كان إقرار آليات المتابعة وتقييم تنفيذ التنمية الجهوية واستعراض أهم المشاريع الاستثمارية المدرجة بعنوان ميزانية 2013 في إطار الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام أبرز محاور المداخلات في الندوة الفكرية التي انتظمت مؤخرا بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية على هامش اختتام فعاليات المهرجان الدولي لثورة17 ديسمبر وذلك بمشاركة عدد من الجامعيّين والباحثين في الاقتصاد إلى جانب هيئات المجتمع المدني ومختلف الأطراف المهتمّة بالموضوع. وأكّد المتدخّلون بالمناسبة أنّ القطاع الفلاحي يتصدّر قائمة الأنشطة الاقتصاديّة بالولاية ممّا يستوجب العناية الدّائمة والإحاطة الكاملة؛ فبالرّغم من وفرة الموارد والثروات الفلاحيّة التي تتميّز بها الجهة هناك عدّة عوامل جوهريّة تبعث على الانشغال خاصّة بما يتعلّق بالتدنّي الملحوظ في المنتوج الزّراعيّ والحيوانيّ خلال السّنوات الأخيرة جرّاء أزمة الجفاف التي ألقت بظلالها على معتمديّات (المزّونة والمكناسي ومنزل بوزيّان والرقاب) ممّا يقتضي إيجاد الإطار الأسلم لمعالجة الإشكال باعتباره مسألة حياتيّة تلعب فيها الدّولة دورا محوريا سواء مباشرة عن طريق الاستثمار العمومي أو عن طريق التأطير وآليّات التشجيع على إحداث آبار عميقة حتّى لا تهدر ثروات هذه المناطق ولا تفرغ من سكانها بحثا عن ظروف عيش أفضل. العوائق وفي نفس السّياق تطرح إشكاليّات الملكيّة العقاريّة وكهربة الآبار كقضايا ملحّة لدى الفلاحين لذا يتعيّن بخصوصها تصفية الوضعيّات في أقرب الآجال وأخذ الملف بأكثر صرامة حتّى يتمّ توزيع الأراضي على من له حقّ أو استحقاق وحتّى يقع استغلالها على أحسن وجه. أمّا بخصوص قطاع الصّناعة فالمفارقة تبدو كبيرة وقائمة مقارنة بما تزخر به الولاية من خيرات فلاحيّة متنوّعة وما تفتقر من إمكانيّات تحويلها على عين المكان وبالتّالي تضيع يوميّا على الجهة فرص تشغيل لامتصاص البطالة المرتفعة لاسيما في صفوف حاملي الشّهائد الجامعيّة كما تضيع فرص توزيع المزيد من الأجور والمداخيل التي تضمن التقدّم في نسق نموّ الجهة وفي تنمية قدرات مواردها البشرية والماليّة والماديّة وتمّ التطرّق أيضا إلى إعادة هيكلة النّسيج الصّناعي والبحث في الأسباب الحقيقيّة التي أعاقت إنجاز المشاريع المبرمجة والعمل على تجاوز الصّعوبات التي يتعرّض لها المستثمر والمواطن بصفة عامة. لذا يجب تركيز إدارات جهويّة عوضا عن التبعيّة للولايات المجاورة في مجال البنوك والنّقل والقضاء والإسراع ببناء مستشفى جامعي وكليّة للطبّ وجامعة حاضنة لشعب متعدّدة قصد تأمين الجودة والتأطير الضروري لتكوين اليد العاملة لاقتحام سوق الشّغل بنديّة ولا يقتصر الأمر على بعض المئات من الطّلبة. ورأى الحاضرون أنه لا بد من استكمال الدّراسات الخاصّة بتهيئة المنطقة الصّناعيّة ب"الأسودة"و اقتناء الأراضي المخصّصة للمناطق الصّناعيّة ب(الرقاب والمزّونة) بالإضافة إلى تفعيل القرارات التنمويّة الأخيرة والمتمثّلة في إنجاز محطّة للتطهير و تحويل المياه المعالجة بكلفة تقدّر ب15 مليون دينار وتركيز سوق إنتاج كبرى على مساحة 60 هكتارا ودعم شبكات مياه الشّرب بالولاية وتهذيب المسالك الفلاحيّة وتزويد المنطقة الصّناعيّة وعموم المواطنين بالغاز الطّبيعي. وأختمت أشغال الندوة بمناقشة نتائج الورشات الثلاثة والمصادقة عليها لاستشراف محاور تنموية على المدى القصير والمتوسط وبلورة مقترح إنشاء نواة تفكير استراتيجي خاصة بالجهة.