تونس-الصباح الأسبوعي ماتزال عمليات البحث متواصلة عن مفقودين في المياه الإيطالية، بعد أن غرق مركب يحمل مهاجرين غير شرعيين انطلق من شواطئ مدينة صفاقس، بين الليلة الفاصلة ليومي الخميس والجمعة الماضيين وقد تمكنت السلطات الإيطالية من إنقاذ 56 تونسيا، إضافة إلى انتشال جثتين. ضمّ المركب كما يروي بعض الناجين- أكثر من 130 شخصا من بينهم 10 نساء و6 قصر، في حين تحدثت رواية أخرى عن أن عدد المهاجرين غير الشرعيين على المركب الخشبي الذي يبلغ طوله 10 أمتار يصل إلى حد 150 شخصا. وبحسب أحد الناجين التونسيين فإن جثة الرجل التي انتشلت خلال عمليات الإنقاذ الأولى تعود إلى نادر بوحوش الذي يبلغ من العمر 29 عاما وهو عاطل عن العمل من أبناء سيدي بوزيد، إلى جانب ورود أنباء عن أن أربعة من المفقودين أصيلي جلمة. أما الجثة الثانية فهي لإمرأة ماتزال الابحاث جارية لمعرفة إن كانت ضمن «الحارقين». الموت من أجل عيش أفضل المأساه أو «التراجيديا في لامبادوزا» كما وصفتها الصحافة الإيطالية استوجبت نقل بعض الناجين عبر الهيليكوبتر، نظرا إلى حالتهم الحرجة. أحد الناجين سيدة تونسية في الأشهر الأخيرة من الحمل تبلغ من العمر 25 عاما وتدعى «وفاء». غادرت تونس مصطحبة أخاها «علي» البالغ من العمر 5 سنوات، كانت وفاء تعمل في محل لتصفيف الشعر حتى تجمع المال الكافي «للرحيل عن تونس والبحث عن عيش أفضل في إيطاليا «كما تقول في تصريح لصحيفة «إل غازيتينو» « Il Gazzettino» الإيطالية. وتضيف وفاء «عندما غرق المركب حاولت ألا أفقد أخي وأن يبقى بجانبي دائما ولكن كلانا لا يحسن السباحة، لقد ساعدني أحدهم على الاقتراب من الشاطئ لكنني فقدت أخي في البحر، وقد ابتلعت الأمواج أيضا شابتين في مقتبل العمر وشابا يبلغ من العمر 17 عاما أمام عيني.» ولم تكن تلك المرة الأولى التي حاولت فيها وفاء أن تهاجر إلى إيطاليا إلا أنّ السلطات الإيطالية أعادتها إلى تونس بعد محاولتها الأولى، لم تيأس وفاء -يتيمة الأم والأب- وجمعت المال لتهاجر مرة أخرى مع أخيها لكنها هذه المرة فقدته هو أيضا. غرق المركب أم لاذ بالفرار؟ غرق «علي» لكنّ قوات خفر السواحل تمكنت من إنقاذ ال5 قصر الآخرين، بعد أن أنهكتهم السباحة لمدة طويلة. وترجح مصادر إيطالية فرضية أن يكون مركب قد جلب المهاجرين وتركهم قبالة سواحل الجزيرة حتى يتمكن من الفرار. وهي الفرضية التي تبنتها النيابة العامة في «أجريجنتو» -التي فتحت تحقيقا في الواقعة- وهو ما من شأنه أن يفسر أسباب عدم العثور على حطام المركب. لكنّ هذه الفرضية لا تفسر عدم تمكن السفن والطائرات التي شاركت في عملية الإنقاذ من اعتراض مركب المهاجرين عند فراره. لكنّ روايات الناجين تتحدث عن أنّ المركب غرق قرابة سواحل «لامبادوزا» بالقرب من جزيرة لامبيون الصغيرة نظرا إلى أن حمولته لا تتناسب مع حجمه. و كانت السلطات الإيطالية تلقت نداء استغاثة صدر عن مركب المهاجرين وليست هنالك معلومات مؤكدة إن كان ذلك تم قبل غرق المركب أو قبل أن يتخلى عن ركابه قرابة سواحل لامبادوزا. ويمكن أن يفهم من صوت المستغيث أنّه يتحدث عن دخول المياه إلى المحرك في حين يستفسر المسؤول الإيطالي عن المسافة التي تفصله عن الجزيرة. رئيس أساقفة «أجريجنتو» عبّر عن أسفه للصحفيين قائلا:» لا يمكن للمرء أن يموت لأنّه يريد أن يعيش»، مضيفا «نحن جميعا مسؤولون عما حدث بسبب لامبالاتنا تجاه المهاجرين ومعارضتنا لرغبتهم في مستقبل أفضل.» وقد خصصت السلطات الإيطالية وحدات من خفر السواحل والحرس وثلاثة سفن عسكرية تابعة للناتو (سفينة ألمانية وأخرى إيطالية وثالثة تركية) إلى جانب طائرات مروحية. ويشير أحد المسؤولين الإيطاليين إلى أن عمليات الإنقاذ ستتواصل إلى حد أن «تيأس السلطات من إمكانية العثور على بقية المفقودين.» وتشمل عمليات التمشيط جوا وبحرا محيط نحو 400 كلم مربع.