يعد التّحيّل من الظواهر الإجرامية المتفشية في جل المجتمعات الإنسانية. إن جريمة التحيل هي جريمة مركبة يتألف الركن المادي فيها من أفعال مختلفة عن بعضها تتمثل في وقوع الاحتيال بطرق معينة قانونا فيما يتمثل الفعل الثاني في عملية الاستيلاء على مال الغير وضرورة توفر علاقة سببية بين تلك الأفعال. و للتحيل أوجه عديدة و هنا سأخص واحدة من أخطر أوجه التحيل ألا وهي جريمة انتحال الصفة. و بصفتي محاسبا سأتناول بالتحليل ظاهرة انتحال صفة المحاسب و مدى خطورتها على المؤسسات والاقتصاد الوطني و المالية العمومية. و بالرغم من صدور قانون( 16)_2002 بتاريخ 04 فيفري 2002 الذي عرَّف مهنة المحاسب ومن له الحق في ممارسة هذه المهنة إلا أنّ ظاهرة انتحال صفة المحاسب قد تفشّت بصفة خطيرة في الإدارة العمومية و خارجها مما أدى إلى تدهور جودة الخدمة المسداة للشركات وما ينجرّ عن ذلك من أخطار محاسبية وتبعاتها الجبائية والاقتصادية تتعلق مباشرة بالمؤسسة ذاتها و بجميع الأطراف التي تتعامل معهم إضافة إلى الأخطار التي تطال المالية العمومية والاقتصاد الوطني برمته. فهؤلاء الدخلاء و نظرا لافتقادهم للكفاءة المهنية والعلمية سيقومون بأعمال غير مدروسة من شأنها أن تعود بالوبال على المؤسسة الاقتصادية من مراجعات جبائية تصل إلى حد استبعاد المحاسبة برمتها وتوظيف جبائي وخطايا مالية ومدى إخلالها بالتوازن المالي للمؤسسة وفي غالبها تكون كارثية على مستقبلها وما ينجر عن ذلك من فقدان مواطن شغل وأثره على السلم الاجتماعي واقتصاد البلاد برمته. علاوة على عدم قدرتهم الدفاع على ملف حريفهم وذلك لافتقادهم لصفة المحاسب المعتمد والتي تخول لهم مساندة صاحب المؤسسة في جميع مراحل المراجعة الجبائية. ومن هذا المنطلق وجب التصدي و بجميع الوسائل القانونية المتاحة لهذه الظاهرة الخطيرة التي نخرت وما زالت في اقتصاد البلاد إضافة إلى التضييق ألاأخلاقي على المحاسبين المعتمدين مما أدى إلى التقليص من مداخيلهم. و عليه و تجنبا لكل الأخطار المحاسبية أدعو جميع المؤسسات الخاصة والشركات إلى اللجوء إلى محاسب معتمد مرسما بجدول مجمع المحاسبين بالبلاد التونسية الذي خول له القانون مسك المحاسبة وتفرعاتها من مسك الدفاتر وإعداد الموازنات والتصاريح الجبائية والإجتماعية ذات العلاقة فيكونون بذلك في مأمن من هذه الأخطار و يساعدون على دعم اقتصاد البلاد.