الحكومة تبحث تقديم طلب عروض لانتاج 1700 ميغاواط من الطاقة النظيفة    باقي رزنامة الموسم الرياضي للموسم الرياضي 2023-2024    كمال دقّيش يُدشن مركز إقامة رياضيي النخبة في حلّته الجديدة    القصرين: ايقافات وحجز بضاعة ومخدرات في عمل أمني موجه    تراجع عدد الحوادث المسجلة ولايات الجمهورية خلال الثلاثي الأول لسنة 2024 بنسبة 32 %    رئيس ديوان وزير الفلاحة: أعددنا استراتيجية لمجابهة الشح المائي    طلبة معهد الصحافة في اعتصام مفتوح    بمناسبة عيد الشغل: الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية مجانا    هذه تأثيرات السجائر الإلكترونية على صحة المراهقين    تحذير رسمي من الترجي التونسي لجمهوره...مالقصة ؟    نجلاء العبروقي: 'مجلس الهيئة سيعلن عن رزنامة الانتخابات الرئاسية إثر اجتماع يعقده قريبا'    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية بهذه المناطق    صفاقس: اضطراب وانقطاع في توزيع الماء بهذه المناطق    قفصة: تواصل فعاليات الاحتفال بشهر التراث بالسند    على متنها 411 سائحا : باخرة سياحية أمريكية بميناء سوسة    وزيرة النقل في زيارة لميناء حلق الوادي وتسدي هذه التعليمات..    تحذير من برمجية ''خبيثة'' في الحسابات البنكية ...مالقصة ؟    الترجي الرياضي: نسق ماراطوني للمباريات في شهر ماي    بنزرت: حجز أكثر من طنين من اللحوم    سوسة: حجز كمية من مخدر القنب الهندي والإحتفاظ بنفرين..    أسعار لحم ''العلوش'' نار: وزارة التجارة تتدخّل    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    خبراء من الصحة العالمية يزورون تونس لتقييم الفرص المتاحة لضمان إنتاج محلي مستدام للقاحات فيها    عاجل/ تلميذ يعتدي على أستاذته بكرسي واصابتها بليغة..    تأخير محاكمة فتحي دمق    إحداث مخبر المترولوجيا لوزارة الدفاع الوطني    اتصالات تونس تفوز بجائزة "Brands" للإشهار الرمضاني الأكثر التزاما..    بطولة مدريد: أنس جابر تواجه اليوم المصفة 20 عالميا    حادث مرور قاتل بالطريق السريعة الجنوبية..وهذه التفاصيل..    الحماية المدنية: 18 حالة وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    مدنين: ''سمسار'' يتحيّل على مواطن بعقود مدلّسة ويسلبه 3 مليارات    زيادة ب 14,9 بالمائة في قيمة الاستثمارات المصرح بها الثلاثي الأول من سنة 2024    فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية قرب الكنائس بسبب "خطر إرهابي"..#خبر_عاجل    تونس: تفاصيل الزيادة في أسعار 300 دواء    مفاوضات الهدنة بين اسرائيل وحماس..هذه آخر المستجدات..#خبر_عاجل    هام/ هذا موعد اعادة فتح معبر رأس جدير..    بطولة إيطاليا: جنوى يفوز على كلياري ويضمن بقاءه في الدرجة الأولى    تفاقم عدد الأفارقة في تونس ليصل أكثر من 100 ألف ..التفاصيل    عاجل : الأساتذة النواب سيتوجّهون إلى رئاسة الجمهورية    هدنة غزة.. "عدة عوامل" تجعل إدارة بايدن متفائلة    توزر...الملتقى الجهوي للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد    صدر حديثا للأستاذ فخري الصميطي ...ليبيا التيارات السياسية والفكرية    في «الباك سبور» بمعهد أوتيك: أجواء احتفالية بحضور وجوه تربوية وإعلامية    الخليدية .. أيام ثقافية بالمدارس الريفية    محاكمة ممثل فرنسي مشهور بتهمة الاعتداء الجنسي خلال تصوير فيلم    الاحتفاظ بالمهاجرة غير النظامية كلارا فووي    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    بطولة الرابطة المحترفة الاولة (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة التاسعة    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"التونسية" تكشف الأسباب الحقيقية للأزمة: لماذا اختفى الحليب من الأسواق؟
نشر في التونسية يوم 14 - 12 - 2012

مع تكرار أزمة الحليب سنويا في مثل هذه الفترة من العام يتضح جليا أن منظومة الألبان تشكو من خلل مزمن لم تستطع الأطراف المتدخلة تجاوزه رغم محاولات الإدراة الحسم في هذا الملف الذي يكلف الدولة الملايين من العملة الصعبة في حالة اللجوء إلى التوريد لتعديل العرض في السوق المحلية .
آخر الإجرءات التي اتخذت في ملف الحليب كانت الزيادة ب100 مليم التي تمتع بها المنتجون والتي كانت من المطالب الأساسية لأهل المهنة في محاولة للمحافظة على التوازنات المالية للمصنّعين ، لكن هذه الزيادة التي وصفت بالمؤلمة لجيب المواطن لم تمنعه من تجنب مشاق اللهث وراء علبة حليب بسبب ما تشهده السوق المحلية هذه الفترة من شح في التزويد وهو ما أضطر ديوان التجارة إلى توريد الحليب السلوفيني لدعم العرض المحلي ، رغم تأكيد بعض المصادر على انه تم الإتفاق بمناسبة إقرار الزيادة في أسعار الحليب المعلب على اعطاء الاولوية (مدة شهر فقط) لصناعة حليب الشرب والتقليص من تصنيع المشتقات الى حين مرور «غصرة» نقص الانتاج .
إنّ تفسير «الفشل» في التعاطي مع أحد أهم الملفات ذات العلاقة الوطيدة بالأمن الغذائي وهو ملف الحليب لا يمكن أن يتوقف حسب المتدخلين في القطاع عند تقصير حلقة وحدها بل يجب أن يعالج في إطار منظومة شاملة بداية من المتنج الى المصنع مرورا بحلقة التجميع والتخزين وتكوين المخزون التعديلي لامتصاص فائض الإنتاج في فترة الذروة حتى لا نضطر إلى سكب الحليب في الوديان في الربيع وتوريده بالعملة الصعبة في الشتاء .
وقد فسر السيد علي الكلايبي الرئيس المدير العام لوحدة انتاج الحليب بالمهدية «فيتالي» اختلال منظومة الألبان بأسباب موضوعية وأخرى ظرفية مشيرا إلى أن الإنتاج المحلي البالغ مليار لتر سنويا كاف لتغطية حاجياتنا على مدار السنة في صورة توفر العوامل التي تضمن استقرار السوق سواء منها السياسية أو الأمنية .
علي الكلايبي أكد ل «التونسية» أن وحدات الإنتاج العشرة تتولى حاليا تقبّل ما يقارب عن 700 مليون لتر من الحليب سنويا يوجه منها قرابة 70 بالمائة نحو حليب الشرب ويتم استعمال البقية في تصنيع اليوغرط وبقية المشتقات ، وهو ما ينفي الاتهامات الموجهة للصناعيين بتوجيه الحليب نحو المشتقات على حساب حليب الشرب لغايات ربحية باعتبار أن أسعار هذه الأخيرة محررة وسعر الحليب محدد من طرف الدولة .
محدثنا الذي قال أن انتماءه للقطاع منذ أكثر من 20 سنة جعله يدرك بيت الداء في منظومة الألبان أرجع أسباب أزمة الحليب الحالية إلى ما قبل 23 أكتوبر الماضي وما شهدته السوق في تلك الفترة من لهفة على هذه المادة تحسبا لما قد يقع من أحداث بدعوى انتهاء الشرعية ، حيث عمدت جل العائلات إلى تخزين كميات كبيرة من الحليب أدت إلى استنزاف الكميات الموجودة في الأسواق في تلك الفترة التي تلتها مباشرة دخول فترة النقص في التلبين التي تؤدي عادة إلى تراجع الإنتاج اليومي بما يتراوح بين 200 و 300 ألف لتر يوميا .
وبعملية حسابية بسيطة يقول مدير عام وحدة انتاج التصنيع بالمهدية أن في تونس 2,5 مليون عائلة 60 بالمائة منها في المدن إذا خزن ثلث هذه العائلات ما بين 3 و4 «كراذن» من الحليب فإن الكمية المجمعة لدى كل عائلة هي تقريبا 20 لترا أي إجمالا 10 ملايين لترا وهي الكمية التي تحتاجها السوق في أسبوع كامل .
الكلايبي من جهته أضاف قائلا أن هذه الأزمة تطرح كل سنة ولكن بدرجات مختلفة من الحدة وعليه فإن جميع الأطراف مدعوة إلى معالجتها معالجة جذرية عبر توفير كل حلقات المنظومة وهي السوق المحلية وإعادة فتح وحدة التجفيف والسوق الخارجية سواء لتصدير الفائض أو التوريد إذا اقتضى الأمر مؤكدا على أن المنظومة لا ولن تستقيم ما لم تتوفر هذه الشروط الثلاث.
وقد دعا محدثنا وزارة التجارة إلى التعجيل بتوريد الكميات المبرمجة وتسويقها في فترة لا تتجاوز الشهر باعتبار أن الانتاج المحلي سيستعيد عافيته في غضون شهر على أقصى تقدير وهو ما قد ينبئ بتكرار ما حدث سنة 2007 عندما وردت الدولة الحليب ولم تستطع ترويجه باعتبار أن المستهلك التونسي يحبذ عادة الإنتاج المحلي وهو ما أدى في تلك الفترة إلى تكبد الدولة والصناعيين خسارة فادحة .
وحول مساهمة الصناعيين في تخزين فائض الانتاج في فترة الذروة تجنبا لسكبه في الوديان كما حصل السنة الماضية أجاب علي الكلايبي أن الكميات التي أتلفت لا تتجاوز ال700 ألف لتر في أقصى الحالات وهي عادة من النوعية الرديئة ، لكن هذا لا يبرر إتلافها ويجب أن تتظافر الجهود لتثمينها إما بالتجفيف أو باستيعابها في إطار المخزون التعديلي الذي يجب أن يرتفع إلى 50 مليون لتر حتى تتفادى كل الأطراف ما آلت إليه الأوضاع اليوم خاصة مع تواصل نزيف التهريب نتيجة عدم استقرار الوضع الأمني .
التوريد نعمة أم نقمة ؟
من جانبه قال السيد بوبكر المهري مدير عام بمجمع «دليس» أن المخزون الوطني من الحليب كان خلال هذه الفترة من العام الماضي أقل من مخزون هذه السنة ومع ذلك لم تشهد السوق المحلية أزمة ولم يقع اللجوء إلى التوريد لأن المهنة تمكنت بالتنسيق مع الإدارة من حسن التخطيط لتجاوز المرحلة بسلام ، غير أن تأخر الزيادة في السعر التي كانت مبرمجة في جويلية إلى شهر نوفمبر جعلت العديد من المنتجين يفرطون في قطعانهم نتيجة ارتفاع كلفة الأعلاف ، وكان يمكن تلافي هذه الأزمة والتوريد لو وقعت طمأنة المنتجين بهذه الزيادة التي تحثهم على زيادة الانتاج .
وفي السياق ذاته أكد المهري أن الصناعيين يدفعون اليوم أيضا فاتورة تراجع الإنتاج باعتبار أن وحدات الإنتاج لا تعمل حاليا بكامل طاقاتها وهو ما يعد خسارة للصناعيين مضيفا أنه كان من الأجدر أن تبرمج الوزارة الكميات الموردة قبل هذه المدة لأن في توريدها في الفترة الحالية هناك إمكانية لتكبد خسارة مضاعفة لأن الانتاج سيعود بداية من شهر جانفي إلى نسقه العادي وهو ما يتزامن مع وصول بقية دفعات الحليب السلوفيني الذي قد لا يلاقي رواجا في حضور الحليب التونسي.
المهري ارجع أيضا أسباب الأزمة الحالية إلى الخلل في منظومة الدعم مشيرا إلى أن أكبر مستهلكي الحليب هي المقاهي التي تتمتع بدعم الدولة لهذا المنتوج في الوقت الذي تبيع فيه بعض أصناف المقاهي المشروب بثلاثة دنانير ومؤكدا على أن أمن مراجعة منظومة الدعم قد حان حتى لا يدفع المواطن والمنتج وحدهما فاتورة مثل هذه الأزمات وحتى تتمكن كل الحلقات المكونة لمنظومة الحليب من إيجاد توازناتها المالية حفاظا على تواصل القطاع وتطويره مستقبلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.