شوقي عبيد إنتقد أداء الحكومة و دعا إلى حلّها - أعلن صباح أمس المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أن محمد المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية قرر قبول استقالة محمد شوقي عبيد من منصبه كمستشار أول برئاسة الجمهورية مكلف بالملفات الاقتصادية. استقالة عبيد كانت متوقعة خاصة أنه تم التحضير لها بعد تصريح مدير الديوان الرئاسي مؤخرا بإمكانية اللجوء إلى قرارات وإجراءات صارمة ستتخذ ضد مستشار الرئيس الاقتصادي الذي طالب بإقالة الحكومة. يذكر أن استقالة عبيد جاءت بعد موجة المقالات التي أطلقها ثلاثة مستشارين كبار في رئاسة الجمهورية وفي ظرف متواتر ووقت متقارب خلال الأسبوع الماضي وهم شوقي عبيد المستشار الأول المكلف بالملفات الاقتصادية، وعدنان منصر الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، وأيوب المسعودي المكلف بالإعلام.. انتقدوا فيها بشدة أداء الحكومة. وكان رئيس الجمهورية قد عبر عن رفضه لتصريحات الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية والمستشار الاقتصادي محمد شوقي عبيد الذي طالب بحل الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وقد أشار مدير الديوان الرئاسي عماد الدايمي في تصريح صحفي إلى أن تصريحات محمد شوقي عبيد عفوية ولا تمثل الرئيس المرزوقي وسيتم اخذ إجراءات تأديبية في حقه. وهو ما تم فعلا بعد أن تم قبول استقالة عبيد من منصبه. ويبدو أن ضغوطا مورست على شوقي عبيد، دفعته إلى الاستقالة التي تبدو أنها اقرب إلى الإقالة منها للاستقالة الطوعية. حرب مقالات وقد شهدت الفترة القليلة الماضية «حرب مقالات» غير مسبوقة فاجأت الرأي العام الوطني وتناولتها وسائل الإعلام بالنشر والتحليل والتعليق خاصة أنها صدرت عن مستشارين من الوزن الثقيل يعملون في مناصب عليا برئاسة الجمهورية، وجاءت متواترة تجمعها محور مشترك وهو عدم الرضى عن أداء الحكومة، ونقدها اللاذع لها وحتى لأداء المجلس الوطني التأسيسي. وقوبلت تصريحات المستشارين الثلاثة باستهجان ورفض شديدين سواء من رئاسة الحكومة أو من رئيس الجمهورية نفسه، لعدة أسباب منها طريقة نشر المقالات وتوقيتها، وخروج مستشارين في مراتب وزراء عن واجب التحفظ وإحراج رئيس الجمهورية والتحدث في مسائل كان يمكن أن تكون محور ندوة وطنية أو استشارة بين الرئاسة والحكومة.. غضب الجبالي وكان حمادي الجبالي رئيس الحكومة الانتقالية قد أظهر غضبا شديدا تجاه المقالات التي نشرها مستشارو الرئاسة على صفحاتهم بالموقع الاجتماعي «الفايس بوك» ونقلتها عدة وسائل إعلام الكترونية وصحافة مكتوبة ووسائل إعلام إذاعية وتلفزية.. وطالب احدها صراحة بإقالة الحكومة وتنصيب حكومة جديدة منتقدا أداء فريق الجبالي.. فبعد مقال عدنان منصر الذي انتقد مرفق العدالة، وطالب بتنصيب محاكم ثورية لمحاسبة رموز الفساد والاستبداد، جاء مقال شوقي عبيد الذي وضع تركيبة جديدة للحكومة واقترح على حمادي الجبالي أن يقبلها أو يقدم استقالته.. ثم أردف أيوب المسعودي بمقال ثالث انتقد فيه الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي على خلفية تخفيض التصنيف الائتماني لتونس من قبل وكالة ستنادر أند بورس، وطالب الحكومة بإقرار قانون يقضي بالكف عن تسديد ديون تونس لمدة ثلاث سنوات إضافة إلى بعث لجنة تدقيق في المديونية التونسية.. دعوة إلى حل الحكومة يذكر أن المستشار الاقتصادي لرئاسة الجمهورية محمد شوقي عبيد قد دعا في نص نشره على صفحته الشخصية في الفايس بوك منذ أيام قليلة رئيس الحكومة حمادي الجبالي إلى حل الحكومة الحالية لعجزها وفشلها بعد قرابة 150 يوما من التسيير. ودعا عبيد أيضا إلى تكوين حكومة تتكون من ثلاثة عشر وزيرا يمثلون الداخلية والدفاع والعدل والخارجية والتعليم والنقل والرياضة والثقافة والصحة والاقتصاد المالية و التنمية الجهوية التكوين والسياحة-الفلاحة. كما اقترح تعيين 15 كاتب دولة وتغيير محافظ البنك المركزي بشخصية وطنية مستقلة والتجديد للسادة العريض والزبيدي والها روني وجمال الدين الغربي ومحمد عبو في حين اقترح تغيير الشخاري وبالطيب والديماسي والنابلي لعدم حاجة البلاد لقدرات نظرية بقدر حاجتها لمسؤولين قادرين على التركيز على الملفات الهامة. خارطة طريق وجاءت خارطة الطريق التي اقترحها المستشار الاقتصادي لرئاسة الجمهورية بعد قراءة قاتمة لواقع الاقتصاد الوطني اثر خفض التصنيف الائتماني من قبل مؤسسة ستاندراند بورس. واقع اقتصادي واجتماعي ومالي تميز حسب نفس المسؤول بعدم وجود خطة عمل لمعالجة النظام المصرفي والفشل في اقتراح ميزانية تطمئن العاطلين عن العمل و تحفز الاستثمار الخاص إضافة إلى وضع يتميز بتآكل المقدرة الشرائية وعدم الاستقرار الأمني وفشل بعض الوزارات وعدم التنسيق بين الوزارات والإدارات التي تدير عملية البناء الاقتصادي. وجاء مقال عبيد بعد يومين من نشر مقال الناطق الرسمي للرئاسة عدنان منصر الذي انتقد الجهاز القضائي والحكومة واعتبر "أنّ إحدى مشاكلها إعتقادها أنّ نتائج الإنتخابات قد خوّلتها بناء الدولة في حين أن الدولة مبنية وان مهمتها الأولى هي حفظ الثورة"، واعتبر الثورة مهددة بفعل عدم قدرة مؤسسة القضاء التي اعتبرها الة مريضة بلغ منها الداء مبلغا عظيما لم يعد بالإمكان أن ينتظر منها احد سوى مجرمي العهد السابق عدلا أو عدالة. ما وراء المقالات.. وقد اعتبر عدد من المراقبين والمحللين السياسيين أن تصريحات مستشارين من الوزن الثقيل من مؤسسة دستورية وهي رئاسة الجمهورية سابقة خطيرة لم يتعود عليها الرأي العام التونسي، كما أن توقيت صدور تلك المقالات أثار استغراب الجميع وكانت سببا في إشعال التوتر بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، بل إن رئيس الجمهورية وجد نفسه محرجا من مضمون تلك المقالات.. إن كان فعلا غير مطلع على فحواها. وهو الذي يعتبر مع وزراء المؤتمر- احد أضلع مثلث حكومة "الترويكا". إلى سعي المنصف المرزوقي إلى تلميع صورته لدى الرأي العام من خلال خوضه لحملة انتخابية غير معلنة تجعله في صورة الرئيس الرافض لسياسة الحكومة وأدائها، والمنقذ الذي سيخرج البلاد من حالة الركود الاقتصادي والتوتر الاجتماعي.. وذهب آخرون إلى اعتبار تلك الرسائل التي نشرها أصحابها على صفحاتهم الشخصية بالموقع الاجتماعي الفايس بوك، قد تكون إحدى الوسائل التي يستعملها الرئيس المرزوقي للتعبير عن ضجره من السياسة الحكومية التي تباينت في المدة الأخيرة مع مؤسسة الرئاسة في بعض الملفات وقد يكون ملف الوزير الأول الليبي السابق البغدادي المحمودي احدها. السؤال الذي يفرض نفسه: هل ستتبع استقالة شوقي عبيد، استقالات أخرى أو إقالات لمستشارين آخرين في رئاسة الجمهورية.؟ أم سيتم الاكتفاء بعبيد فقط وتوجيه لوم شديد أو عتاب إلى كل من عدنان منصر وأيوب المسعودي.؟