أعمال أسست لمرحلة ثرية في تاريخ الحركة الفكرية التونسية قالت الشاعرة فضيلة الشابي وقد سألتها "الصباح" عن شعور المبدع وهو يكرم في حياته وإذا كان هذا التكريم حافزا على مواصلة المسيرة أثناء حضور الحفل الذي نظمته وزارة الثقافة لتقديم إصداراتها لسنة 2013 ومن بينها مجموعة الأعمال الكاملة لهذه الشاعرة وذلك يوم السبت 15 جوان الجاري: " هذا التكريم هو تتويج لرحلة عمر شاقة مع القلم رغم ان رحلتي لم تنته مع الكتابة ورحلة الأديب هي رحلة عمر وحياة واحدة لا تكفي للمعرفة وإنما نحاول كل في مجاله أن نكون صادقين في ما ننتج وقد حان الوقت لمجتمعنا أن يعطي للفكر الأهمية التي يستحقها وللأدباء كلمتهم في الشأن العام في بلدنا فمع احترامي للمحامين والساسة وألاحظ ان المفكرين مغيبون وينبغي ان نوقف هذا الخطأ الفادح " وحفل تقديم إصدارات وزارة الثقافة لسنة 2013 هي بادرة جديدة حرصت الوزارة على تنظيمها احتفاء بالكتاب التونسي وتكريما لعدد من رواد حركة الأدب والنشر ممن كانت لهم مساهمة قيمة في الحركة الثقافية في تونس استحسنتها الشاعرة فضيلة الشابي واعتبرت انها لفتة كريمة قائلة:" أنا ممتنة وأود أن اشكر آسرة إدارة الآداب بمختلف أجيالها وخاصة السيدة راضية الكعبي وهادية المقدم وعبد الوهاب الدخلي ونبيهة بالعربي لما قدموه للثقافة التونسية من أعمال جليلة وتضحيات " وأضافت: " لقد دأبت وزارة الثقافة على نشر أمهات الكتب قصد التعريف بتاريخ وثقافة تونس ودورها في التجديد منذ القرن التاسع عشر وكان لي الشرف أنني أدرجت ضمن هذه النخبة من أدباء تونس بنشر أعمالي الأدبية كاملة وهذا أسعدني وأثلج صدري". مازالت تلاحق حلمها بإرساء رؤية شعرية وفضيلة الشابي شاعرة حاضرة في الساحة الثقافية التونسية والعربية منذ أكثر من أربعين سنة كتبت الشعر والرواية والقصة والشعر باللهجة العامية وأدب الطفل شعرا وقصة ترجمت بعضها بنفسها إلى اللغة الفرنسية أحرزت على عدة جوائز أدبية تونسية واسبانية ومازالت تلاحق حلمها بإرساء رؤية شعرية للعالم وتضمنت أعمالها الكاملة خمسة مجلدات صدرت عن دار محمد علي للنشر وهي: الشعر 1 و الشعر 2 والشعر العامي وأدب الطفل والسرد. بقية الإصدارات التي قدمتها وزارة الثقافة يومها هي الإعمال الكاملة لمحمد المرزوقي وقد قدمها للحضور الأستاذ رياض المرزوقي والأعمال الكاملة لزبيدة بشير وقد قدمها الشاعر نور الدين صمود والرسائل المتبادلة بين المختار بن محمود وأبو القاسم الشابي وقد قدمها الأستاذ هشام بن محمود ومدونة الإصلاح التونسي التي قدمها الأستاذ احمد خالد في جلسة نشطها الاعلامي رمزي المنصوري. بادرة تنصف وزارة الثقافة افتتح وزير الثقافة السيد مهدي مبروك هذا اللقاء الذي حضره عدد هام من المثقفين والمفكرين والأدباء والباحثين والناشرين وعائلات المحتفى بهم قائلا: انها البادرة الأولى التي تأتي لتنصف وزارة الثقافة وتبرز مساهمتها في إثراء حركة النشر التي تتطلب تدخلا عموميا خاصة في ما يتعلق بطبع ونشر الأعمال الكبرى على غرار مدونة الإصلاح في تونس." وابرز الوزير القيمة العلمية والتاريخية للأعمال المحتفى بها وقال انها مازالت إلى اليوم علامات مضيئة في تاريخ حركة الأدب والفكر فى تونس مشيدا بمساهمة الدار العربية للكتاب في إعادة طبع بعض هذه الأعمال (مدونة الإصلاح في تونس) بالرغم من الظروف المادية الصعبة التي تمر بها تأكيدا منها على أهمية التراث الإصلاحي وضرورة المحافظة عليه باعتباره مصدر الهام لأجيال قادمة من المفكرين المصلحين. وتضمن برنامج التظاهرة عدة مداخلات علمية تناولت اثر الأعمال المنجزة في حركة الإصلاح والأدب والنشر في تونس وإسهامات كتابها وروادها التأسيس لمرحلة متميزة ثرية وقيمة في تاريخ الحركة الفكرية التونسية. ساهمت في تأسيس حركة في غير العمودي والحر وقد جاء في تقديم الأستاذة فاطمة لخضر للشاعر فضيلة الشابي ان شعر هذه الأخيرة مختلف عن السائد وان عالمها الشعري شاسع ومذهبها فيه قائم على المراوحة بين الحكمة وصياغة البيانات الحارقة ضد كل أشكال وأساليب الرداءة وقالت: "فضيلة الشابي هي امرأة وديعة شامخة كالنخلة التي لا يمكن ان تنحني للعواصف.. هي شاعرة تبدع في صلب الرعب ولان الوضوح وهم كبير فهي تغوص دوما في ظلمة اللجج تطارد قصائد هاربة في أعماق الأكوان تحاذي العلم في أبعاده الفلكية، هي شاعرة تؤمن بان الفكرة أسرع من الضوء وتؤمن كذلك بان عالمنا العربي يتعرض من المحيط إلى الخليج لعملية "اخصاء " متواصلة لذلك تدعو دائما إلى النضال المستمر ليس من اجل تحرر الإنسان العربي فقط ولكن من اجل إطلاق الزمن العربي حتى نؤسس لثورة ثقافية تخترق الماضي والراهن على السواء اختراقا جارحا". أما في خصوص مجلد الشعر 2 لفضيلة الشابي فقد ذكرت فاطمة لخضر ان هذه الشاعرة أعلنت منذ ستينات القرن الماضي خروجها عن السائد من الأنماط الأدبية وأنها تفاعلت مع تيارات الشعر المعاصر مثل الطليعة الأدبية كما ساهمت في تأسيس حركة في غير العمودي والحر إلا انها انشقت عنها مؤسسة نمطها الخاص وقالت : "فمنذ ديوانها الأول "روائح الأرض والغضب " الصادر ببيروت سنة 1973 إلى آخر دواوينها تمكنت الشاعرة من بلورة رؤية شعرية للعالم. ومن تقديم ماهر دربال للشاعرة قرأت الأستاذة فاطمة لخضر: " ترسخت في ذاكرة أدب الأطفال أعمال سردية معروفة لها سلطة سردية آسرة مثل كليلة ودمنة، علاء الدين والمصباح السحري، السندباد البحري وسندريلا... وان كتابات فضيلة الشابي تبدو نموذجا متميزا لا ينبني على مخزون الذاكرة وإنما ينخلق من النسيان ويتولد من اختراق الكتابات السائدة.