يقيم الشاعر والناقد التونسي الأزهر النفطي هذه الأيام في مستشفى الرابطة بالعاصمة على اثر وعكة صحية أدت إلى خضوعه إلى عملية على القلب وهو حاليا في انتظار تدخل جراحي آخر. ولكن للأسف فالأستاذ الأزهر النفطي يعاني من صعوبات أخرى اخطر على ما يبدو حيث لم يشفع له انتصاره الدائم إلى الأدب التونسي وحضوره بالرأي والنقد والمتابعة اغلب الأنشطة الثقافية التي تنظم في كل ركن من تراب الجمهورية التونسية وهو الذي لم يترك مكانا لم يلق فيه محاضرة او مداخلة دون ان تمنعه إعاقته وهو المحروم من نعمة البصر منذ كان عمره18سنة. انه لمن المؤسف ان يعاني صاحب الأيادي البيضاء على الأدب والأدباء التونسيين والعرب من صعوبات مادية تحرمه من حقه في التداوي ومن العار ان يواجه الأزهر النفطي هذا الاسم الكبير مشاكل مع صندوق التأمين على المرض"كنام" ومن العار ان لا تتدخل وزارة الثقافة لإسعافه وان لا يتمكن اتحاد الكتاب التونسيين من تأمين مصاريف عملياته ومن المحزن ان يجد هذا الناقد نفسه في مثل هذه المواقف الحرجة دون معين ولا مجيب. ان ما يعانيه اليوم الأزهر النفطي من ضنك العيش وعدم القدرة على مداواة نفسه لهو دليل قاطع على وضع بعض المنتمين إلى قطاع الإبداع بصفة عامة فالأزهر النفطي لو كان فنانا تشكيليا لوجد في ورشته لوحة يبيعها ويداوي منها نفسه ولو كان مخرجا او منتجا سينمائيا لاقتطع من الدعم ما يداوي منه نفسه ولكنه للأسف مبدع في مجال الكتابة التي لا دعم لها او لأصحابها وان وجد هذا الدعم فهو في اغلب الأحيان مخجل ولا يكفي لاسترجاع مصاريف النشر، لذا فلا أمل له وهو الذي لا أبناء له ولا عائلة تتكفل به إلا في ان يصل صدى معاناته إلى اعلى هرم السلطة لا لتزوره وهو بالزيارة أهل ولكن على الأقل لتسهيل تناول ملفه في"الكنام". والباحث والكاتب الأزهر النفطي الذي درس الابتدائي بتونس والثانوي بسوسة والعالي بكلية الآداب بتونس وتحصل على الأستاذية في اللغة والآداب العربية وعلى شهادة الكفاءة في تأهيل المعاقين من باريس لا يؤمن بالمستحيل كتب الشعر والدراسات النقدية والأدبية وشارك في مختلف دور الثقافة والملتقيات والندوات عبر المدن والقرى والأرياف التونسية وساهم في تطوير المشهد النقدي ومواكبة متغيرات الساحة الأدبية من خلال هذه الملتقيات مستعملا وسائل النقل العمومية ولا مرافق له إلا عصاه البيضاء ومحفظته. قلة ذات اليد جعلته ينشر ديوانه"بين الحشرجة والهوية" في العراق دون ان يتمتع حتى بلمسه هنا في تونس. ودرس الشعر التونسي من سنة 1920 في مرحلتين الأولى من 1920 إلى 1956 والثانية من1957 إلى 2004. واهتم بالتجارب الشعرية والسردية المكتوبة باللغة الفرنسية ولكن قلة ذات اليد وصعوبة النشر على النفقة الخاصة جعلته يحتفظ بمخطوطاته الكثيرة وينتظر الفرج... اعتمد في بداية حياته على الأصدقاء الذين يقرأون له ما يطلبه منهم وبعد ذلك اعتمد على الوسط الطالبي(بمنحة شهرية) إلى أن ساعدته وسائل الاتصال الحديثة على الدخول لبعض المواقع الالكترونية الصوتية التي يحتاجها للإطلاع على عدد من المراجع. واستطاع ان يشكل بدراساته مدوّنة تبرز خصائص الأدب التونسي الحديث. هذا الرجل الذي تحدّى شتّى أنواع العراقيل والمصاعب وتحدّى كارثة فقدانه لبصره وأحب تونس وعمل على حفظ ذاكرتها حتى أصبح طه حسين تونس يعاني اليوم في مستشفى الرابطة وينتظر.. فهل من مجيب؟