عقدت العديد من جلسات الشهرية لمساءلة الحكومة تحت قبة التأسيسي طبقا لما جاء في القانون المنظم للسلط العمومية، لكن بقيت حلقات النقاش بين الحكومة والنواب او عدد من الوزراء ولعل اكثرهم حضورا علي لعريض وزير الداخلية الذي اقترانت مساءلته بالوضع الامني او احداث العنف التي شهدتها البلاد - مجرد حوار انقلبت في بعض الاحيان فيه "المساءلة" ل"تراشق" طال شقا من نواب الشعب. وقد أكدت الحكومة المؤقتة هذا الدور الجديد الذي اطلعت به - بعد أكثر من سنة على تسيير دواليب الدولة- من خلال ما جاء على لسان رئيسها حمادي الجبالي الذي دعا في حوار تلفزي نواب الشعب إلى تسريع مسار الانتقال السياسي في تونس وتنظيم انتخابات جديدة في أجل أقصاه جوان القادم،وأكد على ضرورة الانتهاء من كتابة الدستور وإنشاء هيئات تضمن انتخابات «نزيهة وشفافة» إضافة إلى إصدار القانون الانتخابي. وقد أعرب الجبالي في حديثه مع (رويترز) انه «قلق جدا من تباطؤ المجلس التأسيسي في اعداد الدستور الجديد لتونس وان البلاد لا يمكنها ان تحتمل المزيد من الانتظار وإجراء انتخابات بعد الموعد المقترح محذرا من أن التباطؤ قد يعرقل الانتقال الديمقراطي في مهد الربيع العربي». وقد أثارت كلمات رئيس الحكومة حفيظة عدد من النواب الذين اعتبروا ذلك تجاوزا لصلاحيات رئاسة الحكومة ومهامه مشددين على ان التأسيسي يبقى السلطة الأولى المنتخبة في البلاد التي تجمع بين الرقابة والتشريع. مواقف.. وللحديث أكثر عما اعتبره كثيرون تبادلا للأدوار في المساءلة بين الحكومة ونواب التأسيسي،اتصلت «الصباح الأسبوعي» بنواب لمعرفة تقييمهم لمسار هذا الموضوع بعد سنة من العمل وإبان جملة من الجلسات التي جمعتهم بالحكومة او ممثليها. يقول جلال بوزيد (حزب التكتل من اجل العمل والحريات):»الخلل الذي لاحظناه بعد سنة على عمل المجلس التاسيسي هو حصر فحوى جلسات المساءلة على تقييم اداء الحكومة في ظرف معين او ازمة من الازمات او احداث العنف التي شهدتها بلادنا ولم تخصص لمساءلتها على ادائها في موضوع معين. واعتقد انه من الاجدر مساءلة الوزراء خلال اسبوعين او ثلاثة على اقصى تقدير لان الجلسات كانت وللاسف تفتقر بعضها للجدية والجدوى لذلك كان من المنطقي ممارسة المجلس لمهامه طبقا للقانون المنظم للسلط العمومية وذلك عبر متابعة ومساءلة الوزراء المعنيين القادرين على الاجابة على استفسارات النواب في حدث معين امنيا كان او اقتصاديا اواجتماعيا». غلبة الجانب السياسي ويتابع النائب جلال بوزيد:»غلب الجانب السياسي على التقني في تعاطي النواب مع مجريات الجلسات العامة التي تبث مباشرة حيث يحسون وكانهم في حملة انتخابية تجعل من ادائهم متوسطا ان لم نقل اقل من ذلك وهو ما جعلنا غير قادرين على حل كل الاشكالات المطروحة علينا. في المقابل ونظرا لمردود نواب الشعب الذي جمع بين قلة الخبرة والخوف فقد اضحت الحكومة هي من تمارس مهام المساءلة عبر تقييم ادائنا او دعوتنا الى التسريع في الانتهاء من عمل الدستور او الهيئات المستقلة». من جهته اكد النائب محمد البراهمي (حركة الشعب) ان الحكومة اصبحت الاصل والتاسيسي تابعا لها للحضور الهزيل ومستوى النقاش المنحدر لما يدور في الجلسات العامة على حد تعبيره، حيث قال:» اعطى الوضع الذي اضحت عليه الجلسات لاعضاء الحكومة عند مساءلتهم فرصة للتسويق السياسي ولتبرير اخطائهم وفي النهاية تحميل مسؤولية ما حدث ويحدث لنواب المجلس بتعلة تقصيرهم في اداء واجبهم او اتهامهم بالتحريض او ما شابه من التهم ، ولعل ما حصل معي في الجلسة الاولى اثناء مناقشة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2013 - عندما تحدثت عن غياب منوال للتنمية في السنة القادمة وهو ما يجعل دار لقمان على حالها من بطالة وفقر وبالتالي تزايد نسبة الاحتجاجات في الجهات المحرومة- دفع رئيس الحكومة في الجلسة الى اتهامي بالتحريض. اعتقد انه ان لم تدخل هذه الحكومة في حوار جدي مع كل الاحزاب مقتنعة بان تونس تحتاج الى شراكة فعلية بين كل ابنائها فاننا سندخل في نفق مظلم لا نعرف نهايته». اولوية.. بدورها أكدت النائبة هاجر عزيز (كتلة حزب النهضة) قائلة:»لم تخصص حتى جلسة لمساءلة الحكومة حول اعمالها وانجازاتها ، بل كانت حول حدث معين تم على اثره استدعاء الوزير المعني للحديث معه بشانه وهو ما جعل المساءلات تفقد قيمتها. كنت اتمنى شخصيا لو كانت تتم دعوة ممثلي الحكومة للتاسيسي للحديث معهم حول وضع البلاد في كل المستويات لكن للاسف لم يترك لنا عدد من النواب الفرصة للقيام بذلك، واعتقد انه لو كان بث الجلسات مباشرا لتغيرت جملة من المعطيات ولتمكنا من مناقشة الدستور في اقرب وقت. عموما قبل الحديث عن اية حلول لابد من توفير الامن فاستتبابه يعد سيد الانجازات لذلك ادعو الجميع للتعاون خدمة للشعب وفي ظل النقد البناء لاننا بدونه لن نتقدم». من يسائل او يحاسب من الحكومة ام نواب التاسيسي؟ يبقى سؤال مفتوح في انتظار ان تتضح العلاقة بين الطرفين لكن على الجميع ان يعي ان المرحلة الانتقالية تقتضي تظافر جهود الجميع من تاسيسي وحكومة واحزاب سياسية ومجتمع مدني لاستكمال هذه المرحلة وتتويجها بانتخابات لا نعلم الى الان موعدها؟