لم يتوان رئيس الجمهوريّة المؤقت في توجيه إنتقادات وصفها البعض بالحادة لحركة النهضة ضمن رسالة تمّت تلاوتها في افتتاح أشغال المؤتمر من أجل الجمهوريّة في مؤتمره الثاني. ولئن سجل بعض أعضاء الحركة من داخل الحكومة ومن خارجها موقفا رافضا لهذه الانتقادات بالانسحاب من الجلسة الافتتاحية فان الأمين العام «للمؤتمر» المنتخب قد سارع إلى اعادة ترتيب الأمور وتوضيح اللبس الذي رافق هذا الموقف مؤكدا التزام الحزب بمبدإ الشراكة مع النهضة والتكتل في تسيير شؤون البلاد ومطمئنا ضلعي المثلث على مواصلة الطريق. لقد شبه المرزوقي في رسالته شريكه الائتلافي «بالتجمع» واتهمه بمحاولة الهيمنة على السلطة من خلال التغلغل في شرايين الادارة والانفراد بالرأي في قرارات التعيينات المتتالية على المستويين المركزي والجهوي في مسعى في رأي بعض الملاحظين لبسط اليد وتعزيز النفوذ تمهيدا للانتخابات القادمة. راشد الغنوشي في أول ردود الفعل أكد أن ما ورد في هذه الرسالة يلزم شخص المرزوقي فقط لانه لا صفة رسمية له في حزب المؤتمر... وذهب محمد بن سالم وزير الفلاحة (عن حركة النهضة) إلى أبعد من ذلك حيث عبر عن استغرابه لمضمون هذه الرسالة وقال «لا يمكن للمرزوقي أن يكون رئيسا ومعارضا في نفس الوقت» وأضاف «رئيس الجمهورية يعتبر بعض التغييرات على مستوى الادارات والوظائف السامية في الدولة محاباة حزبية وهو بذلك يردد كلام المعارضة وهو جزء في الائتلاف الحاكم...». ودخل الهادي بن عباس الناطق الرسمي باسم «المؤتمر» على الخط موضحا أن الخطاب كان «من باب التحذير لحركة النهضة فقط» مستدركا بالقول «أن الأخطاء المرتكبة من طرف الحكومة تلزمهم أيضا كحزب المؤتمر كما تلزمهم فوائد الانجازات». وبين موقف مصرّ على تبني خطاب المرزوقي بدعوى الحرص على تصحيح المسار والتخلي عن سياسة الهيمنة وبسط النفوذ.. وموقف يعيب على حركة النهضة التسرع في رد الفعل وموقف ثالث يستغرب من رسالة المرزوقي الذي «وضع ساقا في الحكم وساقا في المعارضة..» ذهبت بعض الصحف الغربية الى وجهة أخرى حيث ورد في بعض المقالات أن «تونس مهد الربيع العربي قد تشهد قريبا أزمة سياسية خطيرة..» بسبب مواقف رئيس الجمهورية تجاه حركة النهضة. وبين هذه المواقف وتلك فان الأمر لا يعدو أن يكون ثمرة من ثمار الديمقراطية وخطوة على الدرب الصحيح بما أن لرئيس الجمهورية أن ينتقد عمل الائتلاف الحاكم ويوجه ملاحظاته وتوصياته.. وعلى الحكومة التي ليست فوق النقد ان تتقبل هذه الملاحظات بقدر كبير من الروح البناءة.