بقلم: جعفرحسين - الصمت السلبي: تعبيريلجأ إليه بعض الضحايا لشعورهم بالخوف والرعب الناتج عن فقدان الأمان وعدم الثقة بالنفس، والضعف وعدم القدرة على البوح والشكوى، وغياب الاستعداد النفسي لمواجهة النتائج المترتبة عن الشكوى والبوح، وهناك من يلجأ للصمت السلبي لتحقيق مصالح خاصة. المجتمع العربي بشكل عام مجتمع قائم على العادات والتقاليد الاجتماعية الموروثة، مجتمع يؤمن بالقبلية، والعائلة الكبيرة، وبمكانة الشيخ أوالرئيس أوكبيرالعائلة ودورالوالد، وأن الشيخ أبخص وأعرف، وعلى الصغيراحترام الكبير، وعدم الكلام والنقاش والانتقاد والمطالبة في حضورالكبير. مجتمع تسيطرعليه العقلية الذكورية؛ كما أن أفراد المجتمع من الجنسين يتميّزون بالتواضع والبساطة إلى درجة السذاجة والثقة في الآخرين، وحب الاستقرار والهدوء، والكرم، كما تنتشرفي أوساط المجتمع حالة المجاملة في التعامل وعدم الصراحة والشفافية، والازدواجية في الشخصية داخل المنزل وخارجه، وداخل الوطن وخارجه. إن الصمت السلبي القاتل، يعتبرأحد أسباب تخلف أي مجتمع علميا وفكريا واقتصاديا، وعدم بناء دولة قويّة قائمة على أصول ديمقراطية مؤسساتية؛ وما الفساد الإداري والفقر، والتشدّد الديني والفكري والعصبية والمذهبية والقبلية، وضياع الحقوق، وشيوع حالات السرقات والاعتداءات والاغتصاب، وعدم احترام القوانين، وزيادة معدلات الانتحار .. إلا نتائج لهذا الصمت الاجتماعي القاتل. الصمت السلبي مرض خطيرعلى الفرد والمجتمع والأمة، يحتاج إلى الكثيرمن الجهد والعمل للقضاء عليه... والعلاج مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمواطنين، يبدأ أولا بمعالجة الأسباب المذكورة سابقا (أسباب الصّمت) التي أسهمت في نشوء ثقافة الصّمت السلبي؛ انطلاقا من المنزل والمجتمع والمدرسة بكسرحاجز الخوف والرهبة، وتنميّة روح الثقة والمطالبة والمشاركة والصراحة والشفافية والمبادرة، وتعميم حالة المساواة والعدالة والأمان، والتعدّدية المذهبية والفكرية، والتعامل مع المواطن بناءً على المواطنة لا المناطقية والقبلية والمذهبية، والوعي بالحقوق الوطنية، وتقنين عادات العيب غيرالصحيحة والسليمة، وتحطيم روح الاستسلام والانهزام والسّكوت عن الظلم، وتفعيل ممارسة الديمقراطية الحقيقية من خلال مؤسّسات المجتمع المدني، ومنها لجان حقوق الإنسان الأهلية، وتطبيق العمليات الانتخابية، والحرّيات الإعلامية، والمحاسبة من خلال مجلس نوّاب حقيقي له صلاحيات واسعة. في النهاية... هل أن بلادنا فيها هذا الصّمت؟ هل يجتمع الصّمت مع الكلام الذي أصبح مجانا بمقابل وبدون مقابل أيضا؟ من هوالمستفيد من الصّمت والكلام في نفس الوقت؟ إنها جميع الخطابات المزدوجة واستتبعاتها من اغتنام لهذا الوضع المختل والمضطرب ما يحتاج إلى المراجعة والتعديل حتىّ نبني مجتمع يعيش فيه الجميع.