رافقت عدة اعتذارات النقاشات المتعلقة بتشكيل الحكومة المزمع تكوينها بقيادة رئيس الحكومة المؤقت الجديد علي العريض . و تؤشر هذه الاعتذارات على إمكانية تاخير الإعلان عن التركيبة النهائية للحكومة رغم إقرار بعض من في السلطة على ان اليوم هو اليوم المقرّر لحسم المسالة التي طال انتظارها نحو 8 اشهر. فقد اعرب كل من الحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي والجبهة الشعبية عن انشغالهما بما يمكن ان تفرز التركيبة الجديدة من إمكانية إعادة انتاج للفشل الذي رافق حكومة الجبالي بعد ان سيطرت المحاصصة الحزبية على كل ردهات النقاش والدخول في دائرة ومنطق الربح والخسارة. وفي الوقت الذي اكدت فيه احزاب على ان استمرارية الحكم المحاصصاتي قد يدخل البلاد في منعرج خطيرخيرت احزاب اخرى وشخصيات الالتحاق بحكومة العريّض على ارضية "الفتات" في تاكيد صارخ على هشاشة تلك الاحزاب التي لاامتداد لها الا في اذهان اصحابها ولتؤكد التجربة على انتهازية بعضها واستغلالها لحالة الوهن الذي تعيشه حركة النهضة التي تاكد بما لا يرتقي اليه الشك انها باتت معزولة عن بقية مكونات المشهد. واذ يدرك عدد من الناشطين بالحزب الحاكم ان الملتحقين لا يمكن ان يكونوا قوة ضاربة في الشارع التونسي وان العلاقة القائمة بين الحركة وبين الملتحقين ما هي الا علاقة براغماتية تقوم اساسا على تقوية حظوظ التصويت لتمرير جملة من القوانين والمشاريع التي من شانها ان تخدم طرفا دون آخر. وتدرك احزاب الحكومة –باستثناء النهضة- انه لا يمكن ان تعيش وتنتعش الا في ظل ازمة . وبعملية حسابية بسيطة ادركت الحركة انه لا بد من المحافظة على ذات التوازنات المتعلقة بالتصويت على مشاريع القوانين والنصوص الترتيبية وفصول الدستور والحسم النهائي فيه لتجنب الذهاب الى الاستفتاء في حال لم يتم التصويت عليه بثلثي الاصوات اي بنحو144 صوتا لذا من المهم ان تكون الحركة محاطة باكبر قدر من الاصوات الى جانب كتلتها النيابية التي تملك 89 صوتا. وبذلك يمكن القول ان التحاق بعض الاطراف الجديدة بالحكومة كان على ارضية ومنطق الربح والخسارة بالنسبة للحركة التي تتعامل مع بقية مكونات المجلس على مستويين اثني: ففي المستوى الاول المتعلق بالمستوى الانتخابي تسعى الحركة الى ايجاد تقارب مع المكونات المستقلة بالمجلس لضمان اصواتهم الضائعة وعدم التحاقها بالمعارضة. اما المستوى الثاني فهو المتعلق بالمستوى السياسي ومحاولة استمالة كتلة الديمقراطية سواء كان عن طريق التحالف الديمقراطي او عن طريق الحزب الجمهوري وهي محاولة تضمن من خلالها الاكثرية النيابية تشتيت المعارضة في حال التحاق احد الطرفين بالحكومة وهو ما فهمته قيادات الحزبين اللذين اكدا على عدم التحاقهما بحكومة العريّض. ومن الواضح ان التغييرات الحاصلة على مستوى الكتل النيابية قد اثرت في الحزب الحاكم اكثر حتى من الاحزاب التي شهدت انقساما داخلها على غرار شريكي الحكم حزبي المؤتمر والتكتل اللذين عرفا تراجعا في كتلهما النيابية من 49 نائبا الى 28.