تمرّ بلادنا اليوم بامتحان قاس.. تونس تواجه الإرهاب مواجهة مباشرة، والحرب اليوم معلنة بعد أن كانت مجرّد مناوشات.. فقد تحصّنت مجموعات إرهابية منذ أيام بجبل الشعانبي بولاية القصرين وسط البلاد وزرعت الأرض بالألغام، منها ألغام انفجرت وخلفت ضحايا في صفوف قوات الأمن والجيش الوطنيين، ولئن تتصدّى القوات التونسية لهذه العصابات المسلحة ببسالة فإن المعركة معركة الكل. بلادنا في خطر والرّغبة في نسف نمط مجتمعنا السلمي أكثر من واضحة.. الرغبة أكثر من واضحة في غرس الرعب في قلوب التونسيين للتهيئة لمحاولة تنفيذ مشاريع إرهابية تقوم على أنقاض الدولة المدنيّة وتنسف مكاسب المجتمع التونسي وعلى رأسها مكسب الحداثة.. ربما لن يفيدنا في شيء توجيه اللوم إلى الدولة التونسية وأن نسألها مثلا أين كانت لما زرعت الألغام وأين كانت الدولة بأجهزتها وباستخباراتها وبقوتها لما كانت العصابات الإرهابية تتسلل إلى أراضينا؟ لن يفيدنا في شيء كذلك أن نسأل ساسة البلاد من أين دخلت الأسلحة ومن أين جاء الإرهابيون وأين تدربوا ومن منحهم الدعم العسكري واللّوجستي؟ لن يفيدنا في شيء أن نسأل ساستنا الجدد أين الوعود الانتخابية وأين تعهداتكم بحفظ أمن البلاد وبتحقيق استحقاقات الثورة؟ لن يفيدنا في شيء أن نسأل عن أمن الحدود التونسية وعن تربتنا التي أصبحت ترعى المتطرفين وعن مطاراتنا الدولية المفتوحة لدعاة الفتنة باسم الدين يستقبلون بالأحضان وجبالنا وحدودنا وجنودنا يهددها الإرهابيون؟ لن يفيدنا في شيء ان نسأل قادة البلاد عن حركة السلاح في البلاد وعن جيئة وذهاب الإرهابيين والمتطرفين لأنه ليس من المعقول أن يكونوا قد خرجوا فجأة وبدون سابق إعداد؟ هذه الأسئلة وغيرها نضعها بين قوسين لأن همّ التونسيين اليوم هو أمن بلادنا وحرمة أراضينا. ولعلنا نستحضر في هذا السياق ما يتكرّر على جميع الألسن تقريبا ومنذ ظهور البوادر الأولى للصراعات السياسية والإيديولوجية في البلاد من عبارات كبيرة على غرار المصلحة الوطنيّة والوحدة الوطنيّة والوفاق الوطني وغيرها من المصطلحات التي تعبر عن حسن نية مستعمليها ومدى تشيّعهم ظاهريا على الأقل للوطن، ولا شيء غير الوطن. نستحضر ذلك ونقول ماذا إن كانت قد حلت اللحظة لامتحان الجميع حول هذه المفاهيم وماذا إن دقت الساعة فعلا لترجمتها إلى الواقع. ماذا إن دقت الساعة لاختبار إن كان الجميع من نخب سياسية حاكمة وخارج الحكم ومن منظمات وطنيّة ومختلف نشطاء المجتمع المدني يقصدون ما يقولون، وأن الأمر ليس مجرّد شعارات وكلام مناسبات. قلتم إذن إنكم تغلّبون مصلحة تونس.. ومستقبل تونس.. وأمن تونس..!؟