وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    ترامب: قد أدعم وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل إذا سمحت الظروف.. مستعد للحديث مع طهران    «شروق» على مونديال الأندية رقم قياسي لميسي و بوتافوغو «يصفع» باريس سان جرمان    بين طموح التميز وشبح الإقصاء .. النموذجي... «عقدة » التلاميذ !    22 سنة سجناً مع النفاذ العاجل في حق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وقيادات سابقة    في اختتام مهرجان « Bhar Lazreg Hood» منطقة البحر الأزرق .. معرض مفتوح لفن «الغرافيتي»    الإعلامية إيناس الغرياني ل «الشروق».. وفاة أمي «صدمة»... دفعتني لدخول الإذاعة    حرب الاستخبارات تتوسّع بقصف قاعدة العمليات الرقمية: اختراق كاميرات المراقبة وكشف مواقع الموساد يربك الصهاينة    "الستاغ" تعتذر من حرفائها..وهذه التفاصيل..    باجة: نسبة تقدم الحصاد بلغت 40%.    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    بلاغ جديد من النجم الرياضي الساحلي    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    وزارة الصحة تجدد دعوة الأطباء المقيمين إلى اختيار مراكز العمل    الترجي يعود لزيه التقليدي في مواجهة مصيرية ضد لوس أنجلوس في كأس العالم للأندية 2025    قابس: أكثر من 250 مشاركا في الدورة 41 لمعرض قابس الدولي    طبربة: إيداع مربي نحل السجن من أجل تسببه في حريق غابي    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    هجمات اسرائيل على ايران: السعودية تحذّر.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    إيران تخترق كاميرات المراقبة الخاصّة بالإسرائيليين.. #خبر_عاجل    حملة لمراقبة المحلات المفتوحة للعموم بدائرة المدينة وتحرير 8 مخالفات لعدم احترام الشروط القانونية (بلدية تونس)    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتقال الديموقراطي لم يتم كما بشرت به الثورة
الاستاذ رافع بن عاشور ل"الصباح":
نشر في الصباح يوم 02 - 02 - 2013

كل ما فيه تنمية العقل مستهدف بما في ذلك الجامعة - التأجيل المستمر للتحوير إقرار بفشل الحكومة - الحديث عن الانتخابات في غياب الدستور يبقى مجرد كلام" - نداء تونس" لم يدعُ إلى حكومة إنقاذ وطني بل إلى توافق وطني - إصلاح النظام التربوي من الأولويات العاجلة - استهداف الأضرحة يراد به تحويل اهتمام الرأي العام عن القضايا المصيرية - نعم.. مسودة الدستور تشكو من الحشو والإطالة
حوار اسيا العتروس - حذر الاستاذ رافع ابن عاشور من استمرار تأجيل وضع الدستور و اعتبر أن كل حديث عن الانتخابات يبقى مجرد كلام بلا معنى في ظل غياب الدستور و قال أستاذ القانون العام وعضو الهيئة التنفيذية "بحركة نداء تونس" في حديث خص به "الصباح" "أن الانتقال الديموقراطي لم يتم كما بشرت به الثورة "و اعتبر "أن المشهد السياسي في البلاد مازال يكتنفه الغموض و انعدام الثقة و غياب التوازن " و اعتبر "أن الدعوات لدسترة المجلس الاسلامي تثير الكثير من الشكوك" ,و فسر السفير السابق بالمغرب عودة رئيس الحكومة الى المجلس التأسيسي في مسألة التحوير الوزاري اقرار بفشل الحكومة
ومحاولة للالقاء بالمسؤولية على المجلس. و استنكر بن عاشور استهداف الجامعة التونسية و قال "ان كل ما فيه تنمية للعقل مستهدف بما في ذلك قلاع الفكر المستنير "كما توقف عند بعض النواقص في مشروع الدستور
ودعا الى ضرورة توضيح عديد المسائل المتعلقة بالحريات . و فيما يلي نص الحوار .
*مرة بعد مرة يتأجل التحوير الوزاري و تفشل الترويكا في تجاوز الازمات و الصراعات فما هي قراءتك للمشهد كيف تفسر هذا التباطؤ؟
-أولا لا بد من الاشارة الى أن هذا التحوير الذي بدأ الحديث عنه منذ جويلية الماضي بات أشبه بمسلسل دالاس , وهو اعتراف من طرف الحزب المهيمن و هو حزب النهضة بعدم نجاح الحكومة في تطبيق ما انتخبت من أجله و هو اعداد الدستور و المرور الى المرحلة الانتقالية و هو أيضا اقرار لا تشوبه شائبة بعدم القدرة على تنفيذ شيئ من هذا التحويررغم جميع المغازلات ازاء أحزاب المعارضة و ذلك نتيجة الثقة المهتزة في المشهد السياسي و في البلاد بصفة خاصة .
*و كيف برأيك يمكن الخروج من الازمة المتواصلة ؟
-يكون و كما نادت به أحزاب كثيرة عبر الوفاق الوطني الواسع و بدون أي اقصاء وقد سجلنا مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل التي وقع اجهاضها لاجراء حوار وطني و كانت هناك أيضا مبادرة رئيس الجمهورية المؤقت
وبدورها لم تثمر, و أذكر بان رئيس الحكومة نفسه دعا الى وفاق وطني و لكن الحقيقة ان الوفاق الوطني لا يكون باختيار من تتحاور معهم ولا يكون بفرض شروط مسبقة ولا بالاقصاء ولكن عبر الوفاق الوطني
وهو الشرط الاساسي المطلوب لانجاح المرحلة الانتقالية التي طالت أكثرمما ينبغي و بات لها نتائج وخيمة على المشهد العام في البلاد بكل النواحي الاقتصادية والاجتماعية و السياسية .
*و لكن رئيس الحكومة يعود اليوم الى المجلس التأسيسي لتجاوز عقدة التحوير و تقديم مذكرة سياسية في الغرض فكيف تقرأ ذلك ؟
-رئيس الحكومة لم يتمكن من ايجاد مفاهمة مع مختلف الاطراف التي اتصل بها و ربما و حتى لا يتحمل مسؤولية الفشل وحده نقل أزمة التحوير و لذلك نراه ينقل المسالة من القصبة الى باردو و بهذه الطريقة فانه يضع المجلس التأسيسي بدوره أمام المسؤولية حتى لا يتحملها بمفرده,لذلك نقول لا بد من وفاق وطني و بدون ذلك لا مجال لتجاوز هذا الوضع , بالنسبة لنداء تونس فقد قال موقفه بوضوح ولم نطالب بحكومة انقاذ وطني بل دعونا الى وفاق وطني وسيساند نداء تونس كل المحاولات من أجل الوفاق الوطني و سيساند الحكومة اذا كانت مبنية على وفاق وطني و لا مطالب لحزبنا في السلطة على عكس ما يقوله البعض.
*لو نعود اليوم لتقييم المشهد السياسي تقييما موضوعيا فكيف سيكون خاصة و ان هناك مقاربة قائمة اليوم في الاذهان بين ترويكا في السلطة و ترويكا المعارضة بعد اعلان جبهة الاتحاد من أجل تونس هذا الاسبوع ؟
-المشهد مازال يكتنفه الغموض, و عدم الثقة و من ناحية اخرى عدم التوازن لان ما نراه من مناقشات في المجلس التأسيسي و التجاذبات بين الاحزاب السياسية يجعل المواطن العادي في حيرة و لا يتبين مقاصده ,و بالنسبة لعدم الثقة أعود واقول أن الامر ينسحب على المستوى الوطني و الدولي .و المواطن لم يعد واثق بامكانية الخروج بسرعة من هذه الفترة , و صار لديه نوع من الخوف من المستقبل و حتى الحاضر مستقبل أبنائنا و مستقبل البلاد .و جميع المؤشرات لا تطمئن ,على المستوى الدولي عدم الثقة لدى الدول كما لدى المستثمرين على الصعيد الداخلي أو الدولي على حد سواء بسبب ظاهرة العنف و عدم التسامح بين مختلف الاراء و عدم قبول الرأي الاخر و التشنج في اتخاذ المواقف .ثم ان المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية و عدم التوازن بين مختلف الاطراف السياسية زاد الامور تعقيدا و لذلك كانت دعوة سي الباجي في 26 جانفي 2011 اي قبل عام عندما توجه بنداء الى ايجاد توازن و تكوين جبهة سياسية و انتخابية بين نداء تونس و الجمهوري والمسار و هناك اتجاه اليوم بذلك الى احداث هذا التوازن استعدادا للاستحقاقات الانتخابية و هذا الاعلان عن الاتحاد من أجل تونس حتى يكون هناك نوع من التوازن بين الترويكا الحالية و المعارضة الوطنية ..
*لكن الترويكا تقول أن هناك اطرافا لم تتوقف عن وضع العصا في العجلة و عرقلة جهودها فما هو رأيك في ذلك ؟
-هذه لغة نعرفها و هي لغة قديمة قدم العالم من لا ينجح يحمل الخطأ لغيره و لا يعترف بخطئه و تقصيره و زلاته و كنت أتمنى أنه بدل من اتهام الاخرين و التهرب من المسؤولية كنت أتمنى و هذا الافضل لو وقعت عملية نقد ذاتي و محاسبة للنفس و الحقيقة أن السيد رئيس الحكومة اعترف بالامس امام المجلس التأسيسي بأن أداء الحكومة أداء ضعيف و أن بعض الوزراء كان أداؤهم دون المستوى .
*من بين التسريبات المتعلقة بالتحوير الوزاري ما صدر على لسان السيد صحبي عتيق مثلا بشأن وزير الخارجية الذي سيتخلى عن حقيبة الخارجية و لكن دون مغادرة الحكومة ما تعليقك على ذلك ؟
-في الحقيقة لا أود الدخول في الجزئيات و التفاصيل و هذا من مشمولات الحكومة و هي تعرف جيدا ماذا يعني التحوير و لكن أقول أنه لا بد من أخذ العبرة من الفشل و من عدم نجاح بعض الوزراء و هذا لا يكون باعادة توزيع الاوراق بين نفس الاطراف و لكن بدلا من ذلك بالاتجاه نحو تمش جديد فالمسألة تتعلق بالسياسة المتبعة و ليس بشيء اخر .
*أثارت مسألة دسترة المجلس الاسلامي جدلا عميقا بين معارض و مؤيد فماذا تعني دسترة هذا المجلس و ما هو الهدف من ذلك ؟
-المجلس الاسلامي الحالي له دور استشاري فقط و هو يصدر مجلة "الهداية" و لا أعرف بالتالي سببا لدسترته ,أما اذا أريد لهذا المجلس أن يكون سلطة قرار و مراقبة على المشاريع و القوانين التي تبرمها الدولة في مدى مقاربتها بثوابت الاسلام و علوم الدين كما تريده حركة النهضة يوحي الى التخلي عن الصيغة المدنية للدولة و يدخل بنا الى مجال الدولة الدينية و من هنا يأتي الحرص على دسترة المجلس الاسلامي و لا أعتقد ان حركة النهضة تريد دسترة المجلس بالشكل الحالي , و الواقع أنه عندما يكون للمجلس سلطة عليا تراقب مدى اسلامية القوانين و تطابقها مع الشريعة فان المسألة ستكون خطيرة و هذا ما يفسر معارضة شق كبير من أعضاء مجلس التأسيسي لدسترة المجلس . و كان يفترض أن يقع دسترة مجلس واحد و هو الهيئة العليا للانتخابات و بالنسبة للبقية فهناك قوانين تنظم عملها و لا حاجة ليكون لنا عدة هيئات استشارية تبدي الرأي أو تصدر التقارير .
* هل اطلعت على المسودة الثانية من الدستور و ما هي مؤاخذاتك لهذا المشروع ان كان لديك مؤاخذات طبعا ؟
-طبعا هناك ملاحظات عامة , أولها أن الدستور ليس بمجلة يقحم فيها كل شيئ بل يشمل القانون الاساسي للدولة و رؤوس أقلام فيما يتعلق بالحريات و مؤسسات الدولة و العلاقة بينها , ثانيا ما يمكن ملاحظته ان المشروع الحالي للدستور فيه الكثير من الحشو والاطالة الذي ما أتى الله به سلطان اذ يحتوي على 149 فصلا ضعف ما كان عليه دستور 1959 تقريبا الذي اشتمل على 69 فصلا قبل أن تضاف اليه التحويرات و هي نحو 14 تحويرا . من ناحية الحريات لا بد من الاقرار ان هذا الدستور فيه ايجابيات و هذه حقيقة لا مجال لانكارها خاصة فيما يتعلق بالحريات الاكاديمية لكن و هنا الخطر توجد أمور لا بد من توضيحها , و منها الاحالة على القانون في مسألة الحريات و هذا نفس العيب الذي كان موجودا في الدستور السابق بمعنى أنه عندما نقول ان الحرية في حدود ما يضعه القانون فاننا نفتح الباب لكل الاستثناءات دون غلق .
النقطة التالية و تتعلق بالنظام السياسي و هذا أيضا غير واضح و هناك خياران مطروحان و فيها اعادة لما هو موجود في الدستور الصغير و تقسيم السلطات حيث تتنازع الاختصاصات بين رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة و هذا أمر لا بد من الابتعاد عنه نهائيا لان فيه انعدام واضح للتوازن ,و الامر ذاته بالنسبة للسلطة التنفيذية و في العلاقة بين السلطة التنفيذية و التشريعية و المناقشات التي نراها في الجلسة العامة للمجلس التأسيسي تدفع بنا للعودة الى الوراء في كل مرة و هذا الامر لم يعد مقبولا و لا مجال لمزيد التأخير بشان الدستور , و هذا ما قاله رئيس الجمهورية المؤقت و ما قاله أيضا رئيس الحكومة بوضوح و لا يتوقف عند المعارضة أو من يوصفون من طرف السلطة بأن في قلوبهم مرض. خلاصة القول لا بد اذن من الانتهاء من كتابة الدستور و بدون ذلك لن يكون هناك أي رزنامة عندما نتحدث عن الانتخابات و كل هذا سيظل مجرد كلام طالما أنه لا وجود للدستور .
*وماذا عن حقيقة المخاوف بشأن حقوق المرأة و مجلة الاحوال الشخصية في المشروع الحالي ؟
-بالنسبة للمسودة الاولى كانت مسألة التكامل تطرح بعض المخاوف و الحمد لله أنها أزيلت و لكن الخطر المستمر أن تصبح المرجعية الدينية هي الطاغية و المعيار للتشريع و مراقبة مدى ملاءمته للتشريع , عندها ستكون المخاوف أكبر لا بالنسبة لحقوق المرأة فحسب و لكن أيضا بالنسبة للطفولة و هذا ما رأيناه خلال الزيارات المتواترة للدعاة المتشددين الى بلادنا و اخرها من يحمل برنامج الحجاب لفتيات في سن الطفولة بل رأينا في الصور بينهن الرضع و هذا حقيقة يطرح عديد نقاط الاستفهام و يستوجب من أصحاب القرار الرد عليها بوضوح .
*رأينا في المدة الاخيرة تواتر الاعتداءات على الاضرحة و المقابر و مقامات الاولياء الصالحين بعد أن أصبحوا غير صالحين الى غير ذلك من مظاهر العنف ألا ترى في ذلك محاولة مدروسة لتلهية الرأي العام و تحويل الانظار عن الاهم في وقت توضع و تتخذ فيه أهم القرارات في البلاد ؟
-الامر لا يحتاج الى توضيح و لا حاجة لدليل للتأكيد على أن عمليات حرق و نهب و هدم المقابر و استهداف الاضرحة بشكل يكاد يكون يوميا من شمال البلاد الى جنوبها و من شرقها الى غربها أمر ممنهج بشكل مسبق و ما حدث لايمكن أن يكون حادثا عابرا والان نجد أنفسنا في حوارات محصورة حول الاولياء و الاطفال و لباس المرأة و قد كنا نعتبر أنها مسائل محسومة وأننا تجاوزناها منذ عشرات السنين و ها نحن نعود اليها وكأن هناك خطة لتلهية الناس و صرفهم عن الاهتمام بالقضايا المصيرية و دفعهم الى نقاشات هامشية تزيد الاوضاع في البلاد احتقانا و انقساما و الحال أن الاجواء الاجتماعية في البلاد تسير في طريق مسدود و النتيجة أن الانتقال الديموقراطي لم يمر كما بشرت به الثورة .
*الى أين تسير الجامعة في خضم ما تعيشه من اهتزازات و صراعات و مظاهر العنف التي تسربت اليها و فتحت مدارجها أمام دعاة الدين ليحاضروا بها و أي دور للنخبة اليوم لانقاذ الجامعة من هذا الوضع ؟
-لا نكشف سرا اذا قلنا ان كل ما فيه تنمية للعقل بات مستهدفا و طبعا أول القلاع لتكوين الفكر المستنيرهي الجامعة وهي مستهدفة اليوم و للحقيقة فان تهديم الجامعة لم يبدأ اليوم بل منذ عشر سنين تقريبا و كان برنامجا ممنهجا لتهميش الجامعة و كان هذا من الاسباب الاساسية لثورة 14 جانفي فحاملو الشهادات العليا وهم آلاف لم تعد شهاداتهم تساوي شيئا فتكوينهم ضعيف و هو في تراجع و المشغلين لا يسعون لتشغيلهم لضعف المستوى و هذه حقيقة مؤلمة و لكن لا بد من الافصاح بها , أتصورأنه من أوكد الاولويات في السنين القادمة اعادة النظر في النظام التربوي من الابتدائي الى الجامعة ولكن ليس بالعودة الى الوراء و الى القرون الاولى و لكن بمواكبة التطورات العلمية الحاصلة وثورة التكنولوجيا والحرية التي بدونها لا يمكن تحقيق شيئ حتى تستعيد الجامعة موقعها و تكون الشهادة موثوق بها و يستمر بذلك الابداع و التقدم و تحرير العقول لمنافسة الجامعات العريقة في العالم , أما العودة الى التعليم الزيتوني في قراءته الاخيرة و في فترات مظلمة من التاريخ فهذا كان محل انتقادات من الزيتونيين أنفسهم و الطاهر ابن عاشور في كتابه "أليس الصبح بقريب "نبّه مبكرا الى مواقع الخلل التي أصابت مناهج التعليم في عصور الانحطاط و كشف أسباب تأخر العلوم و طرق تدريسها في العالم العربي عامة و جامع الزيتونة خاصة و عرض طريقته للاصلاح بجرأة و طرح نظرة استشرافية في فهم الشريعة و الواقع وانتقد واقع التعليم انذاك وقد لقي معارضة من المشايخ وقد غادر مرة أولى مشيخة الزيتونة ثم عاد اليها . اذن لا بد من اعادة النظر في النظام التربوي و النظر الى الامام و عندما ندعو الى ذلك فاننا لا نعني بأي حال من الاحوال الانسلاخ عن هويتنا و التخلي عن أصولنا و حضارتنا فأنا اخر من يمكن أن يدعو الى ذلك .و لكن لا بد من القول أن اتقان العربية مطلوب تماما كما أنه مطلوب اتقان اللغات الاخرى و في نفس الوقت التواصل مع انتمائنا الحضاري و الديني و الانفتاح على الابتكارات العلمية و الارتقاء بجامعاتنا الى الافضل . و لكن حتى الان و للاسف ليس هناك خطة للملمة و اصلاح الجامعة التونسية بل هناك استمرار على نفس الوتيرة التي تركها النظام السابق و لا وجود لتغيير أو حتى نية في اصلاح الجامعة .
*في ختام هذا اللقاء أعود الى مسألة دخولك عالم الديبلوماسية كسفير لتونس في المغرب ماذا أضافت لك هذه التجربة و لماذا وقع انهاء المهمة قبل استكمال الفترة ؟
-للتصحيح ليس لنا قانون في تونس يوضح مدة مهمة أي سفير و من هنا فان هذا يضع السفير في وضعية حرجة بالنسبة لوضعيتي الامر تابع لوزارة الخارجية و هي من قرر التغيير و قد تلقيت رسالة من وزيرالخارجية تعلمني بأن مهمتي تنتهي في تاريخ محدد , المشكلة ليست هنا , مع الاسف رغم المدة القصيرة فقد بدأنا اعادة تنظيم العلاقات مع هذا البلد المجاور و وصلنا الى نتائج هامة بسرعة كبيرة أولها كانت زيارة الرئيس المرزوقي الى المملكة المغربية في فيفري 2012 و قد حظي باستقبال كبير لدى الاشقاء المغاربة رغم ان الزيارة لم تكن رسمية و في جوان 2012 كان اجتماع اللجنة المركزية الكبرى برئاسة رئيسا الحكومة التونسية و المغربية
ودخلنا في حركية جديدة وتجديد العلاقات و كنا في مسار مشجع .المؤسف أنه حتى اليوم لم يتم تعيين سفير لتونس و السفارة شاغرة منذ جويلية الماضي و هي تحت اشراف مكلف بالاعمال و هذا في اعتقادي ليس بالامر الجيد ازاء أشقائنا في المغرب و فيه الكثير من الاحراج أيضا . بالنسبة لي كانت تجربة ثرية حاولت قدر المستطاع أن أكون في خدمة الوطن و أعتقد أني اجتهدت و من اجتهد و أصاب فله أجران و من اجتهد و لم يصب فله أجر واحد .
*في حديثنا عن الاجتهاد و البحث ماذا عن الجامعة و ماذا عن البحث و مهمة التدريس للاجيال الصاعدة ؟
-هذا ٍهو رأس المال و شخصيا لم أتوقف عن القيام بذلك عندما كنت في الوزارة أو حتى في السفارة و قد كنت أحرص على تنظيم أوقاتي لمواصلة المهمة في الجامعة ووحدة البحث التي أديرها لا تزال قائمة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.