لم تزد مواقف كبار المسؤولين بالولايات المتّحدة وعلى رأسهم الرئيس أوباما ووزيرة خارجيّته هيلاري كلينتون من العدوان الصهيوني على قطاع غزّة كبرا. لم تزدهم مباركتهم لسفك دماء الفلسطينيين بتعلّة حق الدولة العبرية في الدفاع عن نفسها كبرا لأنه يمكن اليوم أن نتنكّر للحقيقة وأن ننظر من برجنا العالي مستندين إلى القوة الإقتصادية والعسكرية إلى شعب أعزل ولا نأبه للأرواح التي تزهق عبثا ويمكن أن نمنح الضوء الأخضر للكيان الصّهيوني كي يعربد في الأرض الفلسطينية السليبة يقتل العباد ويهدم البنيان دون حساب لكن التاريخ لن يغفر لهذا البلد هذه المواقف المنحازة إلى درجة تبعث على الإمتعاض والكيل بمكيالين والإنتصار للغاصب على حساب المغتصب. إن مشهد المسؤولين الأمريكييّن وهم يزايدون على دماء الأطفال الفلسطينييّن بالتّسابق من أجل طمأنة المعتدين الإسرائيليين بشأن دعمهم الكامل لمخطّطاتهم الشيطانيّة في غزة وفي فلسطين وفي المناطق العربية المحتلة مؤكدين أنهم وإن اختلف الأشخاص واختلفت الألوان السياسية فإن الكل يجتمع حول الكيان الإسرائيلي المزروع في قلب الأمة العربية والإسلامية، وإن كان المشهد مؤلما فإنه غير مفاجئ. الموقف مؤلم لأنه ظالم ولكنه غير مفاجئ حتى وإن كان على رأس الإدارة الأمريكية اليوم باراك أوباما الذي عبّر في بداية حكمه عن نية في تغيير طبيعة العلاقات مع المنطقة العربية والإسلامية، لأنه معروف أن النوايا الطيبة لا تصمد كثيرا أمام المصالح الأمريكية لكن ما هو أشد إيلاما في القضية أنه ومهما أمعنت أمريكا وتفننت في إظهار اللامبالاة أمام مأساة الفلسطينيين بل أنها تشدد على مساندتها للكيان الصهيوني الغاشم على حساب الأطفال الفلسطينيين الذين يسقطون تحت ضربات سلاح الأمريكيين كلما ازداد بطشه وتنكيله بالشعب الفلسطيني فإن المسؤولين العرب مازالوا يتشبثون بجلباب أمريكا وتجدهم في الصفوف الأمامية لتنفيذ مشاريعها في المنطقة وغالبا على حساب هذه الأمة. ما كان لأمريكا ولا غيرها أن تنتقص من شأن هذه الأمة وما كان لها أن تستهين بجراحها وآلامها وما كان لها أن تتبجّح بنصرتها للكيان الصهيوني على حساب الفلسطينيين لو أنها وجدت من يقف في جدار الصد العربي ندا للند وبعيدا عن الفلكلور ويفرض مصالح هذه الشعوب وهيبتها أمام الأمم.. ربما تغيرت اليوم بعض الوجوه الحاكمة في المنطقة العربية لكن السياسة واحدة والتبعيّة واحدة والموقف الأمريكي المعادي للقضايا العربية مهما كانت عادلة واحد والمناصر للدولة العبرية مهما كان جبروتها واحد.