لا تزال ملفات الفساد محل نظر في مختلف الادارت بل ان بعضها ان لم نقل اغلبها قد وجدت طريقها الى الرأي العام خاصة فيما يتعلق بالصفقات العمومية، ويعد مشروع اشغال تهذيب المركب الرياضي الطيب بن عمار بالعمران سنة 2010 حلقة من حلقات التجاوزات المالية وغياب المراقبة الصارمة وغض الطرف من قبل البعض وقتها حول الاختلاسات الواقعة. كانت بداية الموضوع عند تفطن رئيس مصلحة الرياضة ببلدية تونس انذاك المهندس الطاهر بالسعيدي الى تجاوزات خطيرة تمثلت اساسا في احتساب كميات وهمية مما انجر عنها تحويل اعتمادات بدون وجه حق لفائدة المقاول قدرت حسب رأيه في حدود 104 الف دينار، وقد طالب رئيس المشروع بمراجعة الكشوفات الوقتية للكميات المنجزة وإصلاح الاخطاء حتى يتسنى تحديد حجم الاشغال الاضافية غير المبرمجة بالصفقة الاصلية. تجاوز وبتاريخ 10 افريل 2010 احال الوالي هذا الملف بعد تعثر الحوار بين الاطراف المعنية الى رئيس بلدية تونس لإيجاد الحلول المناسبة وبتعليمات منه تدخلت التفقدية وذلك بتكليف مهندس قصد التثبت في الكميات المنجزة في هذا المشروع. ومن خلال عملية التدقيق والتقرير الصادر عن التفقدية توصل المهندس المكلف الى ان المقاول قد استأثر بدون وجه حق بمبلغ 27 الف دينار وليس 104 آلاف دينار كما جاء في افادة رئيس مصلحة الرياضة . وبين هذين الرقمين فرق كبير ينم على حجم التجاوز ونهب المال العام. وجاء في التقرير النهائي للتفقدية العامة والذي وافق عليه وقتها رئيس بلدية تونس الباجي بن مامي بإحالة ملف المشروع من مصلحة الرياضة الى مصلحة البناءات الجديدة التابعة لإدارة العمران وتصفية بقية مستحقات المقاول المتعلقة ببقية الاشغال المنجزة في اطار الصفقة والفصول الجديدة غير الواردة بها وغلق هذا الملف نهائيا. كما امرت التفقدية بإرجاع المهندس الاول يوسف عباس الى مصلحته الاصلية بإدارة الطرقات باعتبار انتهاء الاشغال التي كلف بمتابعتها بمصلحة الرياضة.وتجدر الاشارة الى ان مقترحات التفقدية بخصوص هذا الملف لم تتطرق الى الحديث عن المتسبب في سرقة الاموال التي اكد رئيس مصلحة الرياضة والمهندس المكلف من عندها بحصول تجاوزات رغم الاختلاف في حجم الاموال. تظلم تبعا للمكاتيب ولتظلم رئيس مصلحة الرياضة ورفضه لتقرير التفقدية بخصوص المشروع فقد كلفت وزارة الداخلية بلدية تونس بتعيين خبير عن طريق المحكمة وقد تم ذلك يوم 11 اكتوبر 2011 حيث قام بإعادة احتساب الكميات المنجزة لكافة عناصر المشروع ، وقد توصل الى ان المقاول قد استأثر بمبلغ مالي يقارب 110 الف دينار. وفي هذا الصدد يقول الطاهر بالسعيدي رئيس مصلحة الرياضة سابقا في الفترة الممتدة بين ماي 2004 وديسمبر 2010: «لقد كوفئت على صنيعي من خلال كشف التجاوزات المالية الحاصلة في هذا المشروع برفع عرائض ضدي من قبل اعوان من مصلحة الرياضة تحتوي على اتهامات باطلة تمس من كرامتي وسمعتي، وقد قامت التفقدية ببحث الموضوع واستجوابي لمعرفة مدى صحة الاتهامات خلال 6 اشهر ولم اتمكن من نسخة من تقرير البحث حتى يتسنى لي الدفاع عن نفسي. بعدها تم نقلي الى مصلحة اخرى. لقد قمت برفع هذا الملف مبينا التجاوزات الحاصلة فيه الى الوزارة الاولى ووزارة الداخلية والمحكمة الادارية وولاية تونس ولجنة تقصي الحقائق، ولن يهدا لي بال حتى استرد حقوقي خاصة المعنوية ويحاسب المتورطون». في ظل كل ما تقدم حول هذه المسالة فان المشاركين في العملية من قريب اومن بعيد او حتى المتخاذلين من مسؤولي البلدية وقتها لم يفتح في شانهم تحقيقا لمعاينة المورطين وتبرئة المتهمين وإعادة الحق لأصحابه حتى الاعوان والمسؤولين الذين لم يسلموا من المضايقات والتهديدات والنقل التعسفية ابان العهد البائد لعدم انصياعهم لمن هم ارفع منهم في الترتيب الوظيفي. عموما لابد من محاسبة المخالفين وإعادة الحق لمن انتزع منهم.