تناقلت داخل الدوائر الضيقة للفعل السياسي " ان قانون تحصين الثورة لن يشمل الشخصيات الوطنية التي شاركت في حكومات ما بعد 14 جانفي". ووفقا لما نقلته بعض المصادر" فان قانون تحصين الثورة سيمر على الجلسة العامة مع اضافة صياغة تتضمن تلك الاشارة" مما سيؤكد ما اشارت اليه حركة النهضة في وقت سابق الى ان قانون تحصين الثورة لن يكون على مقاس اي شخص في إشارة الى رئيس الحكومة الاسبق الباجي قائد السبسي الذي روّج مناصروه في وقت سابق بان المعني بقانون التحصين هو رئيس نداء تونس. وعن الأسباب المباشرة لهذا الاستثناء اكدت ذات المصادر "ان كل ذلك يحصل تحت ضغط اطراف خارجية نافذة في تونس" وقد رفضت مصادرنا الكشف عن هذه الاطراف. وفي انتظار تاكيد الخبر بشكل رسمي او العكس فمن المتوقع ان يعيد هذا المعطى خلط الاوراق السياسية من جديد وقلب كل المعادلات خاصة تلك المتعلقة بالتحالفات. مواقف جديدة في واقع الامر وبغض النظر عن "واقعية المعطى" فقد سبق ان اشارت العديد من الاطراف الحزبية الى ضرورة التخلي عن قانون تحصين الثورة لعدم قانونيته حيث اعتبر امين عام حركة النهضة حمادي الجبالي " أن قانون تحصين الثورة يجب أن يتم عبر الآليات القضائية وحذف كل القوانين التي لها علاقة بالإقصاء خاصة وان الحركة مورس ضدها الإقصاء في العهد السابق " واكد اعضاء من المجلس التاسيسي انه لا يمكن المرور الى مرحلة ديمقراطية وتعددية ، وفي سياق متصل صرّح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي اول امس خلال استضافته في إذاعة شمس" ان النهضة تقترح المحافظة على قانون تحصين الثورة مع التضييق في العدد والعودة للحياة السياسية بعد الاعتذار للشعب التونسي." واوضح الغنوشي "ان هذا المقترح يمكّن السياسيين المعنيّين بقانون تحصين الثورة من الاعتذار بعد ان يقدم على نقد ذاته يتم إخراجه من مفعول هذا القانون، مشيرا إلى انه إن وجدت جرائم سينظر القضاء فيها." وكان رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس الوطني التأسيسي الصحبي عتيق قد بيّن في اذاعة اكسبراس اف ام " ان حزب نداء تونس غير معني بقانون التحصين السياسي للثورة. وتاتي المواقف المعدّلة من قبل حركة النهضة بعد الزيارات المتتالية لعدد من قيادات الحركة الى الولاياتالمتحدةالامريكية التي لا يستبعد ان تكون قد حثت النهضاويين الى ضرورة التخلي عن فكرة تحصين الثورة من نداء تونس. فقد دعا مثلا مركز "كارتر" الامريكي الذي يقوم بدور مراقب تجربة عملية الانتقال الديمقراطي في تونس في بيان له مؤخرا " الى مراجعة بعض فصول قانون تحصين الثورة وخاصة المتعلقة بالحقوق السياسية للمواطنين." وذكر مركز "كارتر" وفقا لما نقله موقع تونس الرقمية " ان الحق في الترشح والتنظم محمي من قبل القوانين الدولية، كما ان حق الشعب في اختيار من يمثله بكل حرية يمثل اسس الديمقراطية " مطالبا في هذا السياق بان تكون الاجراءات الهادفة لسحب هذه الحقوق دقيقة متطابقة مع التزامات تونس امام القوانين الدولية. افق التحالفات و يبقى السؤال الاهم ما هي نسبة بقاء التحالفات القائمة بعد عملية "الاستثناء"؟ سيناريوهات بالجملة قد تجيب على ما تقدّم من سؤال فالسيناريو الاول يمكن ان يتلخص في علاقة فتور بين حركة النهضة وشريكها في الحكم متمثلا في حزب المؤتمر بالاساس الذي يعد من ابرز الاحزاب الشرسة في الدفاع عن قانون تحصين الثورة في صيغته "الاولية". وبالرغم من سعي الحركة للتصويت بكثافة مع قانون تحصين الثورة فان حزب المؤتمر لن يغفر لحركة النهضة "تساهلها" في "تحصين الثورة" وذلك على عكس حزب التكتل الذي سيسعى الى ايجاد تبرير "سياسي" لذلك تحت عنوان المصلحة الوطنية ورفض الاقصاء. اما المستفيد الابرز من الاستثناء" فهو حزب نداء تونس الذي سيرفع في سقف شروطه مع بقية شركائه السياسيين ضمن تحالف " الاتحاد من اجل تونس" كما ان امكانية ترشح الباجي قائد السبسي لرئاسة الجمهورية كما هو معلن سيعيد بدوره خلط الاوراق داخل الحزب نفسه وسينهي كل اشكال" التقاتل " من اجل تمثيل الحزب والتحالف للانتخابات القادمة. كما يمكن ان ينهي "الاستثناء" كل مقولات التوريث داخل النداء لابن الباجي قائد السبسي. ومن المنتظر ان تشهد خريطة التحالفات تغييرا واضحا من شانه ان يفتح الابواب امام شخصيات وطنية جديدة ويغلق الابواب امام اخرى.