مثلت العديد من المناطق الريفية بولاية الكاف منذ عقود قبلة يحج لها العديد من مالكي المواشي والدواب «الرعاة الرحل» او «الغرابة» كما يتفق على تسميتهم اهالي الكاف وهم القادمون عادة من ولايات الجنوب والوسط مع بداية فصل الربيع بمواشيهم طلبا للمرعى والكلإ على امتداد فصلي الربيع والصيف ليغادروا الجهة مع بداية موسم الحرث والبذر ولئن تقلص عدد القادمين منهم خلال السنوات الاخيرة لاسباب عدة لعلها الظروف الأمنية غير المستقرة منذ 14 جانفي وتعدد عمليات السرقة للمواشي والبراكاجات حتى في وضح النهار التي استهدفت بعض مالكي المواشي فان البعض بقي وفيّا لعادة الترحال حيث لاحظنا خلال هذه الايام قدوم البعض الذين آثروا الانتصاب بعدة مناطق معروفة بخصوبة أراضيها وتوفر المرعى والماء لمواشيهم اضطرارا وليس اختيارا.. و»الصباح الأسبوعي» التقت البعض من هؤلاء وأغلبهم أصيلو ولاية القصرين فكان ما يلي حيث يقول محدثنا وهو شيخ في عقده السابع «محمد البولعابي» انه قدم من معتمدية جدليان مع بداية شهر افريل الماضي وباعتبار ان الموسم الفلاحي بولاية القصرين تضرر كثيرا من انحباس الامطار ورغم انه قام بحرث وبذر العشرات من الهكتارات حبوبا واعلافا الا انها بعد فترة قصيرة من نموها ماتت بسبب الجفاف والجليدة فاستغلها كمراعي لمواشيه وبعد ان أتى عليها جميعا لم يجد من خيار سوى القدوم لمنطقة سيدي مطير بمعتمدية تاجروين من ولاية الكاف التي اعتاد القدوم اليها عند الحاجة مؤكدا ان الموسم لم يكن طيبا بولاية الكاف من ناحية انتاج المرعى لكنه افضل حال من ولاية القصرين وحين سألناه من قدم معه واين يقطن حاليا فأجاب انه قدم رفقة زوجته التي تحضر عادة طعامه وطعام ابنه الذي رافقه في الرحلة في حين بقي بقية الافراد بجدليان وفيهم من يزاول دراسته الثانوية والجامعية والبنت الكبرى هي المسؤولة هناك والخير في الهاتف الجوال الذي يضمن تواصل افراد العائلة وهو يقيم حاليا بمنزل فخم على ملك والد صاحب الارض المتوفى الذي وجده شاغرا وقد سلمه كذلك مفاتيح المستودع والاسطبل والمخزن المعد لحفظ الاعلاف وهو يستغرب من عدم استغلال البئر المحاذي للمنزل والذي به ماء عذب ومجهز بمحرك في الزراعات السقوية وقالها بصحيح العبارة: العديد من اهالي الكاف موش خدامة في الفلاحة؟؟؟ وبمنطقة بوليفة بمعتمدية الكافالغربية يوجد حاليا مالك لمواشي تجاوز تعدادها المائتين فذكر ان اسمه خليفة الدعاسي اصيل معتمدية العيون وهو متسوغ لحوالي 65 هكتارا من المرعى بمنطقة بوليفة و50 هكتارا من المرعى بجهة عبيدة. مجابهة الشهور العجاف وقد قدم رفقة عائلته المتكونة من ثلاثة شبان في مقتبل العمر واربع بنات على ابواب الزواج مضيفا انه يعرف جهة الكاف جيدا ومواظب على القدوم اليها كل سنة والمتصرف في الارض اصيل جهته رغم اقامته الدائمة بولاية الكاف ويشاركه احيانا في تجارة المواشي ولهذا عند توفر الاراضي الصالحة للمرعى يتصل به ويقوم بشحن مواشيه والقدوم للكاف ليقضي فيها فصلي الربيع والصيف ونصف فصل الخريف ومع اقتراب فصل الشتاء يعود إلى مسقط رأسه بمواشيه بعد ان يكون امن لهم الاعلاف لمجابهة الشهور العجاف والجفاف وصعوبة العوامل الطبيعية وغياب المساحات الرعوية بولاية القصرين.