مختار اليحياوي: النّصوص المتعلقة بحماية المعطيات الشّخصيّة.. مساحيق من المنتظر أن يتم في غضون الأيام القليلة القادمة الإعلان عن التركيبة الجديدة للهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية حسب ما ينظمه الأمر عدد 3003 لسنة 2007 المؤرخ في 27 نوفمبر 2007 حسب ما أدلى به ل"الصباح" القاضي مختار اليحياوي رئيس الهيئة على هامش الملتقى الذي إنتظم أمس حول قانون حماية المعطيات الشخصية في تونس وضرورة الإصلاح". هذا الأمر الضابط لطرق سير الهيئة إلى جانب القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المؤرخ في 27 جويلية 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، كان محور نقاش بهذا الملتقى تطرق إلى إشكاليات وضع حماية المعطيات الشخصية في القانون التونسي ومستوى الحماية التي يوفرها هذا القانون للحياة الخاصة للتونسيين بعد أقل من سنتين من قيام الثورة، واكتساب التونسيين لحقهم في ممارسة كل الحريات العامة التي كانوا محرومين منها على مدى أكثر من نصف قرن أي منذ قيام دولة الاستقلال. حيث أكّد القاضي مختار اليحياوي رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية أن "حماية خصوصيّة الأفراد و حياتهم الخاصّة و مختلف معطياتهم في هذا المجال لا تمثل فقط ضمانة من ضمانات حقوق الإنسان بل إنها أساس كل تلك الحريات جميعا متسائلا أي حرية لإنسان ينتهك عرضه ويُعتدى على حرمته ويشهر به على أساس إحدى خصائصه العرقية أو الدينية أو البدنية. فالنصوص الدستورية والقانونية والترتيبية الكثيرة المتعلقة، على حد قول اليحياوي، بهذا المجال لا تتعدى في وظيفتها دور المساحيق، وفي هذه المرحلة التأسيسية للنظام الديمقراطي، النصوص في حد ذاتها مهما كان كمالها، لا قيمة لها ما لم تقترن بآليات واضحة ووسائل كفيلة بتفعيلها وأن هذه الآليات والوسائل لن تنجح في دورها ما لم تكن منخرطة في مؤسسات قائمة عليها. مقتضيات القانون من بين هذه الآليات ضرورة ضمان الاستقلالية العضوية والوظيفية للهيئة التي ستسند إليها مهمة حماية المعطيات الشخصية ومعالجتها وهو ما يستوجب إعادة النظر في الأمر الضابط لطرق سيرها والقانون الأساسي عدد 63 لسنة 2004 المؤرخ 27 جويلية 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية. فالعديد من مقتضيات هذا القانون لا تتلاءم والمعايير الدولية وخاصة المعايير الأوروبية في المجال من ذلك، حسب ما أوضحته هالة بن ميلاد عضو الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية لالصباح، الإعفاء التام للسلطة العمومية من واجب تطبيق قانون حماية المعطيات الشخصية في ظل عدم وجود أية إجراءات سابقة لعملية المعالجة لدى الهيئة وخاصة عدم توفير الإمكانية للأشخاص الذين تتمّ معالجة معطياتهم الشخصية من ممارسة حقهم في الموافقة أو الاعتراض على هذه المعالجة وهو أمر لا يستقيم ولا يتماشى مع أسس حماية المعطيات الشخصية. فتمكين الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية من القيام بمهامها في نطاق الاستقلال التام عن السلطة التنفيذية وكذلك الشأن في طرق تسمية أعضائها وكذلك بخصوص تمويلها أصبح من الأولويات لتأمين شروط احترام مبادئ حقوق الإنسان من جهة ولتحقيق التنمية الاقتصادية من جهة أخرى. وأوضح اليحياوي أن الثورة الرقمية أخضعت معالجة المعطيات الشخصية إلى رهان اقتصادي تتصارع من أجله الدول بفضل ما يوفره من مواطن شغل وربحية عالمية وبالتالي فإن توفير منظومة متطورة ومرنة وذات مواصفات عالمية في هذا المجال من شأنه أن يضمن مركزا متميزا في هذا الصراع من أجل جلب الاستثمارات وإحداث مواطن الشغل والانخراط في هذا المجال الجديد للمنافسة على المستوى الدولي. إصلاح شامل إلا أن الحديث عن منظومة متطورة يستوجب العديد من الإصلاحات على مستوى التشريعات وأيضا المؤسسات بإعادة النظر في القوانين القائمة والاستئناس بالتجارب الدولية في هذا المجال «وهي حلقة من حلقات الإصلاح الشامل والعميق الذي يمس كل الميادين بغية القطيعة مع السياسات السابقة للبناء على أسس ثورية تنسجم مع المعايير الدولية» على حد قول نور الدين البحيري وزير العدل. وأكد البحيري في نفس السياق على أنه «لا يمكن جلب الاستثمارات وتحقيق التنمية الاقتصادية المرجوة في غياب قوانين تحترم الحقوق والحريات وتضمن الشفافية وحق المساءلة والمحاسبة في ظل قضاء مستقل وفي غياب مؤسسات تجرّم الانتهاكات». ولتحقيق هذه المهمة «لابد من الاستقلالية الوظيفية والمالية للقدرة على المراقبة والمواجهة» على حد قول جان مارك باحث ورئيس وحدة بحوث للحريات ومجتمع المعلومات ببلجيكا، حيث أكد أن الاستقلالية تتكرس من خلال جملة من الآليات من ذلك «استقلالية أعضاء الهيئة من أي انتماء سياسي إلى جانب الاستقلالية المالية وتوفير قضاء مستقل»