تركزت اهتمامات الترويكا الحاكمة ومن يدورفي ركابها من أحزاب وحركات، وكذلك معظم القوى السياسية خلال الفترة الماضية حول الشأن السياسي مهملة البعد الاقتصادي الذي تداعى بشكل كبير وبات ينذر بخطرلا يمكن التنبؤ بتطوراته وبما سيكون له من أثرسلبي على كافة الفئات الاجتماعية في قادم الأشهر. هذا الواقع الخطيرنلاحظ مظاهره في غلاء أسعارالمواد الاستهلاكية الأساسية من خضروغلال ولحوم على اختلاف أنواعها، وفي أسعار مواد التنظيف والأدوية والملابس الجاهزة وغيرها من أنواع المواد الأخرى التي لم يكن هناك ضابط في أسعارها ولا مراقب لها. والغريب في الأمرأن آليات المراقبة وفي مقدمتها وزارة التجارة وكل إدارتها الساهرة على متابعة السوق لم تعد تفعل في هذا الواقع ولم يعد لها ظهوريذكر حتى لتلك المتابعة اليومية لمسالك التوزيع الرسمية التي اختلط فيها الحابل بالنابل وما عاد للتجارالعاملين فيها من رقيب، حيث تراهم يحددون الأسعاركما طاب لهم، ويخفونها على الحرفاء، ولا يتولون أشهارها طبق ما يجري به العمل. وما زاد الطين بلة وألهب الأسعار تلك المظاهرالغريبة التي استشرت داخل السوق وخاصة لدى باعة الخضروالغلال بالتفصيل، فهؤلاء لم تعد أسواق الجملة مصدرا لتزودهم بهذه المواد طبقا للقانون، بل أصبحت الشاحنات القادمة مباشرة من المناطق الفلاحية تزودهم بأنواعها وذلك في واضحة النهارودون خوف من الممارسات المخالفة للقانون. وفي جانب آخرمن مظاهرالانفلات والفوضى التي استشرت في السوق وانعكست على سيرها وعلى الأسعارالمتداولة داخلها وخصوصا على المقدرة الشرائية للمواطن نلاحظ مزيدا من انتشار الأسواق الموازية لمادة الخضروالغلال، حيث لم تعد ساحة عمومية ولا شوارع وطرقات عامة تخلو من مظاهرالانتصاب الفوضوي لباعتها. ففي كل زاوية وحي انتصب الباعة وتولوا عرض سلعهم سواء من خلال عربات مجرورة أو شاحنات أو من خلال تكديس تلك المواد على الأرصفة. وما يلفت الانتباه في نشاط هؤلاء الباعة هواختلاف أسعارتلك المواد وتباينها وعدم معرفة مصدرها مما يجعل الأمورتلتبس حولها وخاصة حول سلامتها، وهوأمرخطير ولا يخلو من الضررالذي يمكن أن يحصل من وراء استهلاكها. كل هذا يحصل في كل ناحية من البلاد، ولعل الغريب أيضا أنه لا يمكن الحديث عن قلة الإنتاج، بل إن هذا الجانب متوفر وبالقدر الكافي، ولكن مقابل ذلك تلتهب الأسعار وتزيد في الارتفاع وتغيب مجالات المراقبة بكل أنواعها. ولا أحد يتحدث عن هذه المظاهرالغريبة والتحولات العجيبة التي تشهدها السوق، فإلى متى تغمض الحكومة عينها عن هذا الجانب الخطيرالذي تفجر بشكل ما انفك يحتد ويهدد مجمل الفئات الاجتماعية في قوتهم اليومي؟