مازالت تأثيرات انقطاع الماء الصالح للشرب التي حصلت خلال الأسبوع الماضي تثير اهتمام عديد المواطنين وتمثل جدلا واسعا، خاصة على قاعدة الأسباب التي أدت إلى ذلك، والأضرار الني لحقت بعديد الجهات جراء انقطاعها. السيد محمد بن سالم وزير الفلاحة كان قد تولى شرح الأسباب التي أدت إلى انقطاع الماء وذلك خلال لقاءات كانت قد أجريت معه عبر الصحف والإذاعات وعديد القنوات التلفزية، لكن جملة ما عبر عنه من أسباب لم تكن مقنعة بالنسبة إلى المواطنين، وخاصة منهم أولئك الذين انتظروا لأيام عودة المياه إلى جهاتهم، وقد لحقت بهم وبقطاعهم الفلاحي وماشيتهم أضرار كبيرة. هؤلاء وبعض العارفين من تقنيين ومهندسين فلاحيين طرحوا موضوعا هاما في علاقة بما حصل، وبينوا أن مياه السدود التونسية يمكنها أن تكفي كافة المواطنين في كافة جهات البلاد لو أن التصرف في توزيعها كان محكما ومنظما ودقيقا حسب ما تقتضيه حاجيات الجهات من الماء. و قد أفاد بعضهم أن النسبة الهامة من مياه الشرب توجه للقطاع السياحي وتستعمل في أحواض السباحة وري مساحات رياضة القولف وغيرها من المجالات التي تعتمد في ذلك القطاع، وهي في الحقيقة مجالات يبذر فيها الماء على حساب جهات تبحث عن الماء للشرب في وقت يعز فيه حصولها على الماء. وبين هؤلاء المطلعين على القطاع المائي في تونس أن القطاع السياحي بإمكانه استعمال المياه الجوفية باعتماد الآبار العميقة، أو تكوين شركة أو شركات لتحليه مياه البحر واعتمادها بدل تبذير ماء السدود على حساب حاجة المواطنين له. هذا الجانب لم ينتبه إليه السيد وزير الفلاحة ولم يعره أي اهتمام في ما قدمه من آراء وحلول حول توزيع مياه الشراب. ونعتقد أنه قد حان الوقت لوضع استراتيجية جديدة حول الماء الصالح للشرب في البلاد، خاصة أن مؤشرات منظمات عالمية تضع تونس من بين البلدان المرشحة في سنوات العشريات القادمة إلى أن تعيش أزمة في مياه الشرب. فهل تتولى وزارة الفلاحة العمل على إفراد قطاع السياحة بمنظومة مائية أخرى تكون خارج محاصيلنا المائية التي تجمع داخل السدود وذلك لمزيد التحكم في مجال المياه وحسن التصرف فيها.