حضرت صباح أمس الفتاة التي تتهم عوني أمن باغتصابها بالمحكمة الابتدائية بتونس وتم إدخالها من الباب الخلفي للمحكمة وكانت تخفي وجهها بالكامل وقد مثلت أمام قاضي التحقيق بالمكتب 13 كما مثل معها خطيبها الذي يعمل مهندسا وقد وجهت لهما تهمة التجاهر بالفحش طبق أحكام الفصل 226 من المجلة الجزائية. وباستنطاقهما من قبل قاضي التحقيق الذي واجههما بالتهمة المذكورة المنبنية حسب ما أفادهما به على ضبطهما في وضع حميمي من قبل أعوان الأمن انكرت الفتاة وخطيبها التهمة المذكورة وأكدا على أنهما كانا في وضع عادي داخل السيارة وكانت الفتاة جالسة خلف المقود دون أن يصدر منهما أي فعل مناف للحياء. وأضافت الفتاة أن أعوان الأمن ضغطوا عليها خلال الأبحاث الأولية مما جعلها تعترف بأشياء لم ترتكبها. وبإفساح المجال للدفاع رافع عنها حوالي 10 محامين من بينهم رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الأستاذ عبد الستار بن موسى والأستاذة ليلى حداد والأستاذة راضية النصراوي وغيرهم وطلبوا حفظ التهمة في حق الفتاة وخطيبهامعبرين عن استغرابهم من ان تتحول في قضية جزائية المتضررة إلى متهمة واعتبروها سابقة خطيرة في تاريخ القضاء التونسي. وأضافوا من الناحية القانونية ان لإجراءات الفصول 14و51 و104 من مجلة الإجراءات الجزائية وانه بتحول المتضررة إلى متهمة هناك محاولة لايجاد مبرر لما قام به أعوان الأمن وما اقترفوه من جرم في حق تلك الفتاة التي مازالت في مقتبل العمر. وللتذكير بوقائع هذه القضية فإن فتاة تقدمت خلال شهر أوت الفارط بشكوى إلى مركز الأمن الوطني بحدائق قرطاج وذكرت أنها تعرضت للاغتصاب من قبل 3 أعوان أمن حيث أوقفوها لما كانت مع صديقها على متن سيارته ثم اقتادوها لسيارة الشرطة وتداول اثنان على مواقعتها في حين اصطحب العون الثالث مرافقها إلى مكان بعيد عن مسرح الواقعة وتعمد ابتزازه وكانت وزارة الداخلية أصدرت بلاغا وضحت فيه ملابسات الواقعة كما ذكرت أنه تم ايقاف الأعوان المشتبه بهم. وفي ذات السياق تجمهر أمس عدد كبير من الحقوقيين والمواطنين ومكونات المجتمع المدني وأعضاء من المجلس التأسيسي أمام قصر العدالة بتونس في وقفة مساندة للفتاة «المغتصبة» . ◗ مفيدة القيزاني
مئات المحتجين يساندون الفتاة المغتصَبة تمّ أمس رسميا توجيه تهمة التجاهر بالفحش إلى الفتاة المغتصبة وخطيبها من قبل النيابة العمومية، تهمة قالت عنها دليلة مصدق عضو هيئة الدفاع بأنها "لا تستند إلى أي دليل أو إثباتات وأن الملف طرح على القضاء بناء على شهادة المتهمين، إلى جانب أن نفس القاضي حقق مع الفتاة أول أمس بصفتها ضحية ليحقق معها ومن جديد بصفتها متهمة أمس وهو ما لا يجوز فكيف سنضمن حياد القاضي وكيف سيعالج القضية وينصف الضحية". دموع النساء المتجمعات أمام قصر العدالة صاحبتها حيرة عدد من الرجال واستغرابهم من "توجيه التهمة رسميا بالرغم مما روته الضحية من حقائق تنفي من خلاها بأنها وجدت في وضع لا أخلاقي وفي ساعة متأخرة من الليل". مئات المحتجين من مختلف مكونات المجتمع المدني إلى جانب حقوقيين وممثلين عن أحزاب ومواطنين جاؤوا لمساندة الفتاة والتنديد بإحالتها على القضاء "بعد ان تحوّلت من ضحية إلى متهمة" على حد قول العديد منهم، شعارات عدة رُفعت وتعالت بها حناجر النساء والرجال على حد السواء من ذلك "فضيحة في بلادي يُبرر الاغتصاب وتُصبح الضحية متهمة".."احشم المغتصبة ضحية تعاونها مش تحاكمها" .."سيدي القاضي معلومة : البوليس غير مقدس".. "القانون فوق الجميع أما موش فوق نسانا".. "التحرش الجنسي انتهاك لكرامة النساء" وغيرها من الشعارات المنددة. حتى أن بعض الشعارات تجاوزت الخطوط الحمراء ولوحت بألفاظ غير محتشمة ذكرت من خلالها حكومة النهضة، وفي مقدمتها علي العريض وزير الداخلية، مذكرة بما في سنوات الجمر في السجون. كثيرات ممن جئن مساندة وتنديدا بالعمل الإجرامي الذي قام به رجال الأمن حيث قالت وفاء عبد الجواد مواطنة "أحيي هذه الفتاة التي كانت فطنة فتوجهت مباشرة إلى إحدى الجهات الصحية لمعاينة آثار الإغتصاب وتقديم شكوى ضد مغتصبيها، فأي إمرأة تونسية مهما كان وضعها يمكن أن تتعرض إلى مثل هذه المشكلة مادام رجال الأمن المطالبين بحماية أمن البلاد والعباد قد أصبحوا أول المنتهكين لهذا الأمن". وأضافت عبد الجواد "أؤكد أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها فتاة إلى الإغتصاب من قبل اعوان أمن فحالات عدة سجلت بعد الثورة بمراكز الشرطة وإلى جانب التحرش الجنسي أمام وزارة الداخلية أثناء المظاهرات والوقفات الإحتجاجية". في نفس السياق أكدت الدكتورة فاتن أن "كل النساء ترفضن الاغتصاب سواء كان معنويا أو جسديا لأي مواطن أو مواطنة فالعديد من الرجال ايضا طعنوا في شرفهم وفي كرامتهم ومساندة وتنديدنا اليوم هو مساندة لكل الشعب التونسي ولكل نساء تونس ونحتج على كل أشكال القمع والتعذيب والترهيب ضد النساء والرجال على حد السواء وكل من يخطئ يُطبق عليه القانون وهذه الفتاة هي تونس ولا يمكن أن تمر قضيتها مرور الكرام دون إنصافها" كان للرجال أيضا رأي في نفس الإتجاه ترجم شعورهم بالغبن من جهة وبالصدمة من جهة أخرى إذ وضع كل واحد منهم نفسه مكان خطيب الفتاة وعائلتها وأصدقائها، فقد أكد عصام المناعي عن تنديده لهذا الجرم وقال:" فمهما كان الوضع الذي كانت فيه الفتاة فإن ذلك لا يبرر فعل رجال الأمن الإجرامي، فهذه الفتاة أراها كأخت أو زوجة أو أم أو جارة فبمجرد أن أتخيل نفسي في وضعها أصاب بحالة من الهلع فالمفروض ان هناك قانونا يجب تطبيقه عوضا أن تطبق لغة الهمجية والإجرام ولا يمكن السكوت عن هذه القضية " بدوره قال هشام بن خامسة "من الطبيعي أن اجد نفسي بهذا المكان فأساند وأندد بممارسات البوليس القمعية وسياسة الحكومة الحالية التي كان من المفروض أن تتعامل مع هذا الملف بأكثر جدية وخاصة أنه لا يخفى على اعضائها ما مروا به في سنوات القمع والديكاتورية فعليهم أن يتخلوا عن عقلية الزميل عندها يمكن الحديث عن أمن جمهوري". كل من النائبتين نادية بن شعبان ونجلاء بوريال اعتبرتا أن وجودهما لا يمكن أن يكون إلا بهذا المكان أي أمام قصر العدالة مساندة للفتاة المغتصبة وتنديدا بممارسات بعض رجال الأمن الإجرامية حيث أكدتا أن ما يحصل اليوم خطير جدا على جميع المستويات فأن تتحول الضحية إلى متهمة فذلك امر يعد اغتصابا ثانيا وانتهاكا لكرامتها ولحقوقها ولكن نحيي في هذه الفتاة كسرها لجدار الصمت وفضح القضية مهما كانت عواقبها فيما بعد فهذه الفتاة رفعت شكوى لأنها تؤمن بعدالة القضاء. وقد أكدت نادية بن شعبان أن نائبات المجلس الوطني التأسيسي قد أصدرن بيانا عبرن من خلاله عن بالغ استيائهن واستنكارهن لواقعة الإغتصاب والإبتزاز التي كانت ضحيتها شابة وشاب من طرف ثلاثة أعوان أمن وقيام السلطة القضائية المختصة بتتبع الضحيتتين من أجل "جريمة التجاهر عمدا بفحش".