اختلفت القراءات السياسية لخطاب رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي الذي توجه به اول امس من قبة المجلس الوطني التاسيسي الى عموم التونسيين باستعراضه لخارطة طريق سياسية جديدة للانتخابات القادمة. مقترحا تنظيم انتخابات تشريعية اما في جوان او في جويلية المقبل، وانتخابات رئاسية في سبتمبر. ولم تمنع التواريخ التي استعرضها رئيس الحكومة لضبط المراحل السياسية القادمة من توجيه عديد الانتقادات الى البيان الحكومي. ففي قراءته للفارق الزمني الذي يفصل الانتخابات التشريعة عن الانتخابات الرئاسية استهل قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري حديثه ل "الصباح" متسائلا:" هل سيختار المجلس الوطني التأسيسي بدوره مقترح رئيس الحكومة بان تكون الانتخابات التشريعية والرئاسية غير متوازنة وما هي آثارها على المشهد السياسي؟ واستنتج سعيد ان هذا الفصل بين الانتخابات التشريعية والرئاسية قد يؤثر على سير السلطتين التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما مؤكدا على ان ضبط تواريخ المراحل الانتخابية المقبلة يرجع بالأساس إلى المجلس الوطني التأسيسي. وأشار أستاذ القانون الدستوري القضايا العالقة صلب لجنة السلطة التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما حول ضبط صلاحيات كل من رئيس الجمهورية والحكومة بالرغم من التوصل إلى الاتفاق حول العنوان الأكبر المتعلق بطبيعة النظام على ان يكون رئاسيا معدلا. ورأى سعيد ان بيان رئيس الحكومة " لا يتعدى ان يكون مجرد مقترحات"، مبينا" ان الخيار الأفضل خلال هذه المرحلة هو ان تتزامن الانتخابات التشريعية مع الانتخابات الرئاسية تجنبا للتضارب الممكن بين السلطتين". الاتحاد ليس ضد الحوار ..ونريد ضمانات ولم يقتصر البيان الحكومي على اقتراح المواعيد الانتخابية القادمة بل حمل رسائل عديدة كدعوة رئيس الحكومة المؤقتة المنظمات النقابية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل إلى هدنة اجتماعية الى حدود تسلم الحكومة المقبلة لمهامها.وفسر بلقاسم العياري عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد العام التونسي للشغل قائلا " الاتحاد لم يكن يوما ضد الحوار ولكن الحوار يجب أن يضمن الحد الأدنى من الشروط". وتساءل العياري عن الضمانات التي يمكن ان تمنح لاتحاد الشغل والأجراء في أن الأسعار لن ترتفع وأنها ستبقى في نفس المستوى إلى حين تسلم الحكومة القادمة مهامها. وحول الرسالة الموجهة في البيان الحكومي إلى المنظمة الشغيلة قال العياري "ان المكتب التنفيذي للاتحاد سيجتمع اليوم ( أمس) للنظر في عديد النقاط التي جاءت في البيان مؤكدا أن ما تضمنه خطاب الجبالي ينم عن رغبة لإيجاد حلول لعديد المساءل العالقة. كما اختلفت قراءات ثلة من نواب المجلس الوطني التأسيسي لبيان رئيس الحكومة. صلاحيات هيئة الانتخابات ورأى هشام حسني نائب مستقل ان الخارطة السياسية التي استعرضها الجبالي ليست من صلاحياته بل هي من مشمولات المجلس الوطني التأسيسي لأنه هو المعني بإحداث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وسن القانون الانتخابي. وخلص حسني بقوله"تبقى الأمور التقنية بيد هيئة الانتخابات لأنها وحدها المعنية بضبط موعد الانتخابات القادمة مؤكدا ان خطاب رئيس الحكومة يندرج في إطار المزايدات السياسية وإظهار الحكومة على أنها تسعى إلى التسريع في الانتخابات". ووصف حسني الفاصل الزمني بين الانتخابات التشريعية والرئاسية" بالعشوائي". خطاب ايجابي.. ولكن وفي قراءته للبيان الحكومي قال رابح الخرايفي عن الكتلة الديمقراطية انه في بعده العام هو خطاب ايجابي خاصة على مستوى مقترح الفصل بين الانتخابات التشريعية والرئاسية لكن المشكل هو في ترتيب المراحل الانتخابات حيث يرى الحزب الجمهوري ان الانتخابات الرئاسية يجب ان تسبق الانتخابات التشريعية وليس العكس. وعلّق الخرايفي على التواريخ المقترحة من قبل رئيس الحكومة قائلا: "ان رئيس الحكومة ضبط رزنامة للمراحل الانتخابية المقبلة في حين انه إلى حد الآن لم يتم سن قانون انتخابي ويعلم الجميع انه وفقا لما هو معمول به دوليا فان المدة الفاصلة بين سن القانون الانتخابي وإجراء الانتخابات لا تقل عن سنة كاملة". مجرد مقترحات رأى محمد بنور الناطق الرسمي باسم حزب التكتل ان الهدف من الرزنامة التي استعرضها رئيس الحكومة هي حث المجلس الوطني التأسيسي على الانتهاء من الدستور والحد من الفترة الانتقالية ولكن يبقى القرار النهائي في يد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي لها صلاحيات ضبط المراحل الانتخابية المقبلة وفقا للمناخ السياسي الملائم. واعتبر بنور ان الفصل بين الانتخابات التشريعية والرئاسية لان تونس ليس لديها تجربة في حملات انتخابية رئاسية ويبقى ما قدمه رئيس الحكومة مجرد مقترحات والفصل فيها سيكون للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.