رغم مساعي وزارة التجارة الأخيرة باتجاه الضغط على أسعار المواد الاستهلاكية، فإنها لم تفلح في التوصل إلى اتفاق مع منظومة الناشطين في قطاع اللحوم الحمراء قصد الضغط على الأسعار التي ما انفكت تتصاعد لتبلغ مستوى لم يسبق أن حصل في كافة جهات البلاد هذا الواقع الخاص بمنظومة اللحوم وما شابه من تعقيدات يمثل اليوم أحد أبرز وأثقل الملفات الموضوعة على مكتب وزير التجارة، خاصة بعدما فشلت كافة المحاولات والحوارات الرامية إلى إقناع القصابين وأصحاب المذابح في تعديل أسعار اللحوم. وبالعودة إلى فتح هذا الملف نلاحظ أولا أن تداعياته وأسباب المشاكل الناتجة عنه وخاصة منها غلاء الأسعار متنوعة ومتعددة وهي تعود في عمقها إلى ما يشهده قطيع الضأن والبقر على وجه الخصوص من استنزاف عبر مجالات التهريب والذبح العشوائي، إلى جانب مظاهر سيطرة بعض التجار والمربين على القطاع والتحكم غير السليم في تزويد السوق، علاوة على الانفلات من القوانين الرادعة ومراقبة مجالات الذبح. ففي المدن والقرى والأرياف غابت المراقبة والذبح داخل المسالخ العمومية، فاختلط الحابل بالنابل وأطلق العنان لكافة مظاهر التجاوزات ولم يعد هناك من ضابط للأسعار ولا لنوعية اللحوم المروجة في الأسواق وداخل محلات الجزارين، وغلفت كل هذه التجاوزات بغلاء الأعلاف وبالكفلة التي يتكبدها المربي، وهو باطل أريد به حق. ومن أبرز ما يلاحظ من تجاوزات في هذا الشأن هو ما يجري من عبث بالثروة الحيوانية على الطرقات داخل محلات " المشاوي" التي انتصبت في القرى والأرياف وفي ضواحي المدن الكبرى، حيث يعمد أصحاب هذه المحلات إلى ذبح الخرفان الصغيرة، على مرأى ومسمع من الجميع دون مراعاة الجوانب القانونية التي تحدد عمليات الذبح للخرفان التي يجب ألا يقل وزنها عن 30 كلغ والأغرب من كل هذا أنك تلاحظ جمع هذه الخرفان الصغيرة أمام تلك المحلات والتباهي بها قصد جلب الحرفاء دون خوف أو تخف عن عيون المراقبة التي قل أن تمر من كافة تلك الجهات أو تقوم بعمليات مراقبة لتلك المحلات، وهو ما أدى إلى تواصل نزيف القطيع وإطلاق العنان لأسعار اللحوم التي استقرت بنحو 20 دينارا للحوم الضأن و17 دينارا للحوم البقر إن جملة هذه الإشكاليات التي أحاطت بقطاع اللحوم وفرضت واقعا جديدا داخله لها تداعيات خطيرة على المواطن بخصوص مقدرته الشرائية، وهي ظاهرة ما انفكت تتعقد في ظل غياب المراقبة ورسم خطط للبحث لها عن حلول. وأمام هذا الواقع فإن الأمر يدعو إلى تضافر جهود وزارتي الفلاحة والتجار قصد إيجاد حلول وطنية مشتركة للضغط على أسعار اللحوم