يبدو ان الاستشارات والندوات والملتقيات أصبحت عبئا ثقيلا في ظل كثرتها والمبالغ المالية التي ترصد لها بعيدا عن متابعة حقيقية من شأنها أن تثبت مدى جدواها ونتائجها. الاستشارات وما أدراك ما الاستشارات "تجوب" البلاد شرقا وغربا وطولا وعرضا ..استشارات حول التنمية ..ثانية حول التشغيل..ثالثة حول السياحة..رابعة حول الطفولة ..وتنظم خامسة وسادسة وسابعة وعاشرة لتشخيص المشاكل وتسجيل الاقتراحات. وبين هذه وتلك تتعالى الاصوات وتتعدد التباينات والخلافات في رصد التجاوزات الى حد تطفو معه أحيانا التناقضات على سطح الأحداث ..تخصص الوزارات اعتمادات بمئات الملايين وفي نهاية المطاف ينطبق عليها مثل "تمخض الجبل فولد فأرا". يكاد لا يمر يوم واحد دون ملتقيات وندوات حيث تكتظ أجندات عديد المؤسسات بمواعيد على مدار الأسبوع وان اختلفت عناوينها وتنوعت مشارب ضيوفها والمشاركين فيها فانها باتت تطرح عديد التساؤلات ليس من حيث اعتماداتها الضخمة وانما حول جدواها. والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا جنينا من هذه الندوات اليومية والملتقيات الاسبوعية والاستشارات السنوية ؟ ..تبدو الاجابات واضحة لا تحتاج الى اجتهاد لان أغلبها لم تكن لها أية جدوى لأنها باختصار لم تفرز نتائج ايجابية ولم تترجم مقترحاتها على أرض الواقع حيث ظل اغلبها مجرد حبر على ورق وحبيسة الرفوف . وفي ظل "تخمة" الاستشارات والندوات والملتقيات التي ينطبق عليها مثل "الكثرة وقلة البركة" أو "تسمع جعجعة ولا ترى طحينا" أصبح من الضروري على مختلف الوزارات والهياكل العمومية اعادة النظر في هذه المسألة الهامة التي تحتاج الى عملية تقييمية دقيقة مع ضرورة ترشيد النفقات في هذا الجانب الذي من المفروض ان يكون مدروسا . انه من غير المعقول ان تصرف المليارات سنويا على ندوات أو استشارات لم نجن منها الا "وجع الرأس" في وقت كان يمكن فيه استغلال ولو جزء من المبالغ المرصودة له في الجانب التنموي ومعالجة مشاكل الجهات المهمشة والمحرومة. "حرام" أن تنفق احيانا مئات الاف الدنانير على ندوات تنظم في نزل فاخرة بعضها لا يتجاوز عدد الحاضرين فيه أصابع اليد في وقت نحن في أمس الحاجة لوضع حد لتبذير المال العام في ما لا يعني مما يحتم بلا شك على جميع الاطراف حسن التصرف في أموال المجموعة الوطنية وهو ما يعني ان هذه الندوات والملتقيات في حاجة الى غربلة دقيقة والاقتصار فقط على المواعيد المدروسة من مختلف الجوانب.