صنفت الفنانة الفلسطينية ريم البنا ألبومها الجديد "تجليات الوجد والثورة" في خانة التحدي نظرا لأنه أول ألبوم في مسيرتها تتولّى تلحين كل أغانيه بمفردها من ناحية ولكونه تأكيد على متانة علاقتها بتونس وانتصارها لإنجاز شعبها بعد أن أشعل فتيل الثورات العربية تحديدا ضد الأنظمة المستبدة والديكتاتورية من ناحية ثانية. لأنه بسقوط نظام بن علي تسنى لها دخول تونس بعد شهر من ذلك التاريخ وملاقاة الجمهور التونسي في أول احتفال بالثورة خاصة أنها كانت من بين الفنانين الأوائل الذين عبروا عن مساندة انتفاضة الحوض المنجمي والحركات الطلابية في تونس رغم أنها كانت ممنوعة من دخول هذا البلد بسبب فنها الملتزم والثوري. كان ذلك خلال ندوة صحفية عقدتها هذه الفنانة الفلسطينية ظهر أمس بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد. وخصصتها لتقديم ألبومها الجديد الذي اختارت عنونته ب"تجليات الود والثورة" وهو من انتاج الفنان العالمي النرويجي بوغي وزرتوف. المختلف والأفضل وبيّنت خلال هذه المناسبة أن هذا الألبوم يتضمن 12 أغنية ستة منها أغان صوفية وهي قصائد لرابعة العدوية وابن الفارض والحلاج وابن عربي أما بقية الأغاني فأوضحت أنها قصائد لشعراء عرب معاصرين من بينهم محمود درويش وراشد حسين شاعر المقاومة الفلسطيني الذي اغتاله الموساد في السبعينات وبدر شاكر السيّاب إضافة إلى الشاعر التونسي عمارة عمراني الذي عانى ويلات التعذيب وقضى ردحا من عمره في زنزانات السجون بسبب شعره الحر لتؤدي في الألبوم قصيدته "الحرّ" باللهجة التونسية. وأفادت خلال الندوة أنها سجلت جزءا من أغاني هذا الألبوم بتونس وتحديدا بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية النجمة الزهراء بسيدي بوسعيد خلال شهر أكتوبر الماضي وذلك بتشريك موسيقيين من تونس على غرار جهاد الخميري في الإيقاعات إضافة إلى محمد بن صالحة وقيس زروق. وصرحت بأنها أهدت أغنية "الغائب" للثورة التونسية رغم أنها لم تفكر في بحث الأغاني التي يمكن أن تحقق لها النجاح لأن كل اهتمامها مركز على الأغاني التي تعبر عن المواضيع التي تنتصر للقضايا التي تحبها. وأضافت في ذات السياق قائلة :" لا أخفي أني جد مبتهجة بهذا الألبوم لأني اعتبره مختلفا عن أعمالي السابقة والأفضل على جميع الأصعدة لذلك أنا أطمح للعمل على انجاحه في تونس او في الساحة العربية. ودافعي إلى الطموح إلى ذلك هو ما لاحظته من ردة فعل أجنبية إيجابية كلها إعجاب وتقدير للعمل وخاصة رغم أن هذه الجهات لا تفهم اللغة العربية." دوافع تشريك "الراب" كما كشفت ريما البنا أنها لم تكتف بالمراهنة على تونس في كل متعلقات ألبومها الجديد رغم أن هذا المشروع كان مبرمجا منذ أكثر من ثلاث سنوات مع نفس الجهة المنتجة على أن يكون التصوير والانجاز بحلب بسوريا حسب تأكيدها . لكن الثورة التونسية وما عاشته في أولى مصافحتها لشباب هذا البلد عندما رفع شعار "الشعب يريد تحرير فلسطين" بعد أن نجح في تفعيل شعار "الشعب يريد اسقاط النظام" جعلها تختار تونس لتكون البلد الذي احتضن هذا العمل وقصر النجمة الزهراء لتسجيل الأغاني نظرا لما يحمله هذا الفضاء من جمالية ودلالة على الفن العربي الإسلامي وترسخ في التاريخ والحضارة العالمية. فضلا عن اختيار تاريخ 14 جانفي لإطلاق ألبومها في النرويج نظرا لما فيه من رمزية على مستوى وطني وعربي. واعتبرت تشريك الراب التونسي كنمط موسيقي تميل له على اعتبار أنه من أكثر الأنماط الموسيقية تعبيرا عن الطبقات الكادحة ومشاكل الشباب وقضاياهم المتعلقة بالغربة والفقر والتهميش والبطالة وغيرها من مشاغل هذه الفئة الاجتماعية. كما اعتبرت قربها من الواقع التونسي وهاجس المواطن فيه من الدوافع التي جعلتها تصر على تشريك الفنان خالد بوحريزي المعروف باسم "مستر كاز" في أغنية "الحر". وفيما يتعلق بسبب اختيارها لنصف عدد أغاني الألبوم لتكون أغان صوفية فسّرت الفنانة الفلسطينية ذلك بأنها تحدوها رغبة كبيرة منذ سنوات لتغني قصائد صوفية على أن تقدمها بطريقتها الخاصة وذلك باسلوب حداثي . أما فيما يتعلق بباقي الأغاني فأكدت في الندوة الصحفية أنها تترجم واقع المجتمعات والشعوب العربية المهمشة والسحيقة.