تتسارع الأحداث وتتالى في بلادنا حيث كان تعاطي الحكومة مع كل التطورات والمجريات محل نقاش واسع بين الجميع وتحديدا بين طرف حكومي يتحدث عن اكتساب شيء من الخبرة التي تخول له إدارة البلاد وشق آخر ينتقد الطريقة التي تدار بها تونس متحدثا عن معضلة قلة الخبرة في إدارة شؤون الدولة. وللحديث عن مدى توفق الحكومة في تسيير الدولة من عدمه وعما إذا كان تفاعلها من الأحداث وطريقة معالجتها ينم عن نقص في الخبرة او التعمد بالسير بالشعب في التمشي الذي تختاره وبتوافق مع توجهاتها وبرنامجها المستقبلي. اتصلت «الصباح الأسبوعي» بالمولدي الرياحي رئيس كتلة التكتل في المجلس الوطني التأسيسي والمولدي الفاهم القيادي في الحزب الجمهوري، والحقوقي محسن مرزوق فكانت مواقفهم متباينة. أثار تعاطي الحكومة مع العديد من التطورات جملة من الانتقادات على غرار أحداث الملاحة أو الاضطرابات في الولايات الداخلية أو مسالة التعيينات وآخر المسائل الخلافية وليس آخرها جرايات عمال الحضائر الذين نزلوا إلى الشارع في سيدي بوزيد للمطالبة بحقوقهم ثم قضية تعيين الشادلي العياري على رأس البنك المركزي وقبلها قضية البغدادي المحمودي. زلّة لسان ومن الأحداث المستجدة والتي دارت وقائعها مؤخرا في القصرين بعد اقتحام عدد من عائلات شهداء وجرحى الثورة لمقر الولاية ومحاولة احتجاز المعتمد الأول على خلفية ما قاله رئيس الحكومة المؤقتة في حواره التلفزي فيما يتعلق بقيمة التعويضات لجرحى وشهداء الثورة، حيث طالبوا بصرف باقي التعويضات رغم الجهود التي بذلها المعتمد الأول في إقناعهم بأن ما صرّح به رئيس الحكومة هو زلة لسان، وتجدر الإشارة إلى إن المكلف بالإعلام في رئاسة الحكومة رضا الكزدغلي قد صحح ما ورد على لسان حمادي الجبالي فيما يتعلق بقيمة التعويضات. وفي حديثه عن تعاطي الحكومة مع أهم الأحداث والملفات يقول المولدي الرياحي: «لا اعتقد أن الأمر يتعلق بسوء تدبير على الأقل في مواضيع عادية مثل مسالة تسديد أجور عملة الحضائر، حيث تبين لدى وزارة التنمية الجهوية وجود العديد من التجاوزات والاخلالات في الاستفادة من هذا العمل فالكثير منهم غير مسجلين ويستفيدون برواتب دون وجه حق وبأشكال مختلفة، وهذا الأمر تفاقم منذ حكومة الباجي قائد السبسي». ويتابع محدثنا: «إن تعاطي الحكومة مع هذا الملف يدل على اكتسابها الخبرة. هناك ثقافة يتوجب عليها أن تتغير وذلك عبر إعادة الهيبة للدولة والحرص على الكشف عن الأوضاع الحقيقية ليكون في النهاية هناك توزيع عادل للأموال والمساعدات لمستحقيها. على الحكومة ان تكون أكثر حزما في مراقبة الأموال العمومية، فهي لن تسلم من الانتقاد والنقد والحملات مع كل هفوة تقوم بها حيث تستغل سياسيا بشكل فادح وهو ما يخرجنا من النقد البناء الذي نسعى الى إيجاده لدى المعارضة والمجتمع المدني». مسكٌ بزمام الأمور بدوره يقول المولدي الفاهم القيادي في الحزب الجمهوري: «اعتقد ان في تعاطي الحكومة خاصة الطرف الأبرز فيها واعني بذلك حزب النهضة مع الأحداث التي عشنا على وقعها ووضع البلاد ككل توجها نحو إدامة مسكها بزمام السلطة، ولعل المشروع المقترح من قبل هذه الحكومة المتعلق بالهيئة المستقلة للانتخابات وما فيه من ثغرات يؤكد هذا التوجه، لكن ما لا يعلمه الجميع انه لا يمكن لأي احد أن يستأثر بالحكم وبالدولة بمفرده». أما الحقوقي محسن مرزوق فقد أكد على أن الحكومة الحالية ومن خلال تعاطيها مع مجريات الأحداث تجمع بين قلة الخبرة والتوظيف السياسي لما يقع حيث قال: «اعتقد أن مسالة قلة كفاءة حكومة الجبالي لا تعالج بطول المدة لان جانبا كبيرا من وزرائها يفتقرون للكفاءة كيف لا وهم قد عينوا عبر المحاصصة الحزبية ولا علاقة لهم بالخبرة أو الكفاءة. وتسعى الحكومة من خلال مجاراتها للأوضاع على الأرض إلى التوظيف السياسي خدمة لمصالح حزبية ضيقة وهي إستراتيجية مآلها سير نحو حافة الهاوية، فهي تسعى في كل مناسبة إلى دفع الأمور إلى مأزق عبر فتح 4 أو 5 ملفات في الوقت نفسه في محاولة لحلها دفعة واحدة طبقا لميولاتها وعملا بمنطق الابتزاز السياسي واللامبالاة بالطرف الآخر». مآلها الفشل ويتابع محسن مرزوق حديثه قائلا: «سيكون مآل هذه السياسات الفشل لأنها تفتقر إلى الأخلاقيات الأساسية والوطنية وروح المسؤولية، هناك خطوط حمراء وجب على الحكومة خاصة النهضة احترامها وعدم تجاوزها. واعتقد أنهم في حال مواصلتهم في هذا الاتجاه سيدفعون ثمنا غاليا في حق أنفسهم وفي حق الشعب». إن المحرار الذي سيخول للتاريخ تقييم أداء هذه الحكومة في هذه المرحلة الانتقالية التي تمر بها بلادنا هو الإجابة عن سؤال واحد: هل تمّ تحقيق أهداف الثورة أو حتى البعض منها؟.