تواصلت اجتماعات الحوار الوطني للأحزاب بدار الضيافة للنظر في امكانية التوافق بشان النظام السياسي خاصة بعد ان تراءت توافقات عديدة بخصوص القانون الانتخابي. وتتجه مواقف غالبية الاحزاب نحو نظام برلماني معدل ينتخب فيه رئيس الدولة مباشرة من الشعب ويتمتع بصلاحيات حكم حقيقية فيما تنفرد حركة النهضة باصرارها على اعتماد النظام البرلماني الذي يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة و»يضمن التوازن والنجاعة والاستقرار وعدم استفراد أي طرف بالحكم ولا يعطل دواليب الدولة ولا يتغول فيه لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة» وفقا لقول الصحبي عتيق في احدى الجلسات. لكن يبقى التساؤل حول سبب تمسك حزب حركة النهضة بموقفها؟ وماهي مؤخذات المعارضة بشأن رغبة الحزب الذي يمتلك غالبية المقاعد في التأسيسي بالنظام البرلماني؟ في مقارنة بين النظامين (البرلماني والبرلماني المعدّل) فإن المسألة الخلافية وهي سبب الخلاف القائم بين النهضة من جهة وباقي الاحزاب تتمثل في توزيع الصلاحيات بين رئيسي الحكومة والجمهورية. يقول أحمد المشرقي النائب عن حركة النهضة: «في البداية لا بدّ من التوضيح اننا بصدد صياغة دستور للأجيال القادمة وليس على مقاس النهضة او غيرها من الأحزاب بل هو دستور يراعي ضروريات تؤثر في تأسيس دولة ديمقراطية مدنية ولا علم لنا بمن سيفوز في الانتخابات القادمة. كما ان اختيارنا للنظام البرلماني هو لاعتقادنا انه افضل نظام لتونس ما بعد الثورة، قادر على ضمان ديمقراطية الدولة ومدنيتها ويقيها من الاستبداد، فكلنا يعرف ما آلت اليه الأنظمة الرئاسية إذ أفضت أغلبها الى دكتاتوريات أطاحت ببعضها الثورات». صلاحيات.. ويتابع النائب المشرقي قائلا: «لا يمكن لنا ضمان التشاركية السياسية إلا عن طريق النظام البرلماني الذي يكون فيه الشعب هو الرقيب على تصرفات الحكومة وقراراتها وليس عبر نظام رئاسي تتمركز في يده كل الصلاحيات على نحو تجعل منه ديكتاتورا. عموما يبقى في نظرنا النظام البرلماني هو الأفضل لضمان التوازن والفاعلية السياسية والتشاركية والرقابة مع الإبقاء على صلاحيات لرئيس الجمهورية ولرمزيته الجامعة لكل التونسيين بمختلف توجهاتهم وإيديولوجياتهم». «مناورة» في المقابل يرى محمود البارودي نائب عن التحالف الديمقراطي ان تمسك النهضة بموقفها بشان النظام البرلماني سياسة وصفها ب»حافة الهاوية» تنتهجها الحركة لتقود الساحة السياسية في البلاد الى الاستفتاء وهو بمثابة «الهاوية»، حيث يقول: «تتمسك النهضة بموقفها الى هذا الحدّ مناورة من أجل كسب نقاط تتعلق بالقانون الانتخابي، ففي حديثها عن اهمية هذا النظام اشارة الى رغبتها في عدم اقتسام الصلاحيات مع اي طرف على اعتبار ظنها بالفوز في الانتخابات القادمة باغلبية نيابية مريحة. ستكون المعركة الثانية للنهضة بعد النظام السياسي القانون الانتخابي لذلك تسعى جاهدة الى التفرد بموقفها حتى تنال نقاطا في كل جولة من معاركها، وفي حال خسرت معركتيها الاثنتين فانها ستدفع نحو الاستفتاء وهي ورقتها الاخيرة».. استفتاء.. في عدم التوصل الى توافق بين الفرقاء السياسيين فان التوجه نحو الاستفتاء يبقى مطروحا بشدة وهو ما اكده عمر الشتوي رئيس لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما في المجلس التأسيسي «في حال استمرار عدم التوافق حول هذه المسألة (...) سيتمّ تنظيم استفتاء وهو ما يعدّ فشلا سياسيا وخيبة أمل للشعب في القيادات المنتخبة».. وللحيلولة دون الوصول الى المحطة الاخيرة من اللعبة السياسية سيكون على جميع الاحزاب تحمل مسؤولياتهم لإنقاذ البلاد من أزمات سياسية قد تعصف بها، أضف إليها مشاكلها الاجتماعية ومتاعبها الاقتصادية...