لا يدرك الكثيرون من السكان معنى الصيف ووقعه على سكان الأرياف والجهات الداخلية بشكل عام. فهؤلاء يعيشون تحت وطء الحرارة الشديدة ورياح الشهيلي والعطش، إضافة إلى ما يتحملونه من مشاق العمل الفلاحي اليومي تحت لفح الحرارة في الحقول. فهم بأطفالهم ونسائهم وحيواناتهم يتكبدون يوميا صعوبات الحياة منذ طلوع الشمس وإلى غيابها، ويرضون في عديد الحالات بما قل من الماء والطعام، ولا منجد لهم سوى صبرهم على تحمل تلك الصعاب بما يملكونه من صبر وجلد وقوة عزيمة تحركها نسمات الليل التي تبدد لديهم تلك الحرارة الشديدة التي يتحملونها في توق من لسعات العقارب التي مازالت تداهم مضاجعهم بين الحين والآخر. هؤلاء السكان كثيرون في مناطقنا الداخلية المتعددة، تتناثر منازلهم على الربى وفي السهول والأحراش، رابطوا هناك منذ سنوات طويلة وكان يحدوهم أمل أن تمتد إليهم يد الحكومة وتوفر لهم ضروريات الحياة من ماء وكهرباء وطريق وغيرها من ضروريات الحياة، وقد يكون بعضهم قد تنفس الصعداء بالحصول على بعض هذه الجوانب الحياتية، لكن الكثيرين منهم مازال يترقب ويطالب ويسعى جاهدا إلى إبلاغ صوته إلى السلط لتوفر له ما يستحق للعيش. إن العديد من المواطنين الذين يهبون صيفا إلى الشطوط للتمتع بالبحر أو غيرهم ممن يعيشون في بحبوحة من رغد ما توفر لهم من مكيفات ووسائل نقل مكيفة وغيرها من مستلزمات الرفاه لا يدركون معنى ما يعانيه غيرهم من التونسيين الذين يرضون بالقليل ويعيشون على ما تجود به عليهم الطبيعة والأرض من بعض الغلال والماء ولا يعرفون للراحة والعطل الصيفية سبيلا بل تراهم يكابدون الصعوبات ليلا ونهارا رغم أنه من حقهم باعتبارهم تونسيون أن يتمتعوا بخيرات البلاد وأن يكون لهم نصيبا من الذي يتوفر لغيرهم من سكان المدن من كماليات الحياة على اختلاف أنواعها وأشكالها. إننا تقول هذا لنطلع الجميع على ظروف عيش بعض سكان تونس صيفا، ونود أن نذكر الجميع بأن تونس للجميع وعلى الحكومة أن تكون حكومة الجميع، وأن تولي سكان المناطق الداخلية مزيدا من الاهتمام بعيدا عن كل توظيف سياسي أو حسابات ضيقة، خاصة وأن هؤلاء يمثلون على الدوام رمزا للبعد الوطني الصرف وليست لهم حسابات خاصة، بل أن الذي يحركهم على الدوام هو حب تونس والأرض التي يعيشون عليها.