في اخر لقاء اعلامي له نبه الفقيد شكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الى خطورة استشراء ظاهرة العنف في الاونة الاخيرة.. حيث أصبح سياسة ممنهجة قوامها مليشيات خالصة الاجر..» مشيرا في هذا السياق الى ان "الجهات التي تحرك العنف اليوم باستطاعتها ان تطلقه لكن لا يمكنها التحكم في مساره.." في اليوم الموالي لهذا اللقاء الاعلامي تعرض المناضل شكري بلعيد الى طلق ناري امام منزله وتم «إسكاته» الى الابد.. لقد رحل هذا المناضل الكبير وهو يستشعر الاثار المدمرة للعنف السياسي وكان للأسف الشديد اول ضحاياه. اغتالته يد الغدر صباح امس مستهدفة مواقفه الجريئة والشجاعة ضد كل اشكال التطرف والغاء الاخر.. مستهدفة كذلك هذه الثورة التي تريد هذه الايادي الآثمة ان تحيد عن مسارها الصحيح. لقد حصل المحظور.. وتجاوز بعضهم الخطوط الحمراء واستباحوا القتل الممنهج واغتالوا حق الاختلاف. ان شكري بلعيد المناضل الوطني الصادق الغيور على هذه الثورة المدافع بشراسة عن ابناء هذا الشعب من المهمشين المفقرين.. الذين يعيشون في أعماق البلاد بدون امال ولا افاق وعن حق عائلات شهداء الثورة وجرحاها الذين طال استرداد حقوقهم.. عن الكرامة والحرية والرأي المخالف.. كان ولآخر لحظة من حياته مناضلا من اجل الحوار دون إلغاء للخروج من المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد منددا في الوقت ذاته بكل اشكال العنف السياسي لما له من انعكاسات مدمرة على التعايش السلمي بين افراد المجتمع.. وعلى المبادرات السياسية لتوحيد الصف والخروج من هذا المأزق السياسي الذي تردت فيه البلاد.. ان ما تعرض له شكري بلعيد اغتيال سياسي.. عمل شنيع في حق مناضل صدع صوته عاليا من اجل الوفاق والحوار والعطاء لمصلحة هذا الشعب وهذه البلاد. وادانة هذا العمل الاجرامي ضد زعيم حزب سياسي عريق لا تكفي بل على جميع الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني ان ترتقي في هذه اللحظة الفارقة الى مستوى ما يستدعيه الوضع الراهن من اعادة نظر في متاهات التجاذبات والصراعات السياسية وعقلية «الغنيمة» لان من الاسباب الرئيسية التي أدت الى هذا الاغتيال السياسي ما بلغته البلاد من احتقان حاد نتيجة صراع على الكراسي.. ومصالح حزبية ضيقة وحسابات انتخابية. اضافة الى التخوين والتكفير وممارسة العنف اللفظي والمادي وحماية المجرمين وتبرير اعتداءاتهم. ان الثورة اليوم هي المستهدفة وعلى الفاعلين على الساحة الالتزام بميثاق شرف. ميثاق مدني يلزم الجميع برفض العنف بكل اشكاله ويبني لثقافة تشاركية.. ثقافة الحوار والتعايش السلمي بدل ثقافة الاقصاء وتصفية الرأي المخالف. ثم.. على المجلس الوطني التأسيسي ان يبادر بسد الفراغ القانوني الذي تعيشه البلاد.. بالاسراع في إنجاز دستور يرتقي الى مستوى مبادئ الثورة.. والقوانين المنظمة للهيئات الدستورية.. وضبط موعد نهائي للانتخابات حتى ينجلي الضباب الذي عمّ البلاد وحتى لا تذهب دماء شهداء الثورة واخرهم شكري بلعيد هدرا.