اعتبر رئيس الحكومة علي العريض بعد إلغاء مؤتمر "أنصار الشريعة" الثالث بالقيروان وما جدّ من احداث في حي التضامن أن بعض قيادات "أنصار الشريعة" مورطون في اعمال ارهابية، ولهم علاقة بالارهاب.. والحديث عن مخيم لتدريب عناصر تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في جبل الشعانبي أعاد الى السطح مسألة تواصل العمل بقانون مكافحة الارهاب الصادر في 2003، والذي دعت منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية في اكثر من مناسبة الى تنقيحه وطالبت اخرى بإلغائه وابطال العمل به. فالى متى سيتواصل العمل بقانون مكافحة الارهاب؟ وهل يمكن تصنيف ما قام به انصار الشريعة على أنه جرائم ارهابية؟ وصفه وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية ب"الجائر واللادستوري"، واعتبره "قانونا لا يصلح ولا يصلح.." وأفاد عبد الحميد عبد الله مستشار وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية المكلف بحقوق الانسان ل"الصباح" أن اللجنة المشتركة بين وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية ووزارة الداخلية والدفاع والعدل والخارجية والمالية قد اعدت ورقة أولية للمشروع الجديد لمكافحة الارهاب سيتم عرض محاوره الكبرى أيام 30 و31 من الشهر الجاري على منظمات المجتمع المدني والفاعلين على قانون الارهاب للنقاش على اثرها سيتم جمع التوصيات وملاحظات وصياغة ورقة نهائية للمشروع الجديد لمكافحة الارهاب. ومن المنتظر ان يتم عرض المشروع الجديد لمكافحة جريمة الارهاب خلال شهر جويلية القادم على مجلس الوزراء ثم على المجلس الوطني التاسيسي للمصادقة عليه. وراى مستشار وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية أن التسريع في اصدار قانون جديد لمكافحة الارهاب امر ضروري.. فالبلاد في حاجة الى قانون يحمي مصالح البلاد دون اي خرق لحقوق الانسان والمواثيق الدولية. محاور النقاش.. بين عبد الحميد عبد الله أنه تم الاخذ بعين الاعتبار خلال نقاشات اللجنة لأغلب النقاط التي كانت محل حوار ولمختلف التوصيات التي تقدم بها المجتمع المدني في ما يخص قانون مكافحة الارهاب. كما اشار الى انه تم الاستئناس بخبراء اجانب ومحليين في ما يخص وضع الخطوط العريضة لمشروع القانون الجديد لمكافحة جريمة الارهاب. وستتقدم اللجنة بأربعة محاور رئيسية للنقاش وهي مفهوم الجريمة الإرهابية ومركزية المحاكم وإجراءات البحث والتحقيق الضامنة للمحاكمة العادلة ومعاملات التعاون الدولي المعني بإجراءات التسليم وبطاقات الجلب وغيرها.. تسريبات.. تقول بعض التسريبات ان مشروع القانون الجديد لمكافحة جريمة الارهاب تضمن مقترح ضبط فريق من المحامين دون غيرهم للمرافعة في قضايا الارهاب وهو مقترح اعتبره محامون مسّا من مقومات المحاكمة العادلة. لم ينف مستشار حقوق الانسان ما تم تسريبه وأوضح: "هي فكرة طرحت داخل اللجنة، تقول بتكوين هيئة المحامين لفريق مختص في قضايا الارهاب يسند لهم الترافع في مثل هذه القضايا لما تحمله من خصوصية.. وتبقى مقترح للنقاش والتداول..". القضايا الجارية.. أحيل المتهمون في أحداث بئر علي بن خليفة وأحداث السفارة الأمريكية أمام القضاء باعتماد قانون مكافحة الارهاب الصادر في 2003 ومن المنتظر ان يقع عرضهم أمام المحكمة بعد ان شارف التحقيق على النهاية كما يرجح ان يتم اعتماده بفصول جائرة للبت في القضيا واصدار الاحكام النهائية.. في هذا السياق ذكر عبد الحميد عبد الله أن القضاء غير ملزم بنص الاحالة ويمكن له تكييف الاحالة واعتماد فصول من المجلة الجنائية فالقاضي يتقيد بالافعال وليس بالاحالة. واعتبر ان للقاضي الدور الأساسي وله كامل "التكليف" في اعتماد قانون مكافحة الارهاب او غيره من القوانين. فهل يتوفر في القضايا المحالة باعتماد قانون مكافحة الارهاب اركان الجريمة الارهابية وفقا للقانون الدولي؟ جرائم الإرهاب.. يقول التوصيف الدولي لجرائم الارهاب بأنها "مشروع إجرامي، أو مجموعات لها مشروع اغتيالات وتفجيرات.. هدفها بث الرعب والخوف في المجتمع واجبار الدولة على تغيير سياستها أو تهدف للاطاحة بها.." أمنيا يصنف الارهاب الى 4 عمليات، فكل ما هو تفجير وتفخيخ يصنف على انه عملية ارهابية وكل ماهو قرصنة وتحويل لوجهة الطائرات أو البواخر يعدّ عملية ارهابية وكل ما هو اغتيال بالرصاص لوجه معروف سياسي او فني او ديبلوماسي أو حتى لاعب كرة يعدّ إرهابا وكل ما هو اختطاف واحتجاز رهائن هو عملية ارهابية.. من جانبه يوضح منذر الشارني كاتب عام الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب ان من مهام النيابة العمومية ان تثبت في الجرائم المحالة عليها، توفر اركان الجريمة الإرهابية وهي وجود مشروع جريمة تهدف لبث الرعب والخوف في المجتمع واجبار الدولة على تغيير سياساتها أو الإطاحة بها عن طريق اغتيالات أو تفجيرات.. واعتبر ان "أنصار الشريعة" تنظيم ينشط دون رخصة يخالف في ذلك قانون التنظم، غير أنه من حق كل مواطن التجمع ويتم التعامل معه في حدود قانون التجمعات. وذكر ان خطابهم احتوى على عدم اعتراف بالدولة.. هو كلام مرفوض في نظره يتم التعامل معه ايضا في نطاق المعايير الدولية. أما بالنسبة لاحداث السفارة الامريكية فبين الشارني ان اركان المشروع الارهابي لا تبدو واضحة في القضايا المرفوعة في حق المتهمين الذين تمت احالتهم على خلفية احداث الشغب المسجلة آنذاك. عن التصاريح التي ما انفكت تصدر عن عدد من الدعاة والأيمة والناطقين باسم عدد من التنظيمات غير القانونية قال الشارني ان التحريض فعل من افعال المشاركة يتزامن أو يسبق أو يلحق الجريمة ويمكن ان يكون جزءا من اجزاء جريمة الارهاب. تحفظات المجتمع المدني.. أبدت كل منظمات المجتمع المدني التي اتصلت بها "الصباح" (منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب والجمعية التونسية لالغاء قانون مكافحة الارهاب.) اعتراضها على قانون مكافحة الارهاب الصادر في 2003 واعتبرت انه قانون جائر لا انساني لا يضمن المحاكمة العادلة كما لا يحتوى على مفهوم واضح للارهاب يسمح بارتكاب العديد من التجاوزات التي تمس من الحق في التعبير والتظاهر والاحتجاج.. ولا يحترم حقوق الانسان.. تعريف فضفاض ورأت آمنة قلالي مديرة مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش في تونس ان للحكومة مسؤولية تقرير الغاء أو تغيير قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 2003 وبينت أن القانون يحمل تعريفا فضفاضا للارهاب كما ان التحريض على الارهاب غير واضح يمكن ان يتحول الى اتهام على اساس النوايا لا الأفعال. وأشار لطفي عزوز مدير مكتب منظمة العفو الدولية في تونس أن قانون الارهاب لا يحترم الضمانات الدستورية لحقوق الإنسان فهو يقدم مفهوما واسعا وفضفاضا احيل تحت طائلته العديد من المواطنين التونسيين مسألة إلغائها غير ممكنة نظرا إلى ان تونس ملتزمة بالجزء الثاني من قانون 2003 والذي يهمّ غسيل الاموال ولذلك راى عزوز أنه من المهم جدا العمل على تنقيح القانون او تعويضه بقانون جديد. إلغاء قانون 2003 في المقابل طالب ياسين البنزرتي رئيس الجمعية التونسية لالغاء قانون مكافحة الارهاب، التخلي عن قانون 2003 واعتماد القضاء على القوانين بالمجلة الجنائية والمجلة الجزائية في الاحالات التي تمس من الامن العام ومصلحة الدولة.. وما كان له صبغة دولية يقع التعامل معها على انها جرائم ضد الانسانية. وراى البنزرتي أن قانون مكافحة الارهاب هو قانون يحمي مصالح دول اجنبية لا يتلاءم مع الدستور ولا مع حقوق الانسان. وذكر ان على الحكومة ان تعطي الاولوية لقانون العدالة الانتقالية الذي تأخر كثيرا. ويجدر التذكير بأن مجموعة من الجمعيات الحقوقية من بينها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، قد قامت في سبتمبر 2011 باعداد مشروع قانون منقح لقانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003، وكان من المنتظر أن تصادق عليه حكومة الباجي قائد السبسي قبل انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011، غير أنّ هذا المشروع قُبِر ولم يتمّ اعتماده في نقاشات لجنة وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية.