لعب الحقوقيون دورا هاما في التشهير بسياسة التعذيب المعتمدة في السجون سواء في تونس ما قبل الثورة أو بعدها، لكن تعددت التصريحات مؤخرا حول اتباع بعض الحقوقيين لسياسة المكيالين في دفاعهم عن المعذبين في السجون خاصة في ما يتعلق بالسلفيين. "الصباح الأسبوعي" رصدت هذه التصريحات وتحدثت مع كلّ من رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى ورئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب راضية النصراوي. "من المخزي للمنظمات الحقوقية أن لا تتحرك بنفس الوقع عندما يتعرض السلفيون إلى التعذيب في السجون"، هذا ما صرح به المحامي أنور ولاد علي رئيس لجنة الدفاع عن الموقوفين في أحداث السفارة الأمريكية وبئر علي بن خليفة. وأفادنا محدّثنا أنّ الشباب السلفي الموقوف يتعرّض إلى ممارسات تعذيب لا تمت بصلة لجانب حقوق الإنسان في تونس ما بعد الثورة، قائلا: "يتعرّض الموقوفون في أحداث السفارة الأمريكية وبئر علي بن خليفة إلى التعذيب الممنهج على غرار نزع الثياب وصبّ الماء البارد عليهم والصعق الكهربائي في ظل صمت حقوقي واضح، وهو ما يعني أن الحقوقيين لا يتحركون إلا إذا كان الموقوفون غير سلفيين". وأدان المحامي أولاد علي وكاتب عام جمعية المحامين الشبان بشدة سكوت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي وصفه ب»الغريب والمحير». وأضاف محدّثنا: "هناك من يدعي أنه حقوقي ولا ينظر إلا لمن ليس لديه لحية". "عدم التزام بالمسؤولية" وشاطره الرأي في ذلك المولدي علي المجاهد أمين عام حزب "الأصالة" السلفي الذي قال: "إنّ معظم الحقوقيين في تونس خاصة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان غير نزهاء في أداء دورهم وغير ملتزمين بالمسؤولية التي وضعت بين أيديهم، فمن واجب الحقوقيين التحرك للدفاع عن جميع المظلومين دون التمييز بين سلفي أو علماني أو غيره". وأفادنا علي المجاهد أنه من موقعه كرئيس لرابطة المحاماة العالمية لحقوق الإنسان، أنه يرى تقصيرا واضحا من قبل بعض المنظمات الحقوقية. من جهته، أعرب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى ل"الصباح الأسبوعي" عن استغرابه من هذه التصريحات، قائلا: "اتهامنا بكوننا نعتمد سياسة المكيالين ليس بالأمر الصحيح، والدليل أننا أصدرنا بيانا على خلفية أحداث السفارة الأمريكية ندّدنا فيه بالاعتداءات". واستنكر في هذا الصدد تصريح من يتهم الحقوقيين بكونهم يعتمدون سياسة المكيالين، قائلا: «مهما كانت انتماءات ضحية التعذيب سلفية أو علمانية ومهما كان مصدر التعذيب فنحن نتحرك عندما تصلنا شكاوى في الغرض». وهو ما أشارت إليه كذلك رئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب راضية النصراوي، التي بدت غاضبة عندما نقلنا إليها هذا التصريح، حيث قالت ل»الصباح الأسبوعي»: «أستغرب صراحة من هذه الاتهامات لأن المنظمة تتحرك وفقا لما يصلها من شكاوى، فكيف يريدون منا أن نتحرك ونبادر بالتنديد ونحن لم نتلقّ تكليفا في ذلك». ماذا عن قانون الإرهاب؟ بوصفه العمل الحقوقي في تونس ما بعد الثورة بسياسة المكيالين، أشار المحامي أنور أولاد علي إلى بعض الموقوفين في أحداث بئر علي بن خليفة والذين ستتم محاكمتهم بمقتضى قانون الإرهاب، حيث قال محدّثنا: «الإدانات المتكررة زمن بن علي لقانون الإرهاب الصادر سنة 2003 لكونه لا يتماشى والمواثيق الدولية لم نجدها اليوم، فالصمت الحقوقي لا يزال ملحوظا، ولم نجد التنديد المطلوب من قبل الحقوقيين حول مواصلة تطبيق قانون الإرهاب». في هذا الصدد، قال رئيس الرابطة «لا أدري صراحة سبب هذه الاتهامات، فموقف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واضح منذ الإعلان عن هذا القانون لكونه غير دستوري وينسف كل حقوق الدفاع، وليس من المعقول أن تحاكم أناس بعد الثورة بمقتضى قانون الإرهاب». «الرابطة نادي يسار» وردا على تصريح رئيس لجنة الدفاع عن الموقوفين في أحداث السفارة الأمريكية وأحداث بئر علي بن خليفة المتعلق بعدم سماح الرابطة للإسلاميين بالانخراط فيها ولقبها بكونها «نادي يسار»، قال عبد الستار بن موسى: «هذه الاتهامات لا تمتّ للواقع بصلة لأن الهيئة المديرة الحالية للرابطة تضم إسلاميين، وأشير إلى أننا تلقينا تشكّيات حول بعض الفروع لكونها لا تمنح الانخراطات إلا للإسلاميين وأنا أتحفظ عن الأسماء، وأؤكد أن الرابطة ترحب بكل من يؤمن بالحريات». جملة الانتقادات الموجهة إلى بعض الحقوقيين في تونس حول اتباعهم سياسة المكيالين ووقوفهم وقفة الرجل الواحد إلى جانب من ليس سلفيا تشكّك في العمل الحقوقي الذي لا يميز بين دين أو انتماء سياسي أو جنس، وهو ما يستنكره بعض الحقوقيين الذين يؤكدون وقوفهم في صفّ المواطن ودفاعهم عن حقوقه.