في الوقت الذي نحتفل فيه اليوم بالذكرى الثانية لثورة الحرية والكرامة ازدادت المخاطر التي تهدّد حرية التعبير في ظل الهجمة على الإعلام بعد ان أطلق عديد الإعلاميين صيحة فزع مردّها سعي بعض المسؤولين داخل المؤسّسات الإعلامية العمومية العودة الى بعض الممارسات القديمة من خلال التدخل في الخط التحريري . والواقع ان الهجمة على الإعلام من جديد تعكسها كذلك تصريحات بعض وزراء «الترويكا» الذين انتقدوا الإعلام واعتبروه السبب الاساسي لعديد المشاكل بل ان منهم من أصبح يلقي دروسا للاعلاميين .ولابد ان نتذكّر هنا ما نطق به حسين الجزيري على قناة نسمة مع الياس الغربي قبل استقالته وعلى القناة الوطنية الاولى مع آمال الشاهد وهي مواقف كثيرا ماردّدها اغلب مسؤولي الحكومة . شماعة الحكومة واعتبر سفيان بن فرحات ان الإعلام أصبح الشماعة التي تعلق عليها الحكومة اخطاءها اذ كلما واجهت السلطة بعض الصعوبات وتأزمت الاوضاع الا وتزيد في شيطنة الإعلام وكأنه المسؤول على ما يحدث بالبلاد من أزمات وتحرّكات واحتجاجات.وأضاف ان القضايا الاخيرة التي اثيرت ضد المدونة الفة الرياحي وموقع نواة والشكايات ضد الصحفيّين كلها تحدّث فيها الإعلام عن وقائع ولم يفتعل وثائق اويلفق ويدّعي أكاذيب . وشدّد على ان تصفية الحسابات بين الاحزاب السياسية سواء داخل الترويكا او المعارضة باتت على المنابر الإعلامية باعتبار ان هناك «تمترس» وتقاذف بتهم وادعاءات يلصقونها في نهاية المطاف بالإعلام رغم ان هؤلاء هم المصدر الرئيسي .واستطرد «ادعو المتخصّصين في السوسيولوجيا السياسية الاجابة على تساؤل حول مدى صحّة القول انه كلما اصاب الهون اعلى السلطة كلما ازدادت الحملات على الإعلام» . وأشار سفيان فرحات الى ان التهجّم على الإعلام يعود بشكل دائري وكأننا ندور في حلقة مفرغة على حدّ تعبيره ضرورة الحياد وكان اعلاميون وخبراء شاركوا في ندوة دولية نظمتها الاذاعة الوطنية منذ يومين بالعاصمة حول موضوع «الوظائف الجديدة للإعلام العمومي» اكدوا على ضرورة التزام الإعلاميين بالحياد وايجاد التوازن بين الحرية والمسؤولية. وشدد الاستاذ الجامعي يوسف الصديق على الصعوبات التي تعترض وسائل الإعلام وخاصة منها العمومية التي أكد على ضرورة أن «تبقى بعيدة عن كل التجاذبات السياسية وان تنقطع تماما عن كل جهاز تنفيذى لتتمكن من تطوير أدائها والقيام بدورها على أحسن وجه» على حد قوله. وأكد مدير المركز الافريقي لتدريب الصحفيين والاتصاليين عبد الكريم الحيزاوى على وجوب ارساء اطار قانوني وهيكل يتولى اصلاح الإعلام بصفة عامة والإعلام السمعي البصرى العمومي بصفة خاصة ويحدّد الحقوق والواجبات بما يضمن الانتقال نحو الديمقراطية التي تعيشها البلاد اليوم.وشدد في هذا السياق على أهمية تفعيل المرسوم 116 لسنة 2011 والذى يتعلق بحرية الاتصال السمعي البصرى وباحداث هيئة عليا .. الى أين ؟ لم يفهم البعض بعد ان حرّية الراي والتعبير هي من مكاسب ثورة الحرية والكرامة التي لم تكن هدية من أي حزب سياسي وانما تحققت بفضل دماء الشهداء ونضالات الشرفاء وان المنتمين للقطاع لن يقبلوا العودة الى الوراء مهما كلفهم من تضحيات .