سوسة: 3 أشهر سجناً للمتورط في الاعتداء على الكلب "روكي"    حجز مواد غذائية فاسدة بالمهدية ملوّثة بالقوارض والسوس!    البريد التونسي يضع على ذمة الطلبة المحافظ الرقمية بمكاتب البريد للتسجيل الجامعي عن بعد    ما مدى تقدم أشغال مشروع توسعة المدخل الجنوبي للعاصمة؟    القصرين: صابة تين شوكي طيّبة كَمًّا وجودة وحوض زلفان يستأثر بالإنتاج ويحافظ على سلامته من آفة الحشرة القرمزية (مندوبية الفلاحة)    اليوم: تراجع أسعار الذهب العالمية    الترجي الرياضي يتعاقد مع الجزائري كسيلة بوعالية الى غاية 2029    تواصل الخلايا الرعدية ودرجات الحرارة بين 25 و 32 درجة ليل الاثنين    جندوبة: 3 قتلى و6 جرحى في حادث مرور مروّع على الطريق الوطنية رقم 17    عاجل/ دراسة تكشف عن مشكلة خفيّة في أجساد النساء خلّفها فيروس كورونا    عاجل/ نحو توزيع الكتب المدرسية على التلاميذ من أبناء العائلات المعوزة    عاجل/ من السعودية: تونس تدعو لتكثيف الجهود لوقف الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني    'بودشارت' على مسرح قرطاج: عرض موسيقي تفاعلي يوم 28 أوت    يأكل اللحم: تسجيل اول إصابة بالدودة الحلزونية في امريكا.. #خبر_عاجل    نقابات التعليم الأساسي والثانوي بتونس الكبرى تقرّ تعبئة هياكلها استعداداً لاحتجاج 28 أوت الجاري..    قابس : برنامج ثقافي ثري للدورة السابعة لتظاهرة " أثر الفراشة "    بهاء الكافي: عودة قوية ب"الرد الطبيعي" بعد غياب    توريد كميات هامة من لحوم الضأن وهذا سعر بيعها للعموم.. #خبر_عاجل    بن فرحان في اجتماع جدة: السعودية تدين التصريحات الإسرائيلية بشأن "رؤية إسرائيل الكبرى"    ''كارثة صحية'' تهدد نصف سكان العالم!    من بينها تونس: 7 دول عربية تشملها فرص الأمطار الصيفية    الجيش الروسي يسيطر على بلدة جديدة في دنيبروبتروفسك الأوكرانية    قفصة: إحداث محطة لمعالجة المياه المستعملة بهذه المناطق في إطار المخطط الخماسي 2026-2030    النادي الإفريقي: ثلاثي يغيب عن مواجهة النادي البنزرتي    القيروان: اليوم الترويجي لتظاهرة المولد النبوي الشريف    اتحاد بن قردان يعزز صفوفه بلاعب الوسط وائل الصالحي    المنصري: المصادقة على رزنامة الدورة الثانية للانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة دڨاش حامة الجريد    شكري حمودة يوضح: التنسيق مع المصانع المحلية والدولية يحمي المخزون ويواجه النقص الظرفي    كيفاش نحضر صغيري نفسيا لدخول المدرسة لأول مرة؟    بشرى سارة: تقنية جديدة لتصحيح النظر بدون ليزر.. ومدتها دقيقة واحدة..    قبلي: مركز التكوين المهني الفلاحي بجمنة يستعد للسنة التكوينية الجديدة ويوفر فرص تكوين متنوعة في مجال الفلاحة الواحية    لقاء اعلامي للصحفيين المهتمين بالشأن الثقافي بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات    عدسات العالم تسلّط الضوء على الوعي الثقافي: المهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية في دورته الخامسة    افروبسكيت 2025 - انغولا تفوز على مالي 70-43 وتحرز اللقب القاري للمرة الثانية عشرة عي تاريخها    اصدار طابع بريدي حول موضوع الطائرات الورقية    نتنياهو يحدد شروط الانسحاب من لبنان..    الحماية المدنية: 113 تدخلاً لإطفاء حرائق خلال ال24 ساعة الماضية..    استشهاد مصور الجزيرة وعدد من الصحفيين بقصف إسرائيلي على مجمع طبي    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات الجولة الرابعة ذهابا    عاجل/ من بينهم 3 توفوا في نفس اليوم: جريمة قتل 5 أشقاء تبوح بأسرارها..والتحقيقات تفجر مفاجأة..!    أمل حمام سوسة يكشف عن خامس إنتداباته    ترامب يدعو إلى سحب تراخيص بعض القنوات التلفزيونية الأمريكية    كرة القدم العالمية : على أي القنوات يمكنك مشاهدة مباريات اليوم الإثنين ؟    اليوم: انطلاق بيع اشتراكات النقل المدرسية والجامعية    العودة المدرسية 2025: كلفة تجهيز التلميذ الواحد تصل إلى 800 دينار!    الأبراج ليوم 25 أوت 2025: يوم تحت شعار الخيارات الحاسمة    متابعة: إعصار سيدي بوزيد يخلف أضرارا مادية دون إصابات بشرية    سوسة: مهاجر إفريقي يُقتل طعناً بسكين على يد أصدقائه    تاريخ الخيانات السياسية (56) .. أفتكين و بختيار وسطوة الترك    وفاة مفاجئة لفنان مصري.. سقط أثناء مشاركته بمباراة كرة قدم    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    جويلية 2025: رابع أكثر شهر حرارة في تاريخ تونس!    هام/ كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية..    عاجل/ نشاط للسحب الرعدية وأمطار بهذه الولايات عشية اليوم..    طبرقة تستعيد بريقها: عودة مهرجان "موسيقى العالم" بعد 20 سنة من الغياب    صدر أخيرًا للدكتور علي البهلول «الإتيقا وأنطولوجيا الراهن»: رحلة فلسفية في أفق الإنسانية    أولا وأخيرا .. هاجر النحل وتعفن العسل    موعدُ رصد هلال شهر ربيع الأوّل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع بين شرعيتين..
الأسبوع السياسي
نشر في الصباح يوم 10 - 12 - 2012

يخطئ أيّ حزب أو تحالف أو منظمة حينما يعتقد أنه يملك من القوة والنفوذ والتأثير والشجاعة والجرأة أيضا، ما يخوّل له التمكن من كافة مفاتيح دواليب الحياة العامة وتوجيهها.
يخطئ أيضا من يعتدّ بنفسه إلى حدّ الغرور، أو يحمّلها ما لا طاقة لها به، بنرجسية تكاد تلغي كل الحدود والفواصل مع السراب، عندما يستنزف تاريخه الكفاحي، أو يقتصر على ماضيه النضالي ليستأثر بشرعية كبرى لا ينازعه فيها أحد.
إذن نحن في هذا الظرف أمام نتاج جملة من الأخطاء المتراكمة بفعل الحملات الإعلامية المتبادلة بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة النهضة، وبفعل شحن الأجواء سواء بالمسيرات في الشوارع أو بالخطب النارية في الاجتماعات والمساجد.
ولا بدّ من الإشارة إلى أننا وصلنا إلى هذا الوضع لأمرين اثنين:
الأول: هو أن الساحة السياسية التونسية هي انعكاس لخريطة حزبية، بدأت في التشكل منذ الأسابيع الأولى بعد الثورة، واتضحت معالمها بعد الانتخابات حيث كانت النهضة المحور الذي خطف الأضواء، سواء عبرالتماهي معها أو بتحديد المسافات تجاهها، وهو ما أدّى إلى تجاذبات وصراعات شديدة زادها دخول العنصر السلفي ليحول دون استقرار المشهد العام.
الثاني: هو أن حركة النهضة اتخذت في عملها ونشاطها طابعا هجوميا على خصومها السياسيين، أو لنَقُل منافسيها المحتملين، بدأ بالتهجم المبطن أو المباشر من قبل القيادات أو المواقع الاجتماعية القريبة من الحركة على العلمانيين، ثمّ على التجمعيين ونداء تونس، وأخيرا على اتحاد الشغل عبر التهجم والشيطنة.
ولعل اللعب بورقة السلفية أضفى الكثير من الغموض على الساحة، حيث لم نشعر بفك ارتباط بين النهضة وجانب من السلفية إلا بعد أحداث السفارة الأمريكية، ووفاة اثنين من السلفيين في إضراب جوع، وهو ما ساهم إلى حدّ كبير في إعادة التوتر إلى الأجواء، لكن لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار أن الأحزاب مقبلة على انتخابات رئاسية وتشريعية -إن عاجلا أو آجلا-..
إلى جانب الورقة السلفية التي تخوّل ضمان خزان للأصوات، ارتأت النهضة الحدّ من قوة اتحاد الشغل، لأنه القوة الوحيدة المتماسكة، فيما عكست فترات التوتر بين الجانبين في الأشهر الماضية رغبة من النهضة في محاولة احتواء الاتحاد، وإرادة من هذا الأخير للحفاظ على استقلاليته ومكانته التاريخية.
ولا شك أننا نجد بعض بوادر الصراع في القمة وعلى القمة في جبهة تصحيح المسار النقابي، التي تضمّ منتمين إلى النهضة كانوا قد ترشحوا في مؤتمرات نقابية أساسية ولم يفوزوا، وهي الجبهة التي تقول إنها تريد تصحيح مسار اتحاد الشغل، والفكرة واضحة أي احتواءه أو تحييده عن تفاصيل الحياة السياسية، وإجباره على الاقتصار على الجانب النقابي.
وإلى جانب تعلة تصحيح المسار النقابي، نزلت رابطات الدفاع عن الثورة بكل ثقلها للتهجم على الاتحاد خاصة وهو ما تجسّد في ساحة محمد علي بالعاصمة، عند إحياء ذكرى استشهاد الزعيم النقابي فرحات حشاد، وما تخلل ذلك من اعتداءات على مقرّ الاتحاد ومن أعمال عنف..
وعندما قرّر الاتحاد الإضراب العام تعددت الانتقادات من هنا وهناك، لأنه ثاني إضراب في تاريخ البلاد، وما زالت الذاكرة تحتفظ بأهوال إضراب 26 جانفي 1978, لكن الوضع الحالي للبلاد لا يحتمل لا مزيدا من التصعيد ولا حتى إضرابا عاما، حيث ما كان أحد يتمنى ذلك.
لا بدّ من التدارك خلال الساعات المقبلة, ولا بدّ أن تنشط قنوات الحوار والوساطة، ولا بدّ من الاعتذار لمن استهدفه العنف أوالشتائم، غير أنه من المنطقي جدا لا يمكن وضع حركة النهضة على نفس مستوى اتحاد الشغل، فرغم وجود تعددية نقابية ظل الاتحاد أكبر مركزية نقابية في تاريخ البلاد، وقد سجلت تجربة محاولة الإطاحة باتحاد الشغل في الثمانينات، بتأسيس الاتحاد الوطني التونسي للشغل من 1984 إلى 1987، إلا أنه سرعان ما استعاد اتحاد الشغل الشرعي مكانته.
هذا المثال كفيل بالتدليل على أنه يصعب إن لم نقل يستحيل على أيّة جهة محاولة ضرب الاتحاد أو تدجينه، وكل من يدرك هذه الحقيقة مطالب بالتحلي بالحكمة والواقعية، ليس لأن اتحاد الشغل فوق النقد، بل لأن الاستفزاز وتوظيف الأزمات المفتعلة لا يخدم مصلحة البلاد بأيّة صورة كانت..
لا أحد بمقدوره الهيمنة كليا على البلاد مهما كانت الحجج ومهما أوغلت في التاريخ أو في التقييم النضالي, فقد أدّى الاتحاد دوره في معركة الاستقلال وبناء الدولة الحديثة, فيما عانى قياديو التيار الإسلامي ثم حركة النهضة وأنصارهما خلال سنوات الجمر.. إذن كل هذا يبقى تاريخا يتعيّن أن نستلهم منه العبر، لا أن نستعمله في مختلف تفاصيل حياتنا اليومية والسياسية.
هل رأيتم فرنسيا واحدا يتحدّث عن مواجهة الاحتلال النازي ومعاناة الفرنسيين صباحا ومساء، ويوظف ذلك خارج سياق المناسبات الرسمية؟.. هل رأيتم أمريكيا يستغل سنوات النضال ضدّ الاستعمار الأنقليزي في الحاضر الأمريكي ويسعى للهيمنة على الحياة العامة استنادا إلى دور تاريخي ما؟..
لا بدّ من التفكير مليّا قبل فوات الأوان فتونس لا يمكن اختزالها أو اختزال تاريخها في تاريخ منظمة, ولا يمكن أن تلغي نضالات جانب من التونسيين بقية النضالات على مرّ العقود.
تاريخنا صنعه أفراد كثيرون باسم الانتماء إلى هذه الرقعة الجغرافية والمواطنة، وليس لحساب منظمة أو حزب.. وحاضرنا ومستقبلنا يجب أن يصنعهما الأفراد باسم تونس بلا استثناء أو إقصاء، ومن أجلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.