تتركز اهتمامات الحكومة وخاصة وزارتي الشؤون الاجتماعية والصناعة خلال هذه الأيام حول دفع الحوار مع الأطراف الاجتماعية بكافة مدن الحوض المنجمي من ولاية قفصة بعد أن تعطل إنتاج مادة الفسفاط ونقلها إلى المناطق الصناعية بكل من مدينتي صفاقسوقابس. وتشير التقارير بخصوص ما يجري بشركة قفصة لاستخراج الفسفاط أن إنتاج هذه المادة قد تراجع بشكل ملفت للانتباه خلال السنتين الأخيرتين مما أدى إلى خسائر فادحة بلغت آلاف المليارات، وذلك نتيجة ما حصل من إضرابات متتالية وشل كامل لعملية الإنتاج التي كانت لها انعكاسات سلبية على كافة مكونات مركب تحويل الفسفاط بأكبر مدن الجنوب التونسي. هذا الواقع الذي تردت فيه شركة الفسفاط بات يهدد أحد أبرز المقومات الصناعية لتونس، وقد كانت له انعكاسات سلبية على النسيج الاجتماعي بمدن الحوض المنجمي قاطبة وذلك نتيجة تعطل الحوار وصعوبة إدارته وأخذه مأخذ الجد والتزام الحكومة بتعهداتها تجاه ما اتفق عليه من إجراءات لتجاوز الخلافات والاستجابة للمطالب التي رفعها عمال وسكان مدن الحوض المنجمي. اليوم تطلق الحكومة صيحة فزع بخوص تردي الوضع في الحوض المنجمي وتراجع الإنتاج، وما يمكن أن ينتج عنه من مخاطر تهدد كافة حلقة إنتاج وتحويل هذه المادة، كما أن أطرافا بوزارة الصناعة أشارت إلى خطر هذا الوضع وانعكاساته المرتقبة على أكثر من 40 ألف عامل في هذا القطاع، خاصة بعد تراجع احتياطي الفسفاط بكل من قابسوصفاقس الذي لم يعد تستجيب الكميات المخزنة منه للدورة الصناعية. هذا الواقع الذي تردى فيه قطاع إنتاج الفسفاط قد بلغ حدا لا يمكن السكوت عنه أو تجاهله، ونعتقد أن دفع الحوار مع الأطراف الاجتماعية بمدن الحوض هو السبيل الوحيد لعودة الحراك والإنتاج، خاصة أن الطرف النقابي لم يرفض التفاوض، بل يتمسك به ويدعو إليه شرط أن يكون جادا وبعيدا عن كل مظاهر التسويف والمماطلة. فهل تكون الحكومة جادة بخصوص هذا الموضوع، وهي التي خصته بمجلس وزاري خلال الأيام الأخيرة وحاولت عبر وزير الشؤون الاجتماعية مزيد تسليط الضوء حول المشاكل العالقة هناك؟ ذلك هو الأمل الذي تعلق عليه كل الأطراف آمالا لتجاوز المسائل الخلافية وتدعو إلى حوار جدي يقطع مع مظاهر غلق ملف البعد الاقتصادي والتنموي الذي غاب الحوار بشأنه وتعطلت كل محاولات تجاوز الأشكاليات القائمة بخصوصه.