عاجل/ العفو الدولية تُطالب بإطلاق سراح بوغلاب فورا    تخصيص حافلة لتأمين النقل إلى معرض الكتاب: توقيت السفرات والتعريفة    4 من دولة واحدة.. 5 نجوم عرب في نصف نهائي أبطال أوروبا    رياح قوية وانخفاض نسبي في درجات الحرارة غدا الجمعة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    توزر.. افتتاح الاحتفال الجهوي لشهر التراث بدار الثقافة حامة الجريد    لا إفراج عن أي موقوف في قضية التآمر..المتحدث بإسم محكمة الإستئناف    الرصد الجوّي يُحذّر من رياح قويّة    عاجل/ "أمير كتيبة": الداخلية تعلن القبض على إرهابي خطير بجبال القصرين    عاجل/ محاولة تلميذ طعن أستاذه داخل القسم: وزارة الطفولة تتدخّل    ارتفاع نوايا الاستثمار المصرح بها خلال الثلاثية الأولى من السنة الحالية ب6.9 %    عاجل : هجوم بسكين على تلميذتين في فرنسا    الداخلية.. قوات الأمن تبذل جهدها للتصدي لكل ما من شأنه تهديد المجتمع في إطار التمسك بالسيادة واحترام حقوق الإنسان    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    تونس: وضعية السدود مقلقة ولابد من ترشيد استهلاك المياه    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    عاجل/ وزير خارجية تركيا: حماس قبلت نزع سلاحها مقابل هذا الشرط    بنزرت: تمكين 21 عائلة ذات وضعية خاصة من منح مالية اجمالية تعادل 200 الف دينار لبعث موارد رزق    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    عاجل/ فاجعة جديدة تهز هذه المنطقة: يحيل زوجته على الانعاش ثم ينتحر..    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين لهذه الأسباب    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    هام/ تطوّرات حالة الطقس خلال الأيام القادمة..#خبر_عاجل    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    قيس سعيد : ''تونس لن تكون أبدا مقرا ولا معبرا للذين يتوافدون عليها خارج''    البنك المركزي : ضرورة مراجعة آليات التمويل المتاحة لدعم البلدان التي تتعرض لصعوبات اقتصادية    اجتماعات ربيع 2024: الوفد التونسي يلتقي بمجموعة من مسؤولي المؤسسات المالية الدولية    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    أبطال إفريقيا: ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي يحط الرحال بتونس    ضربة إسرائيل الانتقامية لايران لن تتم قبل هذا الموعد..    زلزال بقوة 6,6 درجات بضرب غربي اليابان    في انتظار قانون يحدد المهام والصلاحيات.. غدا أولى جلسات مجلس الجهات والأقاليم    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    توريد 457 ألف طن من القمح اللين.. مضاعفة الكميات في السوق    ريال مدريد يفوز على مانشستر سيتي ويتأهل الى نصف نهائي رابطة أبطال أوروبا    نادال يودع الدور الثاني من بطولة برشلونة للتنس    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    اليمن: سيول وفيضانات وانهيارات أرضية    رماد بركان ثائر يغلق مطارا في إندونيسيا    بطولة شتوتغارت: أنس جابر تتاهل الى الدور ثمن النهائي    خمسة عروض من تونس وبلجيكا وفرنسا في الدورة الثانية لتظاهرة المنستير تعزف الجاز    أطفال من بوعرادة بالشمال الغربي يوقعون إصدارين جماعيين لهم في معرض تونس الدولي للكتاب 2024    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    الفضيلة    لعبة الإبداع والإبتكار في كتاب «العاهر» لفرج الحوار /1    أخبار المال والأعمال    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    فتوى جديدة تثير الجدل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضح تناقضات المجتمع المتأزم وكشف للعلاقات المضمرة
وجدانيات نسائية لآمنة الشعبوني
نشر في الصباح يوم 22 - 02 - 2013

صدرت خلال الايام القليلة الماضية المجموعة القصصية "وجدانيات نسائية" للقاصة والأديبة التونسية آمنة الشعبوني والتي سبق ونشرتها باللغة الفرنسية قبل حوالي أربع سنوات، وهي تعيد إصدارها هذه الأيام باللغة العربية بعد أن قام بالترجمة المنصف الشابي في حوالي 94 صفحة عن دار المغاربية لطباعة وإشهار الكتب..
وامنة الشعبوني تتعمق جيدا من خلال هذه المجموعة في واقع معين للمرأة وفي جانب مهم من حياتها، بسكونها وبتغيراتها، تنظر إليها من زاوية عاطفية رومانسية وأخرى اجتماعية وثالثة سياسية واقتصادية وهذا دليل على عمق ثقافة الكاتبة، فهي تلك الكاتبة المتمرسة، تتربص الحركات والسكنات وتتابع بامتياز ما يجري في الواقع وعلى أرض الواقع، منطلقة من الواقع لتعود إلى نفس هذا الواقع...
تنطلق التجربة القصصية للأديبة آمنة الشعبوني من المعيش اليومي ومن الواقع الاجتماعي في أدق تفاصيله لتتبع مفرداته ونقلها من واقعها الواقعي إلى واقعها المتخيل، محاولة صياغة هذا الواقع أدبا مراعية في ذلك البناء الفني الذي يستوعب هذا الواقع والتيمات التي تعالجها والرؤية إلى العالم الذي تنشده.. ومن خلال قراءتنا للمجموعة القصصية"وجدانيات نسائية"نلاحظ بأن القاصة لم تقف موقف الحياد من واقعها المتردي، ويظهر ذلك من خلال رصدها لهذا الواقع القاتم الذي نقلته إلى فضاء المجموعة القصصية بفنية وجمالية ميزته عن خطابات أخرى غاية في الرومانسية بأن أضفت عليها أدبية العمل الأدبي..
رومانسية العنوان وشعرية الغلاف
يعتبر العنوان إحدى العتبات الأساسية التي تساعد المتلقي للولوج إلى عمق النصوص باعتباره نصا موازيا لمحتوى النصوص القصصية، فالعنوان هو الذي يساعدنا على القبض على دلالات القصص للمجموعة القصصية، فالمقطع الصوتي "وجدانيات" مقطع هامس بالعاطفة وصائت في نفس الوقت، وسميائية العنوان توازي سميائية اللوحة التي اعتمدتها القاصة والتي تكشف طبيعة المسرح الذي ستجرى فيه أحداث هذه الوجدانيات، وهي العلاقات الاجتماعية التي تعج بزحمتها وتطاول في بنيانها، ولا يمكن للإنسان التغلغل فيها دون لبس القناع من أجل التعرف عليها عن قرب وكشف خباياها المضمرة والمستورة..
والقاصة لا تريد الكشف عن وجه السارد بل تريد ارتداء القناع من أجل التمعن جيدا في سحنات الشخصيات التي تؤثث فضاء قصصها، تريد كشف حقيقتها والتعبير عما يروج في ذهنها من خبث ومكر اجتماعي، معتمدة في ذلك على تقنية التبئير وزاوية الرؤية من الخلف، من أجل التغلغل عميقا في نفسية شخصياتها، كما أنها تتبع شخصياتها تراقب تحركاتها وتحصي أنفاسها، محاولة التعمق في ما يدور في خلدها، كاشفة الغطاء عن مجموعة من السلوكيات الخاطئة التي تسربت إلى مجتمعاتنا، سلوكيات ينبغي تصحيحها بل القضاء عليها..
شعرية العلاقات الاجتماعية
وتطرح علينا هذه المجموعة القصصية علاقة الإبداع القصصي بالمجتمع، وما هي التغيرات التي تعكسها القصة باعتبارها الجنس الوحيد الذي يعبر عن قضايا اجتماعية معقدة بأقل الكلمات وبأوضح التعابير، مخلفة أثرا فنيا وجماليا في نفسية المتلقي، كما أن القصة عندما تنقل الواقع فإنها لا تنقله مباشرة وإنما تعيد تشكيله برؤية أخرى تجمع بين المتخيل الواقعي الممزوج بالمتخيل الفني والجمالي..
وأنت تقرأ هذه القصص تشعر وكأن الكاتبة تحمل على كتفيها آلة تصوير أوكاميرا فيديو تنقل فسيفساء الواقع بشكل حركي، تتابعه عن قرب لتأسيس بناء عميق الدلالة قائم على أسس صلبة، وهذه الحركية تظهر من خلال الحوار المتعدد الأصوات والنبرات الساخرة حينا المتأسفة حينا آخر المنهزمة طورا في القصص و في "وجدانيات" يعترض الحبر عما يريد القلم خطه على صفحة الكتاب، وكأن الحبر إنسان يحس بالظلم والطغيان وبالقسوة، إنه يرفض تزوير الواقع، لأن الواقع هو المنخل الذي ينخل الأحداث ويبين صحيحها من زائفها، إن الحبر يرفض هذه الرؤية التي تساهم في بلورة فكر ظلامي قائم على الظلم والقهر، والكاتبة تقصد من خلال هذه الوجدانيات رفض هذا النوع من الفكر الذي يقصي الآخر، فكر يحجر على الأفكار النيرة الآملة في المستقبل الجميل، الأفكار المتفائلة التي تفتح باب الحوار على مصراعيه..
والمجموعة القصصية "وجدانيات نسائية" من حيث الموضوع هي عبارة عن إعادة بناء للعلاقات، وكتابة واقع مرير عانت منه القاصة واختمر في ذهنها ثم نقلته أدبا، إن القاصة تؤرخ لفئة اجتماعية معينة دون سواها، وهي من خلال هذه المجموعة القصصية تعيد تشكيل الواقع انطلاقا من رؤية متناقضة ومتصارعة تساعد على تتبع فسيفساء الواقع في حركيته..
إن القارئ للمجموعة القصصية"وجدانيات نسائية" يشعر بأنها مشكلة من مجموعة من المنجزات القصصية التي تتنوع بين القصيرة والقصيرة جدا، فهي قصص تتصف بالاختصار الشكلي لكنها غنية من حيث المحتوى والبعد الدلالي، تشعر القارئ بومضة مضيئة وخاطفة، تستفزه وتثير فضوله بطريقتها الملغزة والمشاكسة، كما أن الزمن في المجموعة القصصية نشعر به وكأنه حاضر بيننا نلمسه لأنه يجمع بين فضائين، فضاء زمني وآخر مكاني، وبين الفضائين نجد نفسية القاصة التي تساهم في توحيد هذين الفضائين.. فالزمن بهذا المعنى أزمنة متعددة تتعدد بتعدد نفسيات الشخصيات التي تسرد قصصها، ومن خلال قراءتنا للمجموعة القصصية وتفكيك تمفصلاتها القريبة والبعيدة نشعر بأن القاصة تكشف عن هذه الشخصيات بل تتحدث بلسانها موجهة إياها في الاتجاه الذي تريد ووفق الرؤية إلى العالم التي تؤمن بها، معتمدة في ذلك على ضمير الغائب الذي يتيح لها حرية التصرف والتعبير بصراحة عما خبرته على مسرح الحياة..
التخفي
إن الساردة تتخفى وراء القناع من أجل تمرير خطاب أيديولوجي مشحون برؤية رومانسية نقدية جادة إلى العالم، من خلال هذه المجموعة القصصية التي تدخل في إطار التخييل الذاتي الذي يجمع بين السرد القصصي والسرد السيرذاتي، تريد من خلال هذه القصص تقديم العالم المتعفن بين أيدي القراء محاولة فضح هذه المساوئ وتقديم البديل عن هذا العالم المتأزم والمليء بالمتناقضات..
كما أن المجموعة القصصية بالرغم من لغتها البسيطة فإنها تدخل في إطار الأسلوب السهل الممتنع، لغة ذات حمولة عميقة فهي حمالة أوجه تغير أقنعتها كلما دعت الضرورة إلى ذلك مستفزة القارئ من أجل إثارة فضوله لمعرفة من يحمل هذا القناع.
صحيح إن "وجدانيات نسائية" تبدو بسيطة في ألفاظها لكنها عميقة في دلالتها، تضمر معاني متعددة تتعدد بتعدد القراءات، وكل قارئ يقرؤها في ضوء ما يحمله من حمولة فكرية وأيديولوجية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.