الصبر من خواص الانسان، انفرد به عن الملائكة والحيوان، لأن الله تعالى خلق للحيوانات شهوة دون عقول تكبح جماحها، وخلق للملائكة عقولا بدون شهوات تصرفهم عن طاعة الله، وخلق الانسان وجمع له بين العقل والشهوة، فمن تحكم علقه في شهواته كبح جماح نفسه فهو ملك يمشي على الأرض، و من تغلبت شهوته على عقله فانقاد لنفسه وهواه، كان «كالأنعام بل هم أضل سبيلا» (الفرقان 44). قال الله تعالى «والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم» (الرعد 22، 24). و الصبر أنواع: صبر الانسان على أداء الطاعات وفعل الواجبات، وصبر الانسان عما يحب من شهوات الدنيا وملذاتها المحرمة، وصبر الانسان على ما يكره من مصائب الحياة وكوارثها، والرضا بقضاء الله وقدره عن اقتناع، والصبر على الجهاد في سبيل الله والحق، فالاسلام يدعو المسلم الى الصبر بكل أحواله لأنه اختبار له لمدى تحمله وجلده «وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور» (آل عمران 186) «فاصبر صبرا جميلا إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا» (المعارج 5) «وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر» (العصر 3) «ربنا افرغ علينا صبرا وثبّت أقدامنا» (البقرة 250). روي عن أبي عُمير الثمالي عن النبي صلى الله عليه وسلم «الصبر والاحتساب أفضل من عتق الرقاب ويدخل الله صاحبهن الجنة بغير حساب»، فالصبر حبس النفس عن المكاره وتلقيها بالرضا والتسليم. قال عليه الصلاة والسلام «إذا أحب الله عبدا ابتلاه ليسمع تضرعه» (رواه البيهقي والديلمي عن أبي هريرة). وقال صلى الله عليه وسلم «إذا رأيتم الأمر لا تستطيعون تغييره فاصبروا حتى يكون الله هو الذي يغيره» (رواه أبو عدي والبيهقي عن أبي أمامة) ولهذا كما أفادنا خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم «إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلي فصبر» (رواه أبو داود عن المقدام). وبشرنا «النصر مع الصبر والفرج مع الكرب، إن مع العسر يسرا» (رواه الخطيب عن أنس)، وأفادنا أن «الصبر نصف الايمان، واليقين الايمان كله» (رواه البيهقي عن ابن مسعود).