اطلق المواطن التونسي مؤخرا صيحة فزع جراء الارتفاع المتزايد لأسعار العقارات المخصصة للكراء والمخصصة للبيع على حد السواء وأصبح امتلاك عقار للسكنى حلما صعب المنال لما يحمله من اعباء تثقل كاهله من قروض ومصاريف قاهرة خاصة وان اقتصادنا يمر بأوقات عصيبة. وللإحاطة بحيثيات المشكل لابد من تبديد جملة التساؤلات التي تراود التونسي حول اسباب هذا الارتفاع في الاسعار وكيفية تجاوزه. غلاء العقار يحمل في طياته اسبابا عديدة وشائكة صرح شكري كسكاس رئيس الغرفة النقابية للوكالات العقارية ل"الصباح" ان قطاع العقارات في تونس يخضع لثنائية العرض والطلب مثله مثل باقي القطاعات إلا ان اضطراب الاوضاع خاصة الاقتصادية منها ساهم في ارتفاع اسعار العقارات بيعا واكتراءا. ويرجع شكري كسكاس اسباب هذا الارتفاع الى غلاء الاراضي من جهة وتقلصها من جهة اخرى وعدم الاستناد الى "مثال التهيئة" الذي يتجنبه الباعث والمستفيد من العقارات لأنه يتطلب وقتا طويلا لانجازه يصل بين 5 و6 سنوات وهو ما ساهم في انتشار البناء الفوضوي وأضاف كسكاس ان مواد البناء المحلية والمستوردة عرفت ارتفاعا متزايدا في الفترة الاخيرة خاصة في مادتي "الفولاذ" و"النحاس" الى جانب مشاكل "الرخص الإدارية" على اختلاف انواعها من كهرباء وماء.. الى غير ذلك من متطلبات تشييد العقار والتي تخلق مشكلا بين الباعث والبنوك فكلما تأخرت مدة الحصول عليها إلا وارتفعت نسبة الفوائض مع البنوك وهو ما يجبر الباعث العقاري على الترفيع في اسعار العقارات لتسديد كل هذه المصاريف الاضافية. ويعتبر شكري كسكاس انه بالرغم من تذمر المواطن من غلاء اسعار العقارات إلا ان الوضع اليوم يختلف فهو يعتبر نسبيا افضل فقبل الثورة كانت نسبة الزيادة في اسعار العقارات المخصصة للكراء تصل الى 50 بالمائة وحدد هامش الربح بنسبة7 بالمائة لكن في الآونة الاخيرة استقرت نسبة الزيادة في الاسعار في حدود 10 بالمائة بينما لا يتجاوز هامش الربح 3 بالمائة حسب الاحصائيات الاخيرة التي نشرتها وزارة المالية. وللتصدي للغلاء المتزايد في اسعار العقارات يرى كسكاس انه لابد من تدخل الدولة مع تمسكها بعدم منح تراخيص للأجانب لشراء العقارات في البلاد التونسية. حلول متواضعة في مجابهة وضع دقيق ويتفق نجيب السنوسي المدير العام للإسكان مع ما سبقه من رأي. ويضيف ان تدفق الليبيين الى تونس بأعداد كبيرة خاصة بعد الثورة ساهم بشكل كبير في غلاء العقار على مستوى الكراء وذلك لتزايد الطلب. وعن الحلول التي يجب ان تتوخاها الجهات المعنية يرى نجيب السنوسي ان البرنامج الذي وضعته الدولة بتوفير 30 الف مسكن اجتماعي على مدار سنتين موزعة على كامل تراب الجمهورية يعد الاهم. فقد خصصت منها عشرة آلاف لتعويض المساكن البدائية «الأكواخ". والتي شرعت وزارة التجهيز في تهيئتها منذ بداية السنة الجارية. والعشرين الف الباقية ستكون مخصصة للسكن الاجتماعي تتمتع بها الطبقات الوسطى والضعيفة بصفة تستجيب للمواصفات الكاملة للسكن. كما يعتبر المدير العام للإسكان ان مجهود الوكالة العقارية للسكان والسكنى في توفير اكثر ما يمكن من مقاسم على غرار المقاسم في كل من منوبة ورادس والنفيضة والفجة يعد من بين الحلول لتوفير اكثر ما يمكن من اراضي صالحة للسكن. وأكد نجيب السنوسي على ضرورة الضغط على الكلفة عبر دراسة وضعية المقاولات واعتماد طرق بناء حديثة واستعمال مواد بناء تستجيب للمتطلبات البيئية الكاملة مع اهمية الانفتاح على التجارب العصرية الناجحة في العالم والتي اعطت اكلها في قطاع البناء والعمل على تطبيقها والاهتمام بقدرات الكفاءات المحلية وتطويرها.