هو قانون فاقد للشرعية ويتنافي والمعاهدات الدولية كما يتناقض مع ما جاء في توطئة مسودة الدستور، ومفهوم العدالة الانتقالية فضلا عن انه مخالف للمبادئ الدستورية. هذا ما اجمع عليه أمس ثلة من الخبراء في القانون الدستوري لدى مناقشتهم فحوى قانون تحصين الثورة المزمع عرضه على المجلس الوطني التأسيسي خلال اللقاء الصحفي الذي عقدته أمس حركة نداء تونس بحضور رئيسها الباجي قائد السبسي الذي خير الاستماع بدقة إلى مداخلات الخبراء دون أن يتدخل إلى جانب حضور عدد من قيادات الحركة علاوة على حضور احمد نجيب الشابي. اللقاء سلط الضوء على مدى قانونية هذا المشروع فقد استهل العميد الأزهر القروي الشابي اللقاء مشيرا إلى أن البلاد تعيش حرجا كبيرا من الناحية السياسية والاقتصادية ولاسيما الأمنية متسائلا:"هل من المنطق والمعقول أن يفكر إنسان أو مسؤول في إصدار قانون يدّعي تحصين الثورة والغاية منه القضاء على حقوق الإنسان." وقال:"عندما خرج هذا المشروع تبين لي أن هذا القانون يتعارض مع قاعدة قانونية متفق عليها دوليا تتعلق بشخصنة العقاب " ولاحظ أن قانون تحصين الثورة يرمي إلى إقصاء من باشروا وظائف في الدولة فضلا عن التجمعيين مشيرا إلى أن هؤلاء قد سبقت معاقبتهم. وأوضح الشابي أن المشرع اصدر في انتخابات 2011 مرسوما في 10 ماي 2011 تم بمقتضاه معاقبة هؤلاء بان صودرت أملاكهم كما حرموا من المشاركة في انتخابات 23 أكتوبر. واعتبر أن ما جاء في هذا المشروع فاقد للشرعية كما أن المشرع عليه قبل أن يصدر قوانين أن يراجع ما لديه من قوانين ومعاهدات دولية مصادق عليها مشيرا في السياق ذاته إلى أن قانون تحصين الثورة لم يحترم هذه القوانين تماما وخاصة المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما انه خالف العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي انخرطت فيه تونس معتبرا أنه قد ضرب بكل هذه الحقوق عرض الحائط واعتبرها معدومة. وخلص العميد الشابي إلى القول :"قانون تحصين الثورة هو قانون فاقد للشرعية ويتنافى والمعاهدات الدولية كما انه مشروع إقصائي له نوايا مبيتة ترمي إلى اقصاء الخصم السياسي حتى لا يتسنى له المشاركة في الانتخابات القادمة. وقد حكم عليهم بالفساد ومن هذا المنطلق اشر هذا القانون لحرمانهم من مباشرة حقوقهم المدنية والسياسية دون اللجوء إلى القضاء. وقال:"أرى أن المجلس التأسيسي قد سطا سطوا غريبا على القضاء فقد نصّب نفسه مكانه ثم أن محرري هذا المشروع لو تأملوا جيدا ما كتبوه في التوطئة لعرفوا أن ما كتبوه متناقض معه تماما" وأضاف أن ما يدل على أن القانون لم يحرر بالطريقة الفنية والفقهية هو ما ورد في الفصل 4 منه هو انه فتح باب الوشاية للناس على مصراعيه. فاقد للمشروعية من جهة أخرى ذكر أستاذ القانون الدستوري رافع بن عاشور أن قانون تحصين الثورة هو قانون فاقد لكل مشروعية غايته ظاهريا أخلاقي غير انه يبدو جليا وفقا لما أدلى به بن عاشور أن الهدف الحقيقي للمشروع بعيدا عن كل غاية أخلاقية إذ يرمي إلى تحصين فئة سياسية معينة أربكتها استطلاعات الرأي التي تؤكد تنامي شعبية الباجي قائد السبسي وحركة نداء تونس على حد قوله. وأضاف أن المجلس الوطني التأسيسي اتخذ لنفسه جزافا سلطة تشريعية غير مقيدة وغير قابلة للرقابة كما انه تغافل عن قانون العدالة الانتقالية وانحرف بالسلطة وانحصر اهتمامه في قانون تحصين الثورة. وأوضح بن عاشور أن مشروع القانون انتهك انتهاكا صارخا عددا من المبادئ العالمية للقوانين المتفق عليها دوليا واستحدث عقوبة الحرمان من خلال عدم مباشرة عدد من الحقوق السياسية وهو ما يعتبر خرقا سافرا لمبدإ قرينة البراءة. واعتبر أستاذ القانون الدستوري فرحات حرشاني أن القانون ليس بدعة تونسية إذ اعتمدته عديد الدول في أوروبا الشرقية بهدف حماية الثورة والديمقراطية غير أن الإشكالية تكمن في كيفية تفعيل هذه الحماية دون عقلية الانتقاء. وبين حرشاني أن ابرز القوانين التي تم إصدارها وفقا للتجارب المقارنة التي أصدرت قوانين مماثلة كانت بعد إصدار دستور وبعد إنشاء محكمة دستورية كما أن غالبية القوانين التي أصدرت وقع إلغاؤها من قبل المحكمة الدستورية. تجدر الإشارة إلى أن اللقاء شهد أيضا مداخلة الجامعية رجاء بن سلامة التي اعتبرت أن قانون تحصين الثورة يتنزل في إطار تحويل المنافسين الساسيين إلى أعداء داخليين معتبرة أن قانون العزل هو صناعة عربية اصيلة على حد قولها.واستشهدت في هذا الإطار ببعض التجارب على غرار قانون الغدر في مصر سنة 52 وقانون اجتثاث البعث في العراق معتبرة أن قانون تحصين الثورة هو قانون شعبوي.