هل عجزت تفقديات الشغل عن ردع المخالفين؟ يوسف طرشون يطلق صيحة فزع    نابل ..تراجع صابة عنب التحويل بنسبة تتراوح بنسبة 25 و 30%    ترامب وبوتين في ألاسكا: من أرض روسية سابقة إلى مسرح لمباحثات السلام المحتملة    إيقاف مراقب جوي فرنسي عن العمل لقوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    دعوى قضائية أمام "الجنائية الدولية" بشأن استهداف إسرائيل للصحفيين بغزة    فرنسا وألمانيا وبريطانيا: سنفرض عقوبات على إيران إذا لم تعد للمفاوضات بحلول نهاية أوت    إدارة ترامب تتجه لإعلان "الإخوان المسلمين" جماعة إرهابية...    بطولة أمم إفريقيا للمحليين – السودان يكتسح نيجيريا برباعية ويتصدر مجموعته    طقس اليوم: أمطار مُنتظرة ببعض الجهات بعد الظهر والحرارة تصل إلى 39درجة    جمهور مهرجان صفاقس الدولي يعيش أجواء كوميدية مع مسرحية "بينومي S+1" لعزيز الجبالي    اليوم...الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمتاحف    ثمانية أمراض ناجمة عن قلة النوم    كرة القدم العالمية : على أي القنوات يمكنك مشاهدة مباريات اليوم الأربعاء ؟    ٍ3 ملاعب تونسية فقط مؤهلة لاحتضان مباريات المسابقات الأفريقية    برسالة مؤثرة للجماهير وزملائه.. دوناروما يعلن رحيله عن باريس سان جيرمان    نجدة TNخدمة رقمية لإنقاذ مرضى الجلطات القلبية في كل الولايات    تونس تودع فاضل الجزيري ... وداع على مسرح الابداع    أخبار النادي الإفريقي...عجز مالي ب 7 مليارات    القصرين: اصطدام بين شاحنة ثقيلة وحافلة على جسر سبيطلة    دعوة الى تلازم الذكاء الاصطناعي مع مقاصد الدين    عاجل/ وزارة الصحة تعلن نجاحها في تفعيل خدمات المركز الطبي عن بعد    عاجل/ مصر تعلن عن 15 شخصية فلسطينية ستُدير غزة ل 6 أشهر    وادي مليز: مهرجان شمتو للتراث والفنون بوادي مليز يحتفل بعيد المرأة    عضو بلجنة تنظيم مهرجان صفاقس يرفع شكاية ضد "نوردو"    حجز كميات كبيرة من الأجبان والزبدة محفوظة بطرق غير صحية بولاية جندوبة    توننداكس يتراجع مع إقفال الثلاثاء بنسبة 26ر0 بالمائة    تحذير لمستعملي الطريق السيارة أ3: أشغال صيانة بداية من الثلاثاء    وحدة جديدة للتقنيات الصيدلانية بالمستشفى العسكري بتونس...تفاصيل    وزارة التربية تطلق برنامجا وطنيا لتحديث البنية التحتية المدرسية استعدادا للعودة المدرسية    سمكة الأرنب السامة غزت شاطئ نابل.. خطر على صحة التوانسة!    القيلولة في الصيف : راحة ولا كسل؟ طبيب يفسّر الصحيح مالغالط    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    عاجل/ حادثة اختطاف طفلة 14 سنة من منزلها بالقيروان..تفاصيل ومعطيات جديدة..    عاجل: استئناف حركة المترو بصفة عادية بعد إصلاح العطب الكهربائي    ارتفاع درجات الحرارة يرجع بداية مالتاريخ هذا    وفاة المتسابق الإيطالي ماتيا ديبيرتوليس في دورة الألعاب العالمية    تونس تنظم من 22 الى 31 اوت بطولتي افريقيا للفتيان والفتيات للكرة الطائرة دون 16 سنة    الالعاب العالمية (شينغدو 2025): المنتخب التونسي لكرة اليد الشاطئية ينهي مشاركته في المرتبة السابعة بفوزه على نظيره الصيني1-2    القيروان: اختفاء غامض لطفلة في منزل المهيري    قابس: العثور على جثة شاب مفقود منذ أسبوع داخل بئر عميقة    إحباط محاولة تهريب 36 كلغ من مخدّر "الزطلة" بميناء حلق الوادي الشمالي    عاجل: دخول مجاني للمواقع الأثرية والمتاحف يوم 13 أوت    هزة أرضية جديدة ب4 درجات تضرب هذه المدينة    مساكن بأسعار رمزية ومنح تصل ل50%.. برنامج السكن الاجتماعي في تونس يقترب منك!    يهم التسجيل المدرسي عن بعد/ البريد التونسي يعلن..    تنبيه/ بحر مضطرب اليوم.. والحذر مطلوب عند السباحة..!    عاجل: 8 بطاقات إيداع بالسجن... اعترافات صادمة من التلميذ المتورط في فضيحة التلاعب بالتوجيه الجامعي    القهوة ''الكحلة'' مش للكل: 5 فئات لازم يبعدوا عليها..شكونهم؟    قضية التلاعب بالتوجيه الجامعي:إيقاف تلميذ راسب في الباكالوريا والعقوبة قد تصل إلى 80 سنة سجنًا    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    اتحاد الشغل: الهيئة الادارية الوطنية تدين الاعتداء على مقر الاتحاد وتتمسك بمقاضاة المعتدين    ابن الفاضل الجزيري يكشف عن وصية والده: الحاضرون في الجنازة باللون الأبيض    لأول مرة في إيران .. خلاف علني بين "الحرس الثوري" والرئيس بزشكيان    ابراهيم بودربالة يحضرعرض بوشناق في مهرجان سوسة الدولي    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    عاجل/ وزارة الصحة تحسم الجدل وتوضح بخصوص ما تم تداوله حول فيروس " Chikungunya "    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرط واحد لإنجاح الحوار.. دعوا شبابنا يتكلم ويعبر بلا ضوابط أو محددات!
بعد انطلاق الحوار مع الشباب:
نشر في الصباح يوم 02 - 04 - 2008

تونس الصباح: دشنت اللجنة الوطنية للاستشارة الشبابية، التي يرأسها السيد الصادق شعبان، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أشغال الاستشارة من خلال جلسات إنصات للشباب في جميع الولايات والمعتمديات، عبر حلقات نقاش تقرر أن لا تتعدى الأربعين شابا على أقصى تقدير،
في محاولة لحصر النقاش وتكريس هذه الجلسات للإنصات الفعلي لهؤلاء الشباب، بدلا من القيام بمحاضرات وتقديم دروس إليهم، مثلما حصل في مناسبات سابقة..
لقد اتخذت اللجنة الوطنية إجراءات لافتة للنظر، وفق ما يبدو إلى حدّ الآن من سير أعمال النقاشات والأسلوب المتبع فيها.. فقد حرصت على أن تكون حلقات النقاش موزعة على كامل تراب البلاد، من أجل أن تشمل الاستشارة جميع الأصناف الاجتماعية من الشباب، واتبعت خطوة ناجعة عمليا، حيث حددت لكل حلقة نقاش ثلاثة أو أربعة "مؤطرين"، يتولون إدارة النقاش وتوجيهه، بعد أن كانت الاستشارات من هذا النوع وغيره، يحضرها "جيش" من المسؤولين والمربين والجامعيين والمؤطرين و"المتخصصين" في الشأن الشبابي، إلى درجة أن الشباب الذي يفترض أن يناقش ويعبر عن رأيه، يقتصر حضوره على الإنصات لمحاضرات في الأخلاق والسياسة والثقافة والوطنية وغيرها، ليخرج من هناك غير مبال بهذا الحوار، بل غير مكترث للنتائج التي ستتمخض عنه، لأنه في النهاية لم يشارك في صياغتها أو تحديد وجهتها، بل التوصل إلى استنتاجات بشأنها، إنه ببساطة تامة، "استخدم" فقط لإجراء استشارة، ثم تكون النتائج في غير ما توقع أو انتظر، وهذا طبيعي، على اعتبار أن الحصاد لا يكون إلا بقدر حجم الزرع ونوع "المشتلة" التي تم غرسها..
غير أن الحوار الذي فتح مع الشباب، على خلفية الاستشارة الراهنة، يثير في واقع الأمر عدّة ملاحظات أساسية يمكن اختزالها في النقاط التالية:
++ فقد حرص السيد الصادق شعبان في تصريحاته الصحفية حول اتجاهات هذه الاستشارة، إلى التأكيد على أن المهم فيها ليس القضايا الحياتية، على غرار التشغيل وما يتعلق بالطموحات الذاتية للشباب على أهميتها بقدر ما يتركز الاهتمام على المسائل المستقبلية التي تخص تونس واتجاهها المستقبلي، في ضوء وجود حرص واضح على تحفيز الشباب على التفكير والانخراط في المسائل ذات الصبغة السياسية والثقافية والجمعياتية..
وإذا كان من المهم العمل على وضع حدّ لاستقالة الشباب عن النشاط السياسي، باعتبارها تضر بمصلحة البلاد المستقبلية، مثلما تضر بالأفق السياسي والثقافي والفكري للشاب التونسي، الذي يلاحظ المرء درجة التسطيح التي بات عليها في غضون السنوات القليلة الماضية، فإن من المهم أيضا، ليس الحديث عن السياسة والعمل الجمعياتي، بقدر ما يكمن الأمر في فتح مجالات العمل السياسي والانخراط في الشأن العام، وهو ما لن يتوفر إلا بجرعة إضافية من الحريات في المجالات الفكرية والثقافية والسياسية، حتى يكون للشاب هامش الاختيار وحرية تحديد وجهته وأسلوب انخراطه في الشأن التونسي.. إن شبابنا بحاجة إلى هوامش ومناخات للفعل الثقافي والسياسي، وليس إلى مجرد التعبير عن هواجسه، على أهمية فضاءات التعبير هذه، وأعتقد أن رئيس اللجنة الوطنية للاستشارة الشبابية، يدرك جيدا هذا المعطى..
++ لا شك أن لكل استشارة وطنية، اتجاهها وبوصلتها التي لا بد من تحديدها، حتى لا ينساق النقاش أو الحوار مذاهب شتّى بشكل يصبح من الصعب حصره، لكن لا ينبغي أن يؤدي ذلك أيضا، إلى "حصر" النقاش بصورة تضر بالهدف الأساسي للحوار مع الشباب، وهو إتاحة الفرصة له للتعبير عن وجهة نظره وأفكاره وأطروحاته.. إن ضبط عناوين دقيقة للحوار، معناه حصر التفكير الشبابي في زاوية محددة، لا ينبغي أن يتجاوزها، حتى وإن رغب في ذلك أو حمله الحوار إلى عوالم أخرى غير تلك التي حددت له..
فبدلا من أن نسأله عن هويتنا العربية الإسلامية الإفريقية المتوسطية، وكيفية تونستها، كان الأجدى أن نسأله عن نوع الهوية التي يريدها لبلاده.. وبدلا من أن نسأله عن "المظاهر الدخيلة عنا" في اللباس والعبادة والطقوس، كان يفترض أن نسأله عن رأيه في أشكال اللباس الموجودة، لكي نعرف بدقة اتجاهات تفكيره، ونوفر له خيارات أوسع للاختيار..
++ هل نحن نريد أن ننصت إلى الشباب فيما نريد أن نسمع (كنخب وكحكومة)، أم فيما يريد هو أن يتكلم ويتحدث ويعبر عن رأيه ؟ هل نريده حوارا "على الجاهز" ومن داخل الأجندا المعروفة، وبالتالي هو تكرار لمواقف وأفكار قديمة، أم حوارا منتجا بأتم معنى الكلمة.. منتج لنخب جديدة، وجيل جديد، ومقاربات جديدة، وأفق سياسي وثقافي جديد؟
من السهل اعتماد حوار على الجاهز، ينتهي من حيث بدأنا، بل ينتهي من حيث الدائرة التي نفكر فيها منذ سنوات عديدة، أما الصعب حقا أن نجعل من هذه الاستشارة الشبابية، نقطة بدء جديدة لمنظومتنا الفكرية والسياسية والمعرفية ولعلاقتنا بالمجتمع وبخيارات الحكم خلال المرحلة المقبلة.. إنه تحدّ لا مشاحة فيه.. صحيح أن اللجنة الوطنية المعنية بالحوار مع الشباب واعية على الأرجح بهذه المسائل، لكن المطلوب تحويل هذا الوعي إلى واقع عملي، فثمة فرق شاسع بين "الممكن الذهني" و"الممكن الواقعي"، على رأي العلامة عبد الرحمان ابن خلدون..
++ لقد عانى شبابنا من التهميش طوال عقود، وتعاملنا معه بمنطق "الخوف عليه"، الخوف من التسيّس ومن التطرف، فكانت النتيجة أن سقط جزء لا يستهان به في تيارات التطرف والإرهاب، فيما يعاني البعض الآخر من سلوكيات مائعة وماجنة، ويعيش قسم آخر بفكر مسطح ووعي هامشي غير مبال بما يجري من حوله، ولسان حاله يقول: "أخطا رأسي واضرب"..
ليس المهم أن نفتح نقاشا مع الشباب لمجرد فتح النقاش، أو إجراء استشارة وطنية لذاتها، وهو ما لا نعتقد أن اللجنة الوطنية أو رئيسها، السيد صادق شعبان، الذي يبدو شديد الحماس لهذا الحوار، يرغب في ذلك أو يفكر فيه مجرد التفكير، بل المهم أن نجعل من هذا الحوار بوابة لمصير مختلف عن حاضرنا، مصير ينحته شبابنا، الذي سيكون صانع القرار في المستقبل..
فلنوفر له فرصة التحدث بلا شروط أو قفازات أو ضوابط، فمن داخل ورشات التفكير هذه، ستنبجس أنهار من المواقف والأفكار والمقاربات التي ستكون بلا شك عناوين لما هو آت للخضراء..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.