اقتصادنا عليل.. ما في ذلك شك.. وضعنا المالي صعب والآفاق غير مبشرة.. الأسباب عديدة منها حتى السياسي والاجتماعي؛ لكن يمكن حصر هذه الأسباب في ثلاثة لا تختلف كثيرا في أحرفها وهي التهرب والتهريب والإرهاب فبالنسبة إلى الأول أي التهرّب الجبائي فإن خزينة الدولة تتكبّد بسببه سنوياً نحو 15 ألف مليون دينارمن الخسائر، وهو ما يمثل 50 بالمائة من جملة دخل الجباية التي تعتمد أساساً على المداخيل الديوانية والقيمة المضافة وعلى الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والشركات ورسوم التسجيل وغيرها.. التهرّب بطله عادة أصحاب الشركات الذين يعمدون إلى استغلال الثغرات الموجودة في القانون الجبائي لعدم القيام بواجب دفع الضريبة دون ارتكاب أي خطإ يوجب العقاب والمحاسبة. وهو ما يطرح تساؤلات حول التشريع الجبائي الموجود الذي يتسم ببنية جبائية ازدواجية ويتميز بالغموض والثغرات المساعدة على التلاعب بنصوصه، بالإضافة إلى الصلاحيات الاستثنائية التي يمنحها للإدارة الجبائية، وما يتعارض مع متطلبات الحوكمة الرشيدة التهريب.. آفة ثانية تنخرالاقتصاد وتعصف بالمؤسّسات والمصانع في ظل تجارة موازية وجدت الحدود مفتوحة.. وهوما يجعل من بين الاهداف العاجلة الحدّ من هذه الظّاهرة وتقنينها ولا نطالب بوقفها والقضاء عليها باعتبارذلك أمرا بعيد المنال بالنظرالى الوضع الاجتماعي وباعتباران التجارة الموازية موطن رزق مئات الآلاف من العائلات خاصة في ولايات الجنوب والغرب التونسي فالاقتصاد التونسي يخسرمن التهريب والتجارة الموازية أسبوعيا ما يقارب ال80 مليون دينار... هذا الى جانب التهريب العكسي (من تونس الى دول الجوار وخاصة ليبيا) والذي اثر بدوره بشكل كبير على الاقتصاد حيث تقدّر الخسائربالمليارات خاصّة عندما يتعلّق الأمر بتهريب المواد المدعّمة من الدّولة كالأدوية والحليب والسكّروالذي يتسبب كذلك في فقدان هذه المواد من السوق الدّاخلية وازدهار تجارة السّوق السّوداء. والمطلوب اليوم مقاومة الاحتكار والتهريب وتجريمهما في ظل غياب إطار تشريعي مشدّد يجرّم التهريب والاحتكار ولا يكتفي ببعض الخطايا البسيطة الآفة الثالثة هي الإرهاب التي فتكت بالاقتصاد وضربت السياحة وأبعدت الاستثمار والمستثمرين وكبّلت أيدي رجال الأعمال وقضت على صورة تونس المسالمة التي يحلو فيها العيش والعمل والاستثمار... آفات ثلاث وجب التعمّق فيها والبحث عن حلول عاجلة لها حتى تعود عجلة الاقتصاد لدورانها وحتى تعود بلادنا الى طبيعتها