تونس (وات) - كيف السبيل إلى حماية المعطيات الشخصية في عالم يشهد ثورة معلوماتية لم يسبق لها مثيل عالم تحولت فيه المعطيات الشخصية إلى محور صراع لكيانات تجاوزت في إمكانياتها ووسائلها، إمكانيات الدول والأجهزة وكيف تحولت مسألة المعطيات الشخصية الى رهان اقتصادي تتصارع بموجبه الدول وهل يمكن الحديث عن كرامة للإنسان وهو يعتدى عليه بانتهاك خصوصياته؟. هي جملة من الإشكالات التي أثارها ملتقى قانون حماية المعطيات الشخصية في تونس وضرورة الإصلاح الذي انطلقت اشغاله يوم الخميس بالعاصمة وينتظم بالتعاون بين المفوضية الأوروبية والهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية. مختار اليحياوي رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية اعتبر أن الموضوع "ليس خوضا في احد كماليات الترف الديمقراطي او استدعاء لمسائل مستوردة لاتمس واقعنا" بل هو انخراط في "عمق متطلبات الثورة من خلال استدعاء مطلب الحرية والحديث عنه بين قوتين جاذبتين التقييد والاطلاق". واضاف ان الهاجس اليوم البحث عن تحصين المجتمع من شكلين من الاستعباد يتمثل الاول في عودة شبح الماضي حيث تحول انتهاك حرية الافراد الى نظام حكم ممنهج لايغفل اي شاردة وواردة ويبحث في أدق تفاصيل حياة الافراد ويتمثل الثاني في وقاية كرامة الانسان امام ثورة معلوماتية من ابجدياتها اختراق المعطيات الشخصية وتحويلها الى محور صراع اقتصادي لكيانات وشركات تجارية تجاوزت في امكانياتها ووسائلها امكانيات الدول والاجهزة الرسمية. اما وزير العدل نورالدين البحيري فاعتبر الملتقى حلقة من حلقات البحث عن تحقيق الاصلاح الشامل واعادة بناء مؤسسات الدولة من خلال ضمان كليات الحقوق للجميع . وأشار الى ان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لاتكتسب في" مناخ يحكمه الاستبداد وفي غياب دولة لاتحترم استقلال القضاء ولاتحترم كرامة البشر وكذلك في غياب مؤسسات ضامنة وساهرة على رعاية هذه الحقوق". واعتبر ان الارادة السياسية تذهب في اتجاه تعميق النظر في كل المسائل والقوانين وتحويرها بما يرتقي بها الى مستوى التجارب الدولية الرائدة خاصة منها المتعلقة باحترام حرية الافراد وتحقيق كرامتهم. يذكر ان الملتقى الذي ينتظم على مدى يومين يندرج في اطار الاعداد لاصلاح القانون الاساسي عدد 63 لسنة 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية انطلاقا من ان العديد من مقتضيات هذا القانون لاتتلائم مع المعايير الدولية بحسب ما أفاد به شوقي قداس الجامعي بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس. كما يستهدف الملتقى بحسب نفس المصدر النظر في كيفية الاعفاء التام للسلطة العمومية من واجب تطبيق حماية المعطيات الشخصية في ظل عدم وجود اية اجراءات سابقة لعملية المعالجة لدى الهيئة الوطنية وخاصة انعدام امكانية الاشخاص الذين تتم معالجة معطياتهم الشخصية من ممارسة حقهم في الموافقة او حق النفاذ او الاعتراض على هذه المعالجة. وينظر الملتقى من خلال عدة ورشات في الاستقلالية الهيكلية والوظيفية لهيئات حماية المعطيات الشخصية من خلال استحضار تجارب مقارنة ومعالجة المعطيات الشخصية من قبل السلط العمومية ودور هيئات حماية المعطيات الشخصية في مراقبة السلط العمومية عند معالجتها لهذه المعطيات وفي أشكال هذه الحماية.