومية منها قد خرجت حديثا بدورها من فترة كانت فيها هيئات التحرير مجمدة يغيب فيها الاجتهاد اليومي ، لذلك علينا العمل على إرساء تقاليد عمل جديدة قوامها التشاور داخل هذه الهيئات . كما كانت هناك قطيعة بين المؤسسات المشرفة على تكوين الصحفيين والمؤسسات الإعلامية. عموما ومن اجل مشاهدة مفيدة يجد من خلالها التونسي طرقا لمشاغله وهمومه وجب ضرورة مراجعة مستوى التكوين والرسكلة للمنشطين وذلك بالتعاون مع المركز الإفريقي لتدريب الصحفيين. تتطلب مرحلة الانتقال الديمقراطي مجهودا إضافيا للرفع من أداء الصحفيين.كما أن مؤسسات الإعلام العمومي مطالبة بملامسة هموم ومشاغل المواطن اليومية.» ويضيف العبيدي قائلا :» تلقى معهد الصحافة وعلوم الإخبار ضربة موجعة منذ سنوات على مستوى التكوين، واعتقد انه وبالقرار الأخير المتخذ بشان ضبط شروط الالتحاق به للناجحين في الباكالوريا سننتهج طريقا نحو اصلاح القطاع والرفع من مستوى العاملين فيه. « تدريب.. بدوره يشدد الأستاذ عبد الكريم الحيزاوي رئيس المركز الإفريقي لتدريب الصحفيين على أن الإشكال الأساسي الذي يعترض البرامج الحوارية التي يغيب فيها الحوار لتتحول إلى مكان لتبادل التهم حيث تتعالى الأصوات وذلك نابع من عدم إعداد المنشط لبرنامجه من حيث دراسة الشخصيات الحاضرة وموضع الحلقات وغيرهما. كما ألقى بحد أدنى من اللوم على الضيوف الذين لا يلتزموا أحيانا بأدبيات الحوار. ويقول الحيزاوي :»لنجاح البرنامج على المنشط استدعاء الشخصيات المناسبة العالمة بخفايا موضوع الحلقة والملتزمة بأصول الحوار. ولضمان نجاح هذه النوعية من البرامج وجب أي يخضع الصحفي الى تدريب في الغرض وقد نظمنا دورتين تكوينيتين في سبتمبر وأكتوبر من السنة الماضية على ادارة هذه البرامج الاذاعية والتلفزية وهو غير كاف. وفي الفترة القادمة لدينا مشروع تكويني سيكون في المؤسسات الاعلامية بعد ان كانت برامجنا ودوراتنا التكوينية تجرى في مقرنا. عموما وجب التنويه بان هناك صحفيون قادرون على تقديم برامج حوارية وآخرون يفتقدون لهذه المقدرة.» غياب المدربين المختصين اما العربي شويخة استاذ بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار فيقول:» لا وجود لمدربين مختصين في تكوين منشطين في مثل هذه البرامج، وقد تلقينا العديد من الملاحظات من مختصين اجانب انتقدوا بعض برامجنا الحوارية بعد مشاهدتها وشددوا على غياب الحرفية لدى الصحفيين الذين يديرونها، حتى ان معهد الصحافة يفقتر الى هذا التنوع من التكوين. اعتقد ان من بين أسباب تعثر هذه البرامج تعود أساسا إلى نقص في تحضير الشخصيات المستجوبة من الناحيتين النفسية والمواقف وطريقة ادارة الحوار والموضوع المقترح.» خيار متوازن ولمعرفة رأي احد المنشطين اتصلت «الأسبوعي» بإيهاب الشاوش منشط البرنامج الحواري الذي يعرض على القناة الوطنية الأولى «حق الاختلاف» لمعرفة موقفه من هذا الموضوع، حيث قال :»نقوم باختيار الشخصيات ? مع معرفة مواقفها وكتاباتها بشكل مدروس حتى تكون طريقة تدخلي في محلها وفي الوقت المناسب عندما يخرج النقاش عن إطاره الحضاري. وللإشارة فاني أؤكد على ضيوفي ان الحوار مفتوح دون ان ينتظروا مني توزيع الكلمة بينهم على نحو يجعل من البرنامج فاقدا للحيوية. كما اشدد لهم على ضرورة تدخل كل شخصية وقت الإدلاء بتعقيب او قول ملاحظة مع احترام آداب الحوار. عموما لابد من إيجاد حوار متوازن ومتميز لا يتخطى فيه الحدود لاني عندما التجئ الى التدخل فان المواطن وقتها قد عجز عن فهم ما يدور في الحلقة.» بغض النظر عن الوسيلة الاعلامية مرئية كانت او مسموعة عمومية او خاصة فان المتلقي يبقى في حاجة الى ملامسة وضعه وطرحه والبحث عن حلول للخروج منه في البرامج الحوارية التي تتعالى الاصوات في بعضها احيانا ويتبادل الحضور التهم.