"على إسرائيل أن تقصف قطاع غزة وأن تحدث ضررا لم يسبق له مثيل بالنشطاء وبالبنى التحتية... أن غزة هي تاريخ قتال سيزيفي سيحسم بردع قائم على أضرار ضخمة".. هكذا كتب يقول أحد المحللين السياسيين الإسرائيليين يدعى رؤوبين باركو في مقال له نشر بجريدة "إسرائيل اليوم" بتاريخ الاثنين 12 نوفمبر.. ثم وبتاريخ الاربعاء14 نوفمبر أي بعد يوم واحد من صدور هذا المقال شرع الطيران الحربي الصهيوني في شن سلسلة غارات لاتزال متواصلة أوقعت الى غاية يوم أمس الخميس 13 شهيدا ابرزهم احمد الجعبري نائب القائد العام للجهاز العسكري لحماس فضلا عن مئات الجرحى في صفوف السكان المدنيين.. إذن،،، هي غزة من جديد... وفصل آخر من "قتال سيزيفي" على حد تعبير المحلل السياسي الإسرائيلي تنفذه آلة الحرب الصهيونية المجرمة في محاولة لتركيع الإنسان العربي في المطلق وليس الفلسطيني وإذلاله وترهيبه وجعله يسلم رقبته خاضعا لمقصلة الاحتلال عّله ينسى وطنا اسمه فلسطين ودرة اسمها القدس الشريف.. هذا العدوان الإجرامي الصهيوني الجديد الذي يأتي بعد أربع سنوات فقط من عملية "الرصاص المصبوب" التي حاولت من خلالها اسرائيل بتاريخ 2008 اجتياح قطاع غزة من جديد وكسر شوكة المقاومة فيها يجب أن ينظر إليه عربيا وإسلاميا من زاويته الصحيحة هذه المرة بوصفه محاولة استهداف خطيرة لروح المقاومة في جسد الأمة وليس مجرد "تصعيد" أمني يتحمل مسؤوليته "الطرفان" كما تريد أن توحي بذلك دوائر الاستكبار العالمي (الاتحاد الأوروبي عبّر على لسان مسؤولة الشؤون السياسية والأمنية كاترين اشتون عن قلقه مما أسماه "تصاعد العنف بين الجانبين") فيما دافعت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس على ما أسمته "حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها" (كان ذلك في اطار جلسة طارئة عقدها فجر أمس مجلس الأمن الدولي بناء على طلب من مصر). العدوان الصهيوني الإجرامي الجديد على غزة الذي بدأ فجر الأربعاء الماضي قد يتحوّل إلى عملية اجتياح برّي جزئية أو كاملة للقطاع بما يعنيه ذلك من جرائم حرب سترتكب حتما في حق المدنيين وبما يعنيه أيضا من اختبار جدّي لارادة المقاومة ومدى قدرتها على الصمود مرة أخرى في وجه آلة الحرب الصهيونية... طبعا،،، نحن لسنا واهمين بخصوص هذه المسألة فميزان القوى عسكريا هو وبالكامل في صالح دولة الاحتلال والإرهاب الاسرائيلية وآلتها الحربية المجرمة... ولكن هذا لا يعني أن "المسألة" محسومة ابتداء لان الشعب الفلسطيني الذي عرف كيف يصمد على مدى أكثر من نصف قرن والذي ما انفك يكتب عبر تاريخه المعاصر وبدم أجياله صفحات من البطولة والفداء سيعرف كيف يجعل من "معركة" غزة 2012 ملحمة نضالية أخرى تنضاف إلى رصيده المشرف ودوره التاريخي البطولي في الدفاع عن شرف الأمة ومقدساتها.. على أن السؤال المؤلم الذي سيظل قائما هو ذاك الذي يقول: هل ستتكرر المأساة وهل ستترك غزة وحيدة مرة أخرى ؟