"الصباح - من مبعوثنا الخاص - صابر المكشر - .. وأنت تطأ قدماك بلاد فارس تتبادر إلى ذهنك مباشرة الصورة المتداولة عن"دولة الخميني" المنغلقة.. بلد التخلف والأمية.. ولكن بالتجول بين شوارع العاصمة طهران والمدينة التاريخية اصفهان تبدأ الأفكار المعششة في ذاكرتك - والتي كان للإعلام الغربي الدور الأكبر في ترسيخها - تتغير شيئا فشيئا.. فهذه الربوع التي شهدت ثورة شعبية إسلامية قبل 34 سنة أطاحت بالشاه تشهد اليوم ثورة علمية واقتصادية وتكنولوجية وصناعية جعلت من إيران قوة تقارع القوى العظمى وتنافسها في مختلف الميادين. ولسائل أن يسأل: كيف لبلد عانى طويلا من الحروب ويعاني من الحصار وفرضت وتفرض عليه العقوبات الاقتصادية أن يتحول خلال سنوات قليلة من بلد تسوده الأمية، متخلف ويورد كل المواد الغذائية وغيرها، إلى بلد يحقق الاكتفاء الذاتي الغذائي ويقرأ له ألف حساب بعد صعوده الصاروخي في عالم التكنولوجيا والتصنيع؟ ثورة على التجويع الحقيقة، ومن خلال شهادات متفرقة لعدد من الإيرانيين فإن الشعب الإيراني عانى لسنوات عديدة من"التفقير" والتجويع" في محاولات أمريكية وغربية لتركيعه حتى وصل الأمر بعائلة إيرانية أن تتناول نصف رغيف في وجبة غداء وبات رب الأسرة غير قادر على أن يوفر قوت أطفاله، فكان الإنقلاب الثوري على الفقر والبطالة والجوع والأمية، وشمّر الجميع على سواعد الجدّ والكد وطلب العلم في تحد للعالم الغربي، وماهي إلا سنوات قليلة حتى أصبحت إيران قوة عالمية في التكنولوجيا والصناعة والطاقة. وفي هذا الخصوص، قال أبو علي المرافق الإيراني المسؤول عن الوفد الإعلامي التونسي أنه "كلما حاصرنا الغرب إلا و زادت قوتنا لتحديه". وتأكيدا لذلك أعلنت المنظمة الأمريكية للجيولوجيا أن إيران تحتل المركز الثامن عالميا في إنتاج العنصر الكيميائي "موليبدنوم" خلال عام 2012، و"الموليبدنوم" هو عنصر كيميائي وفلز صلب أبيض وواحد من أقوى وأكثر الفلزات المقاومة للصهر ويستخدم في صناعة أجزاء الطائرات والصواريخ وفي صناعة النظائر النووية المشعة، كما أنه عنصر مهم في التغذية النباتية، ولمركبات الموليبدنوم استخدامات صناعية كثيرة خصوصًا مادة مساعدة في تكرير النفط. التصنيع العسكري وفي نفس السياق أصبحت إيران من أقوى الدول على صعيد التصنيع العسكري مما أهلها إلى تكوين جيش قوي، منه النظامي والاحتياطي والحرس الثوري إضافة إلى أفراد قوات التعبئة (الباسيج) مجهزين بأكثر وسائل الدفاع والهجوم تطورا في العالم تتكون من عشرات الآلاف من مرابض المدفعية وعدد كبير من دبابات «ذو الفقار» و«تي -72» الروسية وبوارج وفرقاطات وسفن أجنبية ومحلية الصنع وغواصات روسية وغواصات صغيرة ومتوسطة محلية الصنع إضافة إلى صواريخ النور البحرية (مداها الى 300 كيلومتر) وطوربيدات سريعة من إنتاج إيراني وطائرات «ميغ -29» و«وميغ -31» الروسية ومقاتلات «أف -4» و«أف -5» وطائرات «الصاعقة» و"قاهر 313" الإيرانية الصنع. وفي هذا الصدد قال حسن بروانة المدير العام لشركة صناعة الطائرات الايرانية (صها) ومدير مشروع المقاتلة "قاهر 313"، ان الكثير من الخبراء تفاجؤوا من ازاحة الستار عن المقاتلة "قاهر 313"- التي لا ترصدها الرادارات - اذ "لم يتوقعوا أن نتمكن عبر صنع "آذرخش" و"صاعقة" من التوصل الى هذه المقاتلة التي تتميز بهيكل وشكل جديد وخصائص فريدة من نوعها. الاقتصاد الإيراني من جهة أخرى، وخلافا لما أوردته تقارير غربية بأن إيران في طريقها إلى الإنهيار على الصعيد الاقتصادي بسبب الحصار والعقوبات المفروضة عليها وتوقعات الكثير من الاقتصاديين أن ينهار الاقتصاد الإيراني قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، وذلك بعد توسع نطاق العقوبات المفروضة على إيران لتشمل المزيد من الشركات التي يحظر التعامل معها، فإن بعض المعطيات التي تحصلنا عليها من مصادر مختلفة في طهران تتوقع أن يصمد الاقتصاد الإيراني لسنوات طويلة في صورة استمرار الحصار، بل ووفق إحصاءات صندوق النقد الدولي من المتوقع أن تحقق الجمهورية الاسلامية الايرانية نموا متواصلا بفضل السياسات الاقتصادية المتبعة والشعور القومي لدى الإيرانيين، الذي ما انفك يتعاظم يوماً بعد يوم بضرورة التعويل على الذات والعمل ولا شيء غير العمل، وخير مثال على ذلك الاعتماد الكلي في الاقتصاد الإيراني على الإنتاج المحلي على غرار الدراجات النارية والسيارات والحافلات والطائرات والطاقة ومختلف الصناعات الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، والاقتصار على اليد العاملة المحلية حتى في المشاريع الاستراتيجية والكبرى وتشجيع الاستثمار في المجال الزراعي والتوجه نحو الاستثمار العالمي ومن بين البلدان التي ترغب طهران في تمتين العلاقة الاقتصادية معها تونس.