وثائق يكشفها الكتاب و أخرى ستفرج عنها العائلة مستقبلا - إستقبل المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكمة بقرطاج مساء يوم الجمعة عددا كبيرا من أفراد عائلة الدبلوماسي وآخر وزير خارجية في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة الراحل الهادي مبروك ومن أصدقائه ومن معارفه وممن ترتبط صورة الهادي المبروك في ذهنهم بفترة مهمة من تاريخنا المعاصر. المناسبة كانت الاحتفاء بصدور كتاب أوراق الخريف للهادي مبروك عن دار الجنوب للنشّر بتونس بعد سنين على وفاة الكاتب والذي ضمنه شهادته بالصورة والكلمة على عصره الذي كان فاعلا فيه بحكم موقعه في الدولة التونسية خلال فترة حكم بورقيبة. نجل الهادي مبروك : بن علي كان يحطاط من والدي نجل الراحل سامي مبروك كان في مقدمة الحضور. سألناه لماذا انتظرت العائلة كل هذا الوقت لإصدار الكتاب ولماذا انتظروا ما يقرب من عام ونصف بعد انتصار الثورة الشعبية ليخرج هذا المؤلف للنور فأجاب بأنه لم يكن متاحا لهم ذلك في ظلّ حكم الرئيس المخلوع بن علي والأمر بالنسبة له لم يكن ممكنا لأن المخلوع وحسب قوله كان يحطاط من والده كما أن الكتاب يضم ملاحظات ونقدا لطريقة بن علي في الوصول إلى الحكم وأسلوبه في ممارسة السلطة لذلك لم تكن هناك طريقة للوصول إلى القارئ في ظل الرقابة وفي ظل الحصار المفروض على رجالات الدولة المعروف عنهم ارتباطهم بالزعيم الراحل وعلاقتهم الوثيقة بهم. أما بخصوص الانتظار أشهر طويلة بعد الثورة فإنه يعود حسب محدثنا إلى أنه صدرت كتبا كثيرة مباشرة بعد انتصار الثورة الشعبية مما جعله يقرر الصبر قليلا حتى تكون الفرصة مواتية لظهور الكتاب في ظروف يكون فيها القارئ مستعدا أكثر للإطلاع عليه. هناك أيضا أمور فنية ومسألة الأرشيف ذلك أن الهادي المبروك ترك أرشيفا كبيرا من الصور التي تشهد على فترات مهمة في تاريخ تونس المعاصرة وكان من الضروري انتقاء الأكثر تعبيرا من بينها والأكثر بلاغة وتماشيا مع النص. وتجدر الإشارة إلى أنّ الهادي مبروك الذي مثل تونس في فرنسا لسنين طويلة ( حوالي 13 سنة كان فيها سفيرا لتونسبفرنسا ) قد ضمن الكتاب وجة نظره حول بعض المسائل وقراءاته في بعض الأحداث فكان الكتاب جامعا لملاحظاته وتحاليله وكذلك لمذكراته والأهم من كل ذلك أن الرجل الذي أوصى العائلة بنشر الكتاب بعد رحيله في صورة ما لم يمهله الزمن حتى تصبح عملية النشر ممكنة في حياته كان يؤمن بقيمة المرحلة وبضرورة ترك شهادة للأجيال التونسيةالجديدة بإمضاء رجل خبر الحياة السياسية وكان قريبا من الزعيم بورقيبة وأحد ثقاته. بورقيبة ومن حوله في نهاية عهد بالإضافة إلى محمد المصمودي الناشر الذي نوّه بالكتاب الذي قال أنه عبارة عن شهادة عن حقبة جميلة من تاريخ تونس موشحة بصور لها قيمة تاريخية عالية دعا سامي مبروك الأستاذ الشاذلي العياري لتقديم قراءته للكتاب. تحدث الرجل بالخصوص عن أسلوب الكاتب فقال أنه يراوح بين التلميح والتصريح مشيرا إلى أن الهادي مبروك ربما يكون قد حرم القارئ من بعض التفاصيل بسبب الحيطة والتحرز التي كان يفرضها عليه وضعه كدبلوماسي وكرجل دولة لكن الباحث أقر بان الكتاب لا يخلو من إكتشافات وعدّد البعض منها التي قال أنه يرى أنها تكتسي أهمية كبيرة من ذلك مثلا قضية مقتل صالح بن يوسف وأنه يعتقد أن بورقيبة لم يكن المتورط رقم واحد في القضية رغم أنه تبنى العملية على العلن وكذلك قضية ما يسمى بحائط المرسى وموقف بورقيبة من التعاضد ومن أحمد بن صالح مشيرا في هذا السياق إلى أن بورقيبة كان يعتقد في فشل التجربة وأنه عمل على تسريع فشلها إلخ... كشف الكتاب كذلك عن موقف الهادي مبروك من الدولة الحسينية والبايات موضحا أن الدولة الحسينية ساهمت في الحفاظ على استقلاليّة الدولة التونسيّة. وقد تناول بعض الحضور من العائلة والأصدقاء الكلمة لتقديم شهادة حول الرّجل الذي يؤكد كل من عرفه أنه وبالتوازي مع عمله الدبلوماسي المكثف وتجربته السياسية خاصة وأنه واكب عددا هاما من بناة تونس الحديثة وخصهم بنصوص في كتابه فإنه كان عاشقا للحياة مقبلا عليها. سألنا نجل الكاتب والسياسي والدبلوماسي الرّاحل إن كانت النخب التونسية وخاصة من كانوا مقربين من بورقيبة لا يتحملون جزءا من المسؤولية في ما آل إليه الوضع السياسي في تونس وأنهم تركوا البلاد تقع في براثن الديكتاتورية . لم ينكر مخاطبنا الأمر وقال أن والده أعلمه أنه كان ينتظر قرار بورقيبة كي ينسحب. الهادي مبروك وكما فهمنا من نجله سامي مبروك كان شاهدا على أمور كثيرة من بينها ما ظهر في الكتاب ومن بينها ما تستعد العائلة للكشف عنه بعد تهيئة الأسباب اللازمة من ذلك مثلا أن الزعيم بورقيبة كان ينوي التخلي عن الحكم قبل أن يقوم بن علي بتنحيته وأنه أبلغ المقرّبين منه بأنه تعب وأنه يفضل أن يترك السلطة وأن تنعقد انتخابات عامة بعد فترة انتقالية تدوم سبعة أشهر لكن هناك من حال دون ذلك.