أمام تعدد حوادث غرق مراكب الصيد في فترات متقاربة وتقديمها مزيد الضحايا من البحارة الذين أبحروا بحثا عن لقمة العيش فكان مآلهم الموت غرقا، تطرح عديد التساؤلات حول تكررهذه المآسي في ظرف زمني قدرته بعض الأطراف بالشهر ونيف شهدت خلالهالأسرةالبحرية غرق ثلاثة مراكب وخسائر بالغة في الأرواح وهو ما لم يسجل سابقا باعتبار تقارب المدة الزمنية. وإن تبقى حوادث الغرق القاتلة أكثر ارتفاعا على مستوى الإحصائيات من حوادث الطرقات.فهل من تفسير لهذا التواتر الغريب؟ وكيف يمكن وقف نزيف تداعياته؟ الهاشمي الميساوي مدير عام الصيد البحري بوزارة الفلاحة أبدى بدوره حيرة بشأن تواتر الحوادث وتداخلت في أجوبته أحاسيس الألم لفظاعة فواجع الغرق والاستغراب المبهم من تعددها. واعتبر أنه من الصعب تقديم فرضيات دقيقة في الأسباب لكنه رجح معطى ثابتا وهو رداءة أحوال الطقس التي وصفها بالإستثنائية هذه الفترة وإن شدد كذلك على ضرورة توخي الصرامة في مراقبة شهادة الفحص الفني للمركب والتأكد من جاهزيته للإبحار لضمان سلامة "الخرجة" وبالتالي سلامة البحارةمع ضرورة توفر وسائل النجدة من سترة النجاة وغيرها من الوسائل على متن المركب. وأشار الميساوي أن المجازفة بالإبحار في حالات الطقس الرديء وقوة الرياح رغم تحذيرات النشرات الجوية البحرية التي تصدر بمعدل أربع ساعات تشكل عاملا مباشرا يفسر هذه الحوادث. وبالعودة إلى مسألة الفحص الفني وعلاقتها بحالة المراكب أورد الميساوي أن مراقبة هذه الوثيقة تعد من الإجراءات العادية حيث أنه لا يتم السماح للمركب بالخروج من الميناء إلا بعد أن يتحصل على شهادة فحص فني تسند من البحرية التجارية التابعة لوزارة النقل و يقوم الحرس البحري بمراقبتها.ومع ذلك دعا إلى تشديد المراقبة ترسيخا لمقومات السلامة. واعلن أنه سيتم التعامل مع إتحاد الفلاحين في اتجاه تكثيف الإعلام حول وجوب تفادي المجازفة بالإبحارعندما تكون حالة الطقس رديئة. يذكر أن شهري مارس وأفريل يتميزان عادة بظهور الرياح القوية وهو ما يستوجب الحذر بالنسبة للبحارة حفاظا على سلامتهم. مطالبة بإحداث كتابة دولة للصيد البحري من جانب اتحاد الفلاحين تم تغليب فرضية الأحوال الجوية وكذلك حالة المراكب المتقادمة والمتهالكة في التسبب في الحوادث حسب تصريح رئيس المنظمة أحمد جارالله الذي أكد على وجوب فرض تطبيق القوانين بكل صرامة في منع إبحارالمراكب عندما يكون البحر شديد الإضطراب،مع التحري الجيد من بطاقات الفحص الفني وذلك ضمانا لسلامة البحارة. ودعا إلى ضرورة التعجيل بالنجدة عند حدوث أي مكروه منتقدا تأخر وصولها في عديد الأحيان . ونظرا لتشابك وتعدد مشاكل القطاع طالب جارالله بإعادة إحياء كتابة الدولة للصيد البحري الذي يعد في حاجة ماسة لهيكل إداري يتفاعل مع مشاغل المهنة والقطاع عامة خاصة وأن المشاكل والمشاغل كثرت ولم يعد أي ميناء في منأى عنها. واقترح تنظيم حوار وطني شامل يطرح مختلف الملفات بما في ذلك السلامة المهنية على متن المراكب لكنه ألح عل ضرورة ان يكون بناء وعمليا ولا أن يتحول إلى مجرد جلسة تتوج بتوصيات تقبر في مهدها. نسبة وفيات مرتفعة مصدر عليم باتحاد الفلاحين أورد من جهته ان نسبة الوفيات في قطاع الصيد البحري تعد 18مرة أرفع من معدل نسبة الوفيات في القطاعات الأخرى. وأشار إلى انه مقارنة بسائقي الشاحنات على الطرقات تبقى نسبة حوادث الغرق القاتلة في الصيد البحري أرفع 8 مرات من حوادث الطرقات القاتلة. واستند في هذه الإحصائيات إلى دراسة قامت بها البحرية التجارية على حد قوله. وعن الأسباب التي تشكل مصدر ا لحوادث الغرق جاء رأي الخبير الفني بالإتحاد متطابقا مع المصادر السابقة معتبرا الطقس السبب الرئيسي في هذه الفواجع لكنه لم يقلل من أهمية عوامل أخرى منها أساسا حالة مراكب الصيد التي قد تكون مفتقدة للصيانة. كما لم يستبعد الأخطاء البشرية. وأكد على وجوب توفر وسائل النجدة ومنها ستريات الإنقاذ وشدد على التحري من توفرها قبل الإبحار.كما دعا إلى تنظيم حملات التحسيس بالمواني والعود إلى تنظيم العمليات البيضاء لتفسير كيفية التصرف عند وقوع حادث. وألّح على ضرورة عودة الحوار المتغثر بين الوزارة والهياكل المهنية وعقد حوار وطني حول قطاع الصيد البحري في أقرب الآجال. وقبل أن يختم حديثه مع "الصباح" استغرب ذات المصدر تواصل حرمان بحارة الشمال الغربي من المعلومة الجوية بسبب استمرار تعطب جهاز الفاكس بمحطة طبرقة التي تصدر منها النشرات الجوية. كما اسنكر تواصل تعطب العلامات الضويئة بمدخل الموانئ ودعا إلى تدارك هذه الهنات باعتبار أهميتها في تعزيز عوامل السلامة . فاجعة جديدة يذكر أن يوم أمس شهد حادثة غرق جديدة وهي الثالثة وذلك بسواحل المهدية اذ تفيد المعطيات التي حصلنا عليها ظهر أمس بأنه تم انتشال جثة أحد البحارة وتم العثور على بحار في حالة خطيرة وتم انقاذ خمسة بحارة كانوا على متن مركب "المشموم". وكان مركب أول غرق بسواحل قرقنة شهد فقدان 13بحارا تم إلى غاية أمس انتشال سبع جثث ومايزال البحث متواصلا على البقية.