يعرف إنتاج الحليب خلال شهر جانفي بداية استعادة نسقه بصفة تصاعدية ليدخل مع شهر فيفري مرحلة الإنتاج الطبيعي الذي يزداد غزارة ويبلغ ذروته مع التقدم نحوفصل الربيع. ومع انطلاق العد التنازلي للموسم الجديد وفيما تتواتر الاخبار عن إمكانية برمجة صفقة توريد جديدة للحليب لتجاوز اشكاليات وضع التزويد الراهنة يطرح السؤال نفسه عن مدى وجاهة الاستمرار في نهج التوريد مع تحويل الوجهة هذه المرة نحو الأبقار التركية؟ والحال أن الصفقة الأولى من الحليب السلوفيني لم تستكمل كامل حصتها المبرمجة والمقدرة بثلاثة ملايين لتر.ولم تصل الجهات الساهرة على التزويد سوى ثلث الكمية(مليون لتر)إلى حد الآن تم تسويقها بالكامل عبر المساحات التجارية الكبرى والمتوسطة. الجواب يحدده بالأساس عامل الوقت،ذلك أنه بولوج النصف الثاني من جانفي تفقد كل عملية استيراد جدواها بحكم الدخول في بدايات موسم الإنتاج،وبالنظر لما تتطلبه الكميات الجديدة المبرمج استيرادها من مهلة زمنية للوصول ثم الخضوع للتحاليل ومن ثمة تسويقها مع تزامن كل هذه العمليات مع فترة التلبين العادية قد يواجه المنتوج المستورد صعوبات في الترويج. لذا، وباعتبار عامل الوقت الضاغط كان من الأجدر التفكير في فتح المجال للتوريد قبل أسابيع من الآن ليتحقق هدفها الرئيسي وهو تعديل السوق وسد جانب من العجز الحاصل في ميزان العرض والطلب من مادة الحليب. ورغم تواصل ضغط الطلب إلى يومنا هذا واستمرار مشاهد اصطفاف طوابير الانتظارأمام أجنحة بيع الحليب بالفضاءات التجارية يبدو أن الحل الانجع يكمن في حسن التصرف في الإنتاج اليومي عبر احكام عملية التوزيع والتصدي للاحتكار،وإيلاء الأولوية في مستوى مركزيات التصنيع إلى إنتاج الحليب قبل المشتقات مع تشديد القبضة على التهريب،ودعم المراقبة على مسالك الترويج. وبالتالي قد لا تكون الحاجة ملحة جدا للتوريد خاصة أن فترة الشدة لن تستمر طويلا وباستعادة عملية استلام الكميات المبرمجة من سلوفينيا نسقها المحدد هذه الأيام بعد تعطل وصول الدفعة المبرمجة موفى شهر ديسمبر بسبب عطلة أعياد الميلاد في أوروبا وتوقف الشحنة التي كان مقررا تسلمها يوم29ديسمبر بأحد الموانئ الإيطالية ينتظر إذن أن تتحسن وتيرة التزويد بالمنتوج المورد لاسيما أن الفترة القادمة ستشهد حسب توقعات مدير التجارة الداخلية خالد بن عبد الله تدارك اضطراب التسليم الحاصل ولربما أمكن وصول دفعتين مرة واحدة من الكميات الموردة بما ييسرتدارك التأخير الحاصل. وفي ذات السياق المتعلق بالتوريد، نفى بن عبد الله صدور أي قرار رسمي عن وزارة التجارة يرخص لبعض الجهات الخاصة توريد الحليب من تركيا. موضحا ل"الصباح" أن المسألة تتعلق بتلقي الوزارة طلبي توريد من موردين إثنين قصد التمتع بالإمتيازات القمرقية المعمول بها عند الحصول على ترخيص من التجارة.ولم يقع في الأثناءأي اتصال رسمي مع الطرفين.وفي صورة اقرارها هذا الإجراء أفاد مصدرنا أن الوزارة تقوم بالإعلام بالترخيص في بلاغ علني. علما أن مجالات التوريد تبقى مفتوحة أمام الخواص لكن في صورة عدم التحصل على ترخيص من التجارة لا يمكن للطرف المورد التمتع بالإعفاءات الديوانية والجبائية التي تجعل أسعار البيع للعموم أكثر تنافسية مع المنتوج المحلي. نأمل إذن أن يكون انفراج أزمة الحليب قريبا لكن هذا لا يعني أن تطوى صفحتها القديمة دون تقييم ومراجعة جذرية للمنظومة وتشخيص مواطن وهنها وضعفها حتى يكون العلاج ناجعا. وما يهم الحليب ينطبق كذلك على بقية المنظومات وما أكثرالقطاعات التي صارت في حاجة ملحة لفتح ملفاتها بكل عمق و جدية.