يفتتح اليوم بمتحف قرطاج معرض استثنائي بجميع المقاييس تحت عنوان "تراث نُهب، تراث يُسترجع" يتضمن مجموعة من القطع الأثرية المختارة التي تم استرجاعها من القصور والإقامات التي كانت على ملك الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأصهاره بلحسن الطرابلسي وصخر الماطري ومهدي مبروك بكل من سيدي الظريف وسيدي بوسعيد وقرطاج والحامات. ويعد هذا المعرض الثاني نوعيا من حيث المحتوى والأبعاد حسب ما قدمه المشرفون على تنظيمه في الندوة الصحفية التي عقدت مساء السبت الماضي بمتحف قرطاج بحضور ممثلين عن الجهات المشاركة في تنظيمه من بينهم مهدي مبروك وزير الثقافة وعبداللطيف مرابط وعدنان الوحيشي مدير المعهد الوطني للتراث وغيرهم. علما أن المعرض الأول كان قد انتظم في أوت الماضي وخصص للنقوش والزخارف القيروانية على الخشب. وشارك في تنظيمه كل من وزارة الثقافة والمعهد الوطني للتراث ووكالة احياء التراث والتنمية الثقافية. وذلك بإشراف باحثين وجامعيين مختصين في المجال على الاختيار والتوضيب. ويتضمن هذا المعرض 93 قطعة أثرية تم انتقاؤها من بين أكثر من ثلاثمائة قطعة أثرية وفنية تم استرجعاها. وأكد وزير الثقافة خلال هذه المناسبة أن سلطة الإشراف ماضية في مجال استرجاع ما نهب لأن ما نهب حسب تأكيده يتجاوز ما تم استرجاعه. واعتبر أن الرسالة التي يمكن استخلاصها من هذا المعرض هي أن يتجه المعهد الوطني للتراث وغيره من الهياكل التابعة للقطاع إلى مراجعة التشريعات الجاري بها العمل من أجل حماية التراث الوطني وحى لا تتكرر مثل هذه التجاوزات. وبيّن سمير عون الله المشرف العلمي على المعرض أنه تم الاكتفاء بالعدد المحدد للقطع المعروضة التي تعود إلى مراحل تاريخية مختلفة تتراوح بين القرن السابع قبل الميلاد وصولا إلى التاريخ المعاصر. وهي قطع أثرية من معادن ثمينة كالمجوهرات والسيراميك على غاية من الجمال والقيمة إضافة إلى خزائن من الخشب ومزهريات ومنحوتات. كما أكد انه تمت مراعاة المقاييس الفنية والجمالية في اختيار القطع التي ستؤثث هذا المعرض المؤقت الذي سيتواصل حتى موفى شهر مارس القادم لتكون مقاييس الجمالية الفنية والنوعية هي المقياس . من جهته أكد عدنان الوحيشي مدير المعهد الوطني للتراث أن هذا المعرض الذي يعيد إلى الشعب التونسي ما نهب وسلب من تراث وطني يكشف أنه بالإمكان توظيف التراث في التنمية لاسيما بالنسبة للمناطق المحرومة والفقيرة داخل الجمهورية. وعبر عن استغرابه من وجود شواهد قبور تعود إلى الفترة البونية القديمة والحديثة استعملها البعض لزخرفة بيوت النوم. كما أفاد أن احدى القطع الأثرية التي تم استرجاعها من مقر إقامة صخر الماطري تعود في ملكيتها إلى التراث الجزائري وأن الجهات التونسية سترجعها إلى الجزائر. وبقطع النظر عن بعده الثقافي وكونه تظاهرة علمية كلاسيكية تتنزل في إطار الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة التونسية، فإن هذا المعرض الذي اختارت الجهات المنظمة له أن يكون تحت عنوان مبني للمجهول،يعد بمثابة رسائل مضمونة الوصول من الجهات الرسمية إلى الشعب التونسي مفادها أنها ملتزمة بخدمة التراث والمساهمة ولو معنويا في التعويض عن الأضرار التي تكبدتها الممتلكات الوطنية في هذا الجانب. من جهته أكد يوسف بن ابراهيم مدير مصلحة الشؤون القانونية بوزارة الثقافة أن هناك تتبعات عدلية وقضايا لا تزال جارية في إطار مقاضاة من أفسدوا في القطاع. وأن نفس الجهات المساهمة في تنظيم هذا المعرض بصدد اعداد تقرير حول الفساد في التراث المنقول والثابت سيتم نشره في القريب. كما أوضح عبد الطيف مرابط خلال نفس المناسبة أن الجهات الرسمية بصدد مراجعة ووضع مقاييس عالمية في القطاع تسمح بالمشاركة في المنظمات والهياكل العالمية نظرا لما يتيحه ذلك من فرص المشاركة في المعارض والندوات والتظاهرات الدولية في هذا المجال.