أثار تقرير دائرة المحاسبات حول الرقابة على العمليات المالية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات العديد من التساؤلات والتحفظات تمحورت حول توقيت عرضه وطريقته والتي كانت خلال ندوة صحفية بتاريخ 23 ماي الفارط. هذه التحفظات فنّدها عبد القادر الزقلي الرئيس الأول لدائرة المحاسبات خلال الندوة الصحفية حيث أكّد أن "العمل الرقابي الذي أنجزته دائرة المحاسبات عمل عادي وطبيعي التزمت فيه الدائرة بالإجراءات التي تفرضها دقة التحريات وشفافية التعامل وموضوعية الإستنتاجات وراعت عند أدائه الضوابط القانونية التي تحكم أداءها والمعايير المهنية المعتمدة من قبل المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة" مضيفا أن "الدائرة سعت إلى القيام بدورها بكل أمانة وتجرّد في هدوء ورصانة بعيدا عن التجاذبات السياسية التي ذهب بعضها إلى اتهام الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات بإهدار المال العام وسعى البعض الآخر إلى إحاطتها بمناعة تحصنها من كل خطأ وتجعلها فوق المساءلة". وقد ضمنت دائرة المحاسبات ملاحظاتها بوثيقة مكتوبة تم توزيعها خلال ندوة صحفية غير أن الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات توجهت بنقد شديد لهذه الوثيقة حيث تم التأكيد، مقارنة بالتقرير الرسمي للدائرة، بأنه تم اقتطاع العديد من الملاحظات من سياقها وبالتالي عدم مطابقة البعض منها مع ماهو وارد بالتقرير الرسمي مما يشي، كما ورد برد الهيئة "بوجود محاولة يبدو أنها مدروسة جيدا لخلق تداعيات التي لوحظت على فهم الرأي العام منها لتحقيق غايات أضحت معروفة وأثبتها تتالي الأحداث منذ التسريب الشهير الذي مثل ضربة البداية للتخلص النهائي من هيئة أزعج نجاحها في إنجاز مهامها العديد من الأطراف داخليا ودوليا". وبالعودة إلى الوثيقة التي وزعتها دائرة المحاسبات على الصحفيين قسمت الملاحظات إلى ملاحظات حول التنظيم الإداري والمالي وأخرى حول التصرف في الموارد البشرية والتصرف في الشراءات إلى جانب الجرد المالي وقد أكدت الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات في ردها على هذه الملاحظات أنه هناك الكثير من المغالطات شملت أيضا التدخل الإذاعي الذي أجراه الرئيس الأول لدائرة المحاسبات ب"موزاييك أف آم" يوم 24 ماي الفارط فيما يتعلق بالعجز في ميزانية الهيئة التي أكدت "أنها عند قيامها بإدارة الإنتخابات لم يكن لديها ميزانية أصلا إذ أن مواردها كانت تأتيها على دفعات يتمّ تنزيلها في حسابها بالبنك المركزي من قبل الحكومة في شكل تسبقات كلما طلبت ذلك" وبالتالي "لم تكن الهيئة تعلم بالتدقيق حجم المبالغ الجملية والنهائية التي تتطلبها العملية حيث أن أغلب التقديرات كانت تتم بناء على انعدام الخبرة والتجربة السابقة" لذا اعتبرت الهيئة أنه من "باب التضليل الحديث عن وجود ميزانية لأنه لم تكن هنالك ميزانية من الأساس ولم تتضح معالمها المذكورة إلا بعد انتهاء الإنتخابات بثلاثة أشهر عند اعداد القوائم المالية للهيئة". كما تمحورت إجابات الهيئة حول التقرير الموزع بالندوة الصحفية ارتكزت حول التصرف في الموارد البشرية حول الجرد المادي غير أنه الجدير بالذكر أن المرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 أقر إحداث "هيئة عمومية مستقلة" للإشراف على انتخابات المجلس الوطني التأسيسي دون توضيح الطبيعة القانونية لهذه الهيئة التي تتكون مواردها من اعتمادات تخصصها الدولة:هل هي مؤسسة عمومية إدارية خاضعة لمجلة المحاسبة العمومية أم مؤسسة عمومية غير إدارية ينطبق عليها نظام المحاسبة للمؤسسات أم هي تنظيم خصوصي تقتضي استقلاليته الإدارية والمالية إفراده بقواعد منفصلة عن منظومة التصرف في المال العمومي؟.